وجهت الحكومة المغربية انتقادات قوية الى هولندا متهمة إياها بالتدخل في الشأن المغربي على خلفية أحداث الحراك الشعبي في الريف. ويعد هذا التوتر حلقة جديدة من التوتر بين المغرب والاتحاد الأوروبي وبين هذا البلد المغربي ومع دول أوروبية على حدة مثل السويد وفرنسا وهولندا والأزمة الصامتة مع اسبانيا.
وتشهد العلاقات المغربية الأوروبية تراجعا، حيث فقدت الكثير من جودتها خلال الثلاث سنوات الأخيرة بسبب الاختلاف في ملفات مثل التبادل الزراعي والصيد البحري وحقوق الإنسان علاوة على الهجرة. لكن التراجع بدأ يزحف الى العلاقات الثنائية للمغرب مع دول أوروبية على حدة وليس فقط كتكل أوروبي.
في هذا الصدد، كان المغرب قد نبه في عدد من المناسبات هولندا بالكف عن التدخل في الشؤون المغربية وأساسا ملف الحراك الشعبي في الريف. لكن حكومة أمستردام تبرر متابعتها لما يجري في الريف وإنجاز تقارير يندد بالخروقات وخاصة الأحكام القضائية القاسية بوجود هولنديين من أصل مغربي وخاصة من الريف وبحكم علاقات الاتحاد الأوروبي بالمغرب. ولم ينتج عن لقاء وزيري خارجيتي البلدين في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي عن توافق في هذا الشأن.
وعمليا، يعتبر تدهور العلاقات بين المغرب وهولندا حلقة ضمن حلقات تدهور العلاقات مع دول أخرى خلال الثلاث سنوات الأخيرة. وكانت العلاقات قد تدهورت بين المغرب والسويد على خلفية موقف هذا البلد الأوروبي من الصحراء بدعم تقرير المصير بل التهديد باحتمال الاعتراف بالجمهورية التي أعلنتها جبهة البوليساريو. ومنذ ذلك التاريخ، تحولت السويد الى الناطق باسم مصالح البوليساريو في الاتحاد الأوروبي.
كما شهدت العلاقات مع المانيا برودة، وإن كانت لم تشهد التطور المطلوب، وذلك بسبب موقف المانيا من المغرب حيث تلمح الى تساهله مع الهجرة السرية. وعلمت جريدة القدس العربي أن الملك محمد السادس رفض تحديد تاريخ لزيارة المستشارة أنجليكا ميركل الى المغرب بسبب إلحاحها على معالجة الهجرة كموضوع رئيسي بينما جعلت باقي المواضيع الاقتصادية والسياسية ثانوية. وكان المستشارة الألمانية قد صرحت برغبتها زيارة المغرب لبحث مشكل الهجرة.
وتعد فرنسا دولة مركزية للمغرب بسبب ثقلها الاقتصادي في التبادل التجاري والاستثمارات في هذا البلد المغاربي، ونظرا لتحولها الى ناطق باسم مصالح المغرب وسط الاتحاد الأوروبي وكذلك الأمم المتحدة. لكن العلاقات تمر من أزمة خلال الشهور الأخيرة، ولم تصل الى مستوى أزمة 2014 بين البلدين، ولكن البرودة هي السمة الرئيسية. ومرد هذه البرودة الى تخفيف باريس دفاعها عن المصالح المغربية وسط الاتحاد الأوروبي، ثم انتقادات الاعلام الفرنسي ومنه الرسمي التابع للدولة للملك محمد السادس وفتح الجمعية الوطنية (البرلمان) لنشطاء الريف ومنح اللجوء السياسي لبعض المغاربة. وكان وزير الخارجية الفرنسي قد ألغى زيارة مبرمجة له الى المغرب نهاية سبتمبر الماضي دون الإعلان عن ذلك. وتؤكد عملية إلغاء الزيارة البرودة التي تمر منها العلاقات المغربية-الفرنسية.
ولا تمر العلاقات بين المغرب واسبانيا بمرحلة من الحوار والتفاهم بل عادت ظاهرة غياب الثقة ، ورغم إشادة اسبانيا بدور المغرب في محاربة الهجرة السرية، فهناك أصوات تتعالى متهمة السلطات المغربية بترك المهاجرين وخاصة الشباب مغادرة البلاد للتخفيف من الاحتقان الاجتماعي. وفي الوقت ذاته، لا تتفهم مدريد عدم تحديد الرباط تاريخا لزيارة كل من الملك فيلبي السادس ثم رئيس الحكومة بيدرو سانتيش الى المغرب.