“تاريخ الأطباق الطائرة في المغرب” هو كتاب صدر في فرنسا لمؤلفه جيرارد ليبات المهتم بهذا الموضوع، وقام برصد الحالات التي تحدث فيها مغاربة عن رؤيتهم لأجسام غريبة في السماء بما فيها وثائق للمخابرات الأمريكية عن المغرب. ويتناول ما طلبه الملك الحسن الثاني شخصيا من الإدارة الأمريكية لكي تقدم توضيحات له حول أجسام غريبة ظهرت في سماء المغرب سنة 1976.
الكتاب يقع في 150 صفحة وهو متوفر على الإنترنت للقراءة، وصدر منذ مدة وجرى تحيينه وتعزيزه بشروحات أكثر وحالات جديدة. والكاتب هو عضو باحث في مجموعة بحث الظواهر الجوية في فرنسا، وهي جمعية قديمة تضم سياسيين وعسكريين وكان من مؤسسيها الجنرال ليونيل ماك شاسان، المنسق العام للدفاع الجوي للحلف الأطلسي في أوروبا خلال الخمسينات.
المغرب مسرحا للأطباق الطائرة وسط صمت الصحافة
ويقدم صاحب هذا المؤلف تبريرا لكتابة الكتاب وهو ارتفاع مشاهدة الأطباق الطائرة في المغرب والصمت الذي يلف الموضوع وكذلك غياب جمعية من الباحثين تبحث في هذا الموضوع عكس ما يجري في الغرب من وجود جمعيات وهيئات رسمية يترأسها قادة عسكريون وعلماء في الفيزياء والفضاء. ويضيف أنه في الوقت الذي يشهد الغرب محاضرات حول الموضوع وصدر كتب وأخبار مستمرة في وسائل الاعلام، تحرص الصحافة المغربية على أخذ مسافة من الموضوع.
ويعتبر الكتاب المغرب مسرحا للعديد من ظهور الأطباق الطائرة منذ العشرينات. ويشير الى أن الفرنسيين الذين كانوا يعيشون في المغرب إبان الحقبة الاستعمارية تحدثوا عن مشاهدات لهم لهذه الأطباق أو أضواء غريبة. كما يستقي الكتاب شهادات عن أناس قرويين وقتها أو الآن يتحدثون عن أضواء وأجسام في السماء وينسبونها الى “السماء تفتح أبوابها” ويعدون ذلك حظا ويتمنون أشياء، وينسب آخرون تلك الأجسام الغريبة الى الجن والعفاريت.
أولى الحالات في المغرب سنة 1929
وينطلق الكتاب من عرض مختلف الحالات التي جرى تسجيلها في المغرب، وأغربها حالة قاض فرنسي من الدار البيضاء اسمه مارسيل كليرارك شاهد أجسام غريبة تطير في منطقة حيث يلتقي شارع مارسيليا وبوسكورة وقتها من الدار البيضاء خلال يوليوز 1929، وكان رفقته شقيقه الذي يعمل ربانا. في البدء اعتقدوا أن الأمر يتعلق بزيبلين ألماني، الطائرة التي شيدتها المانيا في الثلاثينات، لكن بعدما لمسا سرعة تلك الأجسان وكثرتها استبعدوا نهائيا أن يكون الأمر يتعلق بزيبلين. وشهادة هذا القاضي مسجلة في القيادة العسكرية للدار البيضاء، كما أوردها كتاب “أبواب أتلنتيدا” الصادر سنة 1976.
وعكس الفكرة السائدة بظهور الأطباق الطائرة سنة 1947، فالكثير من الكتب القديمة وصحافة الغرب ومنها الولايات المتحدة تتحدث ومنذ القرن الثامن عشر عن الأجسام الغريبة في السماء. ويرصد الكتاب مختلف حالات المغرب في الأربعينات والخمسينات.
المخابرات الأمريكية توثق للأطباق الطائرة في المغرب
ومن الحالات الشهيرة ما أوردته وكالة فرانس برس يوم 13 سبتمبر من سنة 1946 ويتعلق بظهور كرات نار وأجسام ضخم على شكل سيجارة في سماء مدينة طنجة، وهي الفترة نفسها التي ظهرت فيها الأجسام نفسها في سماء السويد، وشكل خبر السويد وقتها حدثا عالميا تناولته الصحف الكبرى مثل نيويورك تايمز. واعتقدت الولايات المتحدة أن الأمر يتعلق بصواريخ سوفياتية متطورة لغزو الدول الاسكندنافية. وكانت القوات الأمريكية قد استعملت طائرات استطلاع لرصد هذه الأجسام لكنها وقفت عاجزة أمام تفسير الظاهرة خاصة بعدما كان الشهود يتحدثون عن سقوط هذه الأجسام في الوديان. وكان المسؤول عن التحقيق الذي اهتم بحادثة طنجة كذلك هو روسكو هلكويتر الذي سيصبح لاحقا مدير المخابرات الأمريكية سي أي إيه.
وأول وثيقة أمريكية حول الأطباق الطائرة في المغرب تعود الى سنة 1952 وتحمل رقم REPORT NO. OO-W-23845 ، ورفع عنها السرية سنة 1976، وتتضمن تصريحات شهود رأوا في منطقة مشروع بلقصيري أجسام غريبة تطير بسرعة مذهلة. وأصدرت المخابرات الأمريكية أكثر من عشرة وثائق توثّق للأطباق الطائرة في المغرب سنة 1952 لأن نسبة المشاهدة كانت مرتفعة. والكثير من هذه الشهادات مصدرها ربابنة طائرات حربية لقواعد فرنسية أو أمريكية في المغرب، وتأخذ هذه الشهادات أهمية بحكم أن فضاء المغرب لم يكن مجالا لتجريب طائرات متطورة أمريكية، كما أن عملية وصف الطيران والمناورة الواردة في شهادة الربابنة لا تتوفر حتى في طائرات الشبح الأمريكية حاليا.
ويتضمن “الكتاب الأزرق” الذي أشرفت عليه القوات الجوية الأمريكية ما بين 1952-1969 لرصد حالات الأجسام الغريبة عدد من الحالات ما بين سنتي 1952-1954 في المغرب وخاصة في جهة الدار البيضاء حيث كانت توجد القاعدة العسكرية النواصر. والكتاب يسرد حالات ويؤكد هل استطا تفسيرها أم لا، وأغلب حالات رؤية الأجسام الغريبة في المغرب التي شاهدها الطيارون الأمريكيون تحمل تعليق “لم يتم تفسيرها”.
الحسن الثاني والأطباق الطائرة
بعد مرحلة الاستقلال لم تعد هناك وثائق رسمية تتحدت عن مشهدة الأطباق الطائرة، لكن الصحافة كانت تنشر بين الحين والآخر أخبارا عن الموضوع، وتستمر حتى وقتنا الراهن ولكن باحتشام شديد. وتستمر المؤسسة العسكرية في رصد جميع حالات مشاهدة الأطباق الطائرة وتحيل بعضها على البنتاغون.
ومن الوثائق الرسمية القليلة، وثيقة أمريكية كشفت عنها جميعة ويكليكس، وتحكي كيف أرسل الملك الحسن الثاني خلال سبتمبر 1976 الكولونيل حسني بن سليمان الذي سيصبح لاحقا جنرالا الى السفارة الأميكية وبحث مع السفير روبر أندرسون ظهور أجسام غريبة في مختلف مناطق المغرب.
وقدمت الولايات المتحدة للملك الحسن الثاني تفسيرا أن تلك الأجسام قد تكون تفكك قكرا اصطناعيا سوفيايتا، لكن الحسن الثاني لم يقتنع بحكم أن الأجسام ظلت في سماء المغرب تطير لمدة ثلاثة أيام وفي مناطق مختلفة، ولا يمكن أن تكون لقمر اضطناعي قطره لا يزيد عن 20 مترا.
وكان صاحب هذا الكتاب قد أعلن عبر شبكة الإنترنت اهتمامه تلقي شهادات الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا قد شاهدوا الأجسام الغريبة “الأطباق الطائرة” أو تلك التي على شكل سيجارة. وعمليا تلقى الكثير من الشهادات بل صورا لأجسام في سماء المغرب وأحالها على عدد من المختصين في الظواهر الجوية ومنها حالة مواطن وابنه شاهدا سنة 2007 طبقا طائرا في شاطئ مرتيل بمنطقة تطوان يطير على مستوى منخفض من سطح البحر. وجاء الاهتمام بهذه الحالة نظرا للوصف الدقيق الذي قدمه هذا المغربي، كما أن له مستوى ثقافي وعلمي سمح له بفهم الظاهرة والاعتقاد بأن الأمر لا يتعلق بطائرة عادية.
وتعتبر الأطباق الطائرة من المواضيع الشيقة التي يجري بحثها بين العلن والصمت. وتعترف دول مثل التشيلي أن أجواءها عرضة لأجسام طائرة قد تكون من عالم آخر، بينما تلتزم الولايات الصمت، وتدعو فرنسا الى ضرورة اهتمام البشرية بالموضوع. وتولي المؤسسات العسكرية للدول الكبرى اهتماما كبيرا لهذه الظاهرة.
وتأخذ البشرية وعيا بهذا الموضوع، وهو ما جعل مراكز علمية وجامعات أمريكية كبيرة تولي الأمر اهتماما . والمغرب ليس بمنآى عن الظاهرة، فهي ليست مقتصرة على لاغرب وحده، بل حالات تؤرخ لها ومنذ العشرينات، ويبقى الفارق هو تفادي الصحافة الحديث عن معالجتها.