وُصف ميناء مدينة طنجة في الماضي بأنه “أرض دولية” لأنه كان مركز المشردين والنازحين وغير بعيد عن المكائد التي كانت تحيكها القوى الدولية في المدينة (عندما كان المغرب يخضع للاحتلالين الفرنسي والإسباني في النصف الأول من القرن العشرين، كانت طنجة هي مقر البعثات الدبلوماسية في المغرب وتحظى بوضع دولي).
لكن الآن أقيم الميناء على بعد 13 كيلومترا من المدينة وهو لا يزال محط عبور بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبحثون عن اللجوء أو عن فرص حياة أفضل.
لقد أصبح المغرب بحكم موقعه الجغرافي في القارة السمراء وقربه الشديد من القارة الأوروبية يمثل إحدى الطرق الرئيسية التي يسلكها المهاجرون القادمون من منطقة جنوب الصحراء الكبرى في اتجاه أوروبا، وقد تكون الرحلة بالنسبة إلى بعض هؤلاء رحلة مميتة.
يمنح الاتحاد الأوروبي ملايين اليورو للحكومة المغربية من أجل حماية حدود المغرب مع الاتحاد الأوروبي.
لكن منظمات غير حكومية تعمل في المغرب وثقت حالات شملت انتهاكات جسيمة لحقوق الأفارقة الذين يحاولون الهجرة إلى أوروبا.
سافرت إلى المغرب منتحلا صفة سائح لكي أقف على كيفية حدوث الهجرة غير القانونية.
لكن التصوير في المغرب يحتاج إلى الحصول على إذن من السلطات المعنية. قدمت طلبا بهذا الشأن منذ أسبوع لكن السلطات لا تزال تطلب “مزيدا من الوقت لتنظيم التصوير”.
ليس من السهل أن تقع عينك على المهاجرين الأفارقة في طنجة لأنهم يستوطنون الشوارع الخلفية من المدينة ويعيشون حياة الليل.
رتبت لقاء مع مجموعة من المهاجرين الأفارقة يتكونون من 12 شخصا يسكنون في غرفة واحدة بمنزل من الطوب. التقيت بإبراهيم من زامبيا.
يقول إنه لاجئ سياسي وقد حاول قبل ثلاثة أشهر شأنه شأن المهاجرين الآخرين ركوب قارب والإبحار باتجاه إسبانيا.
يضيف إبراهيم قائلا “جدفت لمدة ثلاث ساعات واتصلت بالسلطات الإسبانية طلبا للمساعدة لكنها استدعت السلطات المغربية من أجل إنقاذي”.
زعم إبراهيم أن ما حدث معه فيه انتهاك لحقوق الإنسان لأنه كان في المياه الإقليمية الإسبانية وكان على السلطات الإسبانية أن تبت في طلبه لا أن تعيده إلى المغرب.
إن ترحيل المهاجرين بدون مراعاة حالاتهم الفردية وإعادتهم إلى بلد لا يضمن سلامتهم الشخصية يعد خرقا لميثاق جنيف الموقع عام 1951.
نجح ألف من المهاجرين في العبور بطريقة غير قانونية إلى أوروبا خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي.
هجرة غير قانونية
ويواجه المهاجرون في رحلة العبور البحرية الشرطة الإسبانية ووكالة تابعة للاتحاد الأوروبي معنية بالهجرة تسمى “فرونتكس”.
ذكرت هذه الوكالة أن عدد المهاجرين غير القانونيين الذين عبروا إلى أوروبا السنة الماضية هو 72,437 لكن أرقامها لا تشمل المهاجرين الذين قضوا وهو يحاولون العبور.
لكن خط الدفاع الأول بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي يوجد هنا في المغرب ولهذا يغدق عشرات الملايين من اليورو من أجل إيقاف سيل المهاجرين ومنعهم من الوصول إلى الأراضي الأوروبية.
هناك نحو 20 ألف مهاجر أفريقي يعيشون في ظل ظروف قاسية بالمغرب.
وفي هذا السياق، يقول مهاجر آخر من السنغال ويسكن مع إبراهيم في الغرفة “بسبب وجود العنصرية هنا (المغرب)، يجدر بالأوروبيين أن يسمحوا لن بالعمل في المصانع الأوروبية والاحتكاك بهم. لكن هنا (المغرب) لا نجرؤ حتى على لمسهم (المغاربة) رغم أننا جميعا أفارقة”.
تقول منظمة أطباء بلا حدود إنها عالجت أكثر من 600 مهاجر أفريقي أصيبوا بجروح عندما كانوا يحاولون العبور إلى إسبانيا عام 2012.
وتضيف المنظمة قائلة إن “أغلبية المهاجرين بصفتهم مهاجرين غير شرعيين يعيشون في خوف دائم من الاعتقال والتعرض للعنف والإساءة والاستغلال من طرف قوات الأمن المغربية والعصابات الإجرامية”.
وتواصل المنظمة قائلة إن “منتهكي الحقوق يعيشون في مأمن من المتابعة القانونية لأن ضحاياهم يعاملون كمجرمين ولا يحظون سوى بحماية محدودة أو لا حماية إطلاقا من قبل الدولة المغربية”.
وتصف المنظمة مستويات “صادمة” من العنف الجنسي يستهدف المهاجرين.
وكلما شدد الاتحاد الأوروبي سياسته تجاه الهجرة غير القانونية في وجه الأفارقة، فإنهم يشعرون أكثر فأكثر أنهم عالقون في المغرب.
لكن الرغبة في الوصول إلى أوروبا تظل قاسمهم المشترك مهما كان الثمن الذي يضطرون إلى دفعه.