أصدرت وزارة الاتصال المغربية بيانا تنتقيد فيه العشرات من المنظمات الدولية التي تضامنت مع اعتقال مدير الموقع الرقمي لكم، الزميل علي أنوزلا.
وبيان التضامن الدولي صادر عن منظمات دولية مختصة في الاعلام مثل مراسلون بلا حدود التي تتوفر على ترسانة من الأبحاث والخبراء الذين يفرقون جيدا بين الاعلام والتحريض عكس ما تدعيه وزارة الاتصال.
وفي الوقت الذي يوجد اتفاق عالمي أن أشرطة المنظمات الإرهابية تتضمن تحريضا على العنف والإرهاب باستثناء عندما تعلن عن هدنة أو الاعلان عن حل نفسها، فإشكالية الزميل أنوزلا تتعلق بالحق في الإعلام أم لا. ويجمع خبراء الدول الديمقراطية، حيث لا يوجد توظيف لقوانين الإرهاب لتصفية الحسابات، أن وسائل الاعلام من حقها نشر أشرطة التنظيمات الإرهابية.
بيان وزير الاتصال مصطفى الخلفي لم يقدم ولو مثالا واحدا من الدول الديمقراطية جرى فيها اعتقال صحفي بتهمة نشر شريط أو رابط شريط لتنظيم إرهابي. ولعل المثال البارز أنه لم يشرح بيان وزير الإعلام للرأي العام المغربي لماذا ترفض اسبانيا حتى الآن فتح تحقيق ضد جريدة الباييس التي كانت سباقة في الشريط نفسه الذي جرى اعتقال أنوزلا بسببه علما أن قانون الإرهاب الإسباني متطور للغاية مقارنة مع المغربي. في الوقت ذاته، لم تشرح للرأي العام لماذا لم تعتقل النيابة العامة الفرنسية وسائل الاعلام الفرنسية التي نشرت يوم 16 سبتمبر الجاري شريطا للقاعدة حول اختطاف رهائن فرنسيين ثم نشر معظم وسائل الاعلام الأمريكية أشرطة تنظيم القاعدة بما فيها من تهديد للمصالح الأمريكية.
وحاول بيان الوزارة تغليط الرأي العام مستشهدا بمؤتمر فيينا، وتوصيات مؤتمر فيينا حول الإرهاب والإعلام تجعل الوزارة في موقف مضحك للغاية، وتقول توصية المؤتمر ما يلي:
“ينبغي احترام دور الإعلام كأداة رئيسية لتحقيق حرية التعبير وتوعية الجمهور في كافة قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف. للجمهور حق المعرفة الأعمال الإرهابية التي ترتكب أو المحاولات الإرهابية ولا ينبغي معاقبة وسائل الإعلام بسبب تقديم تلك المعلومات”
نص البيان:
على اثر البيانات الصادرة عن بعض المنظمات والجمعيات الحقوقية والمهنية، بخصوص البحث القضائي الجاري مع المسؤول عن الموقع الإلكتروني “لكم”، حول نشر رابط يحيل على شريط منسوب إلى ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، يتضمن تهديدات إرهابية مباشرة ضد المغرب ومواطنيه ومؤسساته، يهم وزارة الاتصال أن تدلي بالتوضيحات والتصحيحات التالية:
1 – تؤكد الوزارة أن أساس هذه القضية وجوهرها، يتعلق بشريط من حوالي41 دقيقة، منسوب إلى ما يعرف بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، يمجد الإرهاب ويدعو إليه، ويشكل تهديدا مباشرا لاستقرار المغرب، وأمن مواطنيه وسلامة ممتلكاتهم. ويكفي الإطلاع المباشر على الشريط، للتأكد من خطورة مضامينه، الأمر الذي حذا بأكثر من مؤسسة إعلامية، إلى سحب الشريط المذكور، بمجرد الإطلاع على حقيقة فحواه، والتأكد من خطابه التحريضي ومضمونه الإرهابي؛
2 – تؤكد أن الدفاع عن حرية التعبير، يجب ألا ينسينا خطورة مضامين الشريط التحريضية بشكل مباشر على الإرهاب، وهو ما لم تتخذ هذه الهيآت، وبكل أسف، أي موقف حاسم وواضح للتنديد بها. ويتعين التنبيه أن الابتعاد عن جوهر القضية، المتمثل في المضمون الإرهابي للشريط، من شأنه أن يؤثر سلبا على مواجهة الإرهاب والمحرضين عليه؛
3 – ترى الوزارة أن هناك حاجة ملحة اليوم، إلى وجوب التمييز الواضح والحاسم، بين حرية التعبير وحق المجتمع في الخبر، وبين السقوط في التحريض على الإرهاب أو نشر التحريض عليه، وهو التمييز المفتقد في موقف هذه الهيآت، بالحسم والقوة المطلوبتين؛
4 – تذكر بأن هذه الهيآت، سبق لغالبيتها التوقيع على إعلان فيينا حول “الإرهاب، الإعلام والقانون”، والذي أكد على أن الحرية الأساسية للإعلام في مجال التغطية الإعلامية للإرهاب مضمونة، بشرط عدم التحريض على الإرهاب بشكل متعمد. نفس الإعلان أكد على دور القضاء في تطبيق التشريع المضاد للإرهاب، مع العلم أن العديد من هذه الهيآت نفسها، سبق لها أن وافقت على هذا الإعلان، والذي اعتمد خلال الندوة المنظمة، في أكتوبر 2009، من طرف المعهد الدولي للصحافة والمركز الدولي للدراسات القانونية، بدعم من المنظمة الأوروبية للأمن والتعاون، ومن ضمنها منظمة الفصل 19، ومراسلون بلا حدود، وهيومن رايتس ووتش، وتستغرب الوزارة من عدم احترام مقتضيات هذا الإعلان في الموقف الحالي لهذه الهيآت؛
5 – تذكر وزارة الاتصال مجددا، أن ملف المسؤول عن الموقع الإلكتروني “لكم” العربي، هو معروض حاليا على القضاء، الأمر الذي يجعل السلطة التنفيذية، تمتنع عن أي تدخل في مساره القانوني، ويوجب عليها التحفظ حفاظا على استقلالية القضاء؛
6 – إن الوزارة، إذ تقدر اهتمام هذه الجمعيات والمنظمات بالمغرب عامة، وبموضوع الإعلام خاصة، تسجل اختلافها العميق مع هذه الهيآت، بشأن تقييم وضع حرية الصحافة وحقوق الإنسان بالمغرب، حيث قدمت هذه الهيآت تقييما لا يأخذ بعين الاعتبار، التقدم الذي شهده هذا المجال ولا يزال، بدءا بالدستور الجديد الذي كرس حرية الصحافة وحق الوصول إلى المعلومة، ووصولا إلى مشروع مدونة الصحافة الذي انطلق إعداده بطريقة تشاركية مع المهنيين، ناشرين وصحفيين، وذلك بغاية إنجاز مدونة للصحافة، حديثة وتخلو من العقوبات السالبة للحرية، وتقوي من دور القضاء، وهو الورش القانوني الكبير الذي يواكبه تطور إيجابي على مستوى الممارسة، بحيث أنه خلال سنة 2012، لم تسجل أية حالة سجن للصحفيين، أو مصادرة أي جريدة وطنية، أو إغلاق أي موقع إلكتروني، إضافة إلى تراجع عدد قضايا الصحفيين المعروضة على القضاء. كما عرفت السنة الحالية تعزيزا مهما في اعتماد مبدأ التنوع واحترام التعددية في الإعلام العمومي، وتوسعا متناميا في عمل ونشاط الصحافة الأجنبية والوكالات الدولية في المغرب.