أصدر مجموعة من الصحافيين المغاربة بيانا يتضامنون فيه مع رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم سليمان الريسون، وذلك بدون الانسياق وراء روابط مهنية، ويطالبون بمحاكمة عادلة في ملفات يشوبها الكثير من اللبس بسبب توظيف اتهامات جنسية ضد أصحاب الكلمة الحرة.
وبعدما سرد البيان المضايقات والمحاكمات التيىتعرض لها عدد من الصحافيين المغاربة مثل هشام المنصوري وتوفيق بوعشرين وحميد المهداوي، ووقع على البيان عدد من الصحافيين منهم علي المرابط وأبو بكر الجامعي وعايدة العلمي وهشام المنصوري وحسين مجدوبي وعمر الراضي وعلي أنوزلا وعمر البروكسي وجمال بودمة وحنان باكور ضمن آخرين.
بيان صحافيات وصحافيين مغاربة
يتابع الصحافيون بقلق بالغ منذ تاريخ 22 من شهر ماي الماضي، ملابسات وتفاعلات توقيف ثم اعتقال الزميل الصحافي سليمان الريسوني رئيس تحرير يومية “أخبار اليوم” من أمام منزله في مدينة الدار البيضاء، وإيداعه السجن الاحتياطي على ذمة التحقيق للاشتباه في ارتكاب أفعال ” هتك عرض بالعنف” و “الاحتجاز” حسب تكييف النيابة العامة.
وإذ آثر الصحافيون/الصحافيات المغاربة الموقعون على البيان عدم الانسياق إلى ردود أفعال متشنجة أو اصطفافات تبنى على روابط مهنية أو شخصية أو أنماط حياة أو هويات جندرية أملا منهم في أن تبقى هذه القضية في إطارها الطبيعي كتحقيق قضائي بشأن واقعة تهم مواطنين مغربيين، بما يمليه عليهم ضميرهم وواجبهم المهني من التزام بالموضوعية والحياد وتعامل مع الوقائع وليس الافتراضات، ووعي بضرورة حفظ حقوق جميع أطراف هذه القضية، فإنهم سجلوا وللأسف الشديد، تواتر وتكرار عدد من الممارسات والوقائع والتحركات التي تطرح علامات استفهام كبيرة وشكوكا جدية حول طبيعة هذا الملف، وإذا ما كان الأمر يتعلق فعلا وفقط بإنفاذ القانون.
وفي هذا الصدد، يود الصحافيون/الصحافيات الموقعون على البيان إثارة انتباه الرأي العام الوطني والدولي إلى ما يلي :
–إن الطريقة التي تم بها اعتقال الزميل سليمان الريسوني تعسفية وتشوبها خروقات واضحة، كما أن قيام الشرطة القضائية ببحث تمهيدي حول أفعال منسوبة لأي مواطن، لا تخول لها بأي شكل من الأشكال في غياب الطابع التلبسي إلقاء القبض عليه بدعوى الامتثال للتحقيق، كما نذكر أن الزميل سليمان الريسوني كان ولا يزال يتوفر على جميع الضمانات للامتثال للمساطر والإجراءات القضائية الجاري بها العمل في مثل هذه القضايا، كما أن الاعتقال الاحتياطي في الأصل يعتبر تدبيرا استثنائيا.
–إن الأفعال المنسوبة للزميل سليمان الريسوني بناء على تدوينة مواطن مغربي حول وقائع يفترض أنها حصلت وتعود لسنتين خلت، لا زالت وإلى الآن تعوزها القرائن والدلائل وهو ما تثبته إحالة الملف على قاضي التحقيق، كما أنها –الوقائع– في حاجة إلى إجراء تحقيق عميق ومفصل ودقيق ومتأن يتسم بالنزاهة والاستقلالية بعيدا عن التأثيرات الخارجية والضغوط المختلفة والحسابات المسبقة والانطباعات الشخصية.
–إننا وإلى حدود هذه المرحلة من التحقيق في هذه النازلة، نوجد أمام روايتين للأحداث موضع المزاعم المذكورة، وبالتالي أمام مشتبه به ومصرح، ونستغرب إصرار بعض الجهات الحقوقية على الحديث عن “مجرم” و “ضحية” بهذا اليقين وبمنطق “مهنة الشياطين” و“مجتمع الملائكة” دون أدنى احترام لقرينة البراءة، في محاولة لا تخطؤها العين لتضليل الجمهور وتهييء مناخ موات لتقبل إدانة رئيس تحرير يومية “أخبار اليوم“.
–إننا وإذ نستنكر بشدة التصريحات المحرضة على الكراهية والمشهرة بالمصرح وميولاته الجنسية واختياراته الشخصية، نذكر الرأي العام بأن الزميل سليمان الريسوني كان وما زال ومنذ تفجر هذه القضية وخروجها إلى الرأي العام، الطرف الأضعف في هذه القضية غير المتكافئة، فهو من انتهكت حقوقه واستبيحت حياته الشخصية بالوصم والتشهير بشكل ممنهج ومنسق قبيل وبعد توقيفه سواء من طرف منصات إعلامية معروفة بأنها خاضعة لحماية للسلطة بل وتوجيهاتها، أو أفراد محسوبين على الوسط الحقوقي، سواء في الفضاء العام أو الخاص.
– نستغرب ما ورد في بيان منسوب إلى المصرح الذي يقدم نفسه كناشط حقوقي كذلك، وصدر بتاريخ 3 يونيو من إشارات وتلميحات يقصد بها الصحافيين، وما وصفه البيان على أنه “محاولات لجعل المشتكى به فوق دائرة القانون، وخارج دائرة المساءلة عما يرتكبه من تجاوزات وانتهاكات لمجرد كونه صحافي“.
ونجدد التأكيد مرة أخرى، بأن مطالبنا كصحافيين كانت منذ بداية هذا التحقيق وستظل منحصرة في عدم معاملة أي طرف من الأطراف معاملة تفضيلية وتمييزية سواء على أساس مهني أو اختيار جنسي، وكذا رفض إقحام واستغلال ملف “الأقليات الجندرية” من طرف الدولة أو من يدور في فلكها تحت غطاءات وقبعات متنوعة لتصفية الحسابات والتجييش والانتقام من الزميل سليمان الريسوني بسبب ما يخطه من كتابات نقدية وآراء قوية مزعجة لجهات واسعة داخل أجهزة الدولة.
–إن محاكمة الرأي العام التي يتعرض لها المواطن المغربي سليمان الريسوني والماسة باعتباره الشخصي من طرف صحافة صفراء وجهات محسوبة على الجسم الحقوقي سارعت لإدانته ومهاجمة منظمات حقوقية ذات مصداقية وطنية ودولية طالبت بتوفير شروط محاكمة عادلة وإقامة تحقيق نزيه واستنكرت الخروقات التي شابت اعتقاله، علاوة على محاولات أطراف من هيئة دفاع المصرح توسيع دائرة المشتكين عبر الاتصال بمواطنة لا تربطها أي علاقة مع المشتبه به على أساس أنها ضحية مفترضة، وهو ما ذهب إليه ومع الأسف المصرح أيضا، كلها معطيات تزيد من تعميق شكوكنا السابقة حول شبهة الاستعمال السياسي لهذه القضية، فيما نخشى أن يكون استمرارية لمسلسل مستمر في الزمان لاستهداف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان المخالفين أو المنتقدين للسلطة بتهم ذات طبيعة جنسية، والتي أصبحت أسلوبا ونمطا قائم الذات.
– وفي هذا السياق، ننبه الرأي العام إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال صحافيين/صحافيات بذرائع وتكييفات أخلاقية، ويحدث أن يكون لهؤلاء الصحافيين (ت) أو المؤسسات الإعلامية التي يشتغلون فيها مواقف وآراء نقدية لا تعجب السلطات، وتسبقها وتتبعها حملات تشهير أو مضايقات، وتشوب عملية اعتقالهم أو التحقيقات خروقات عديدة، ونستحضر بهذا الخصوص:
* اعتقال الصحافي هشام المنصوري سنة 2015 واقتحام منزله وتعنيفه وتجريده من ملابسه دون تقديم أية مذكرة اعتقال قبل إدانته بعشرة أشهر سجنا نافذا بتهمة “المشاركة في “الخيانة الزوجية“.
* اعتقال مدير نشر يومية أخبار اليوم توفيق بوعشرين المحكوم بعقوبة 15 سنة سجنا بعد مداهمة مقر الجريدة بناء على شكايات متعلقة باعتداءات جنسية دون توجيه استدعاء إليه. وقد قال رأي صدر لاحقا عن الفريق الأممي الخاص بالاعتقال التعسفي، إن إجراءات محاكمته كانت ظالمة، وأن حقوقه قد انتهكت.
*اعتقال الصحافية في يومية “أخبار اليوم” هاجر الريسوني سنة 2019 وخطيبها بعد خروجهما من عيادة طبية وإدانتها بتهم “الإجهاض غير القانوني” و“الفساد” قبل أن تستفيد من عفو ملكي استثنائي. قالت السلطات المغربية حينها إن اعتقالها لم يكن مبرمجا وحصل عن طريق الصدفة، كما شنت صحافة معروفة بقربها من الأجهزة الأمنية حملة تشهير تستهدف الحياة الخاصة لهاجر الريسوني ومحيطها العائلي والجريدة التي تشتغل فيها، وكذلك عمها سليمان الريسوني الذي يشغل رئيس تحرير اليومية المستقلة، كما أجبرت السلطات الصحافية على الخضوع لفحوص طبية تم تسريب نسخ منها إلى منصات إعلامية معروفة بقربها من أجهزة أمنية.
الصحافيون ليسوا أبدا فوق القانون، ولا يقول بذلك إلا أصحاب النوايا السيئة، والصحافيون كانوا ولا يزالون مؤمنين بأن المواطنين متساوون أمام القانون، لكنهم في الوقت نفسه يرفضون الانتقائية المفضوحة التي يجري بها التعامل مع ملفات يوجد الصحافيون طرفا فيها قياسا بملفات من ذات النوع والطبيعة والاتهامات، وحيث إن قانونا واحدا يحكم بين المغاربة جميعا، نرى أنه من التمييز الصريح التعامل بتشدد أو استثنائية مع ملفات الصحافيين في مقابل إعمال المرونة والتخفيف في قضايا مشابهة.
والصحافيات/الصحافيون الموقعون على هذا البيان، وإذ يسجلون هذه الملاحظات كاملة على مجريات هذا الملف منذ توقيف الصحافي سليمان الريسوني إلى تاريخ صدور هذا البيان، يرون أن من واجبهم التعبير عما يلي :
–إيماننا الراسخ بأن لا أحد فوق المساءلة، وبمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وأنه من حق جميع المواطنين اللجوء إلى القضاء طلبا للإنصاف والعدالة.
–مطالبتنا بحماية حقوق الصحافي سليمان الريسوني كاملة، وبالإفراج الفوري عنه ومتابعته في حالة سراح ضمانا لقرينة البراءة و للمساواة بين أطراف الدعوى، وتمكينه من تقديم وسائل وأدلة دفاعه وهو حر علما أن الحبس الاحتياطي يعتبر تدبيرا استثنائيا فقط. ونحن ندعو إلى تصحيح هذا الوضع، نؤكد أن المعني بالأمر يحقق جميع الشروط ويتوفر على كل الضمانات للامتثال للإجراءات القضائية والقانونية التي يجري بها العمل.
–تأكيدنا على ضرورة التحقيق النزيه الذي قد يفضي إلى المتابعة كما قد يفضي إلى عدم المتابعة، وكذا ضمان شروط المحاكمة العادلة، بعيدا عن منطق محكمة “الرأي العام“.
– تشديدنا على ملحاحية وراهنية سؤال استقلال السلطة القضائية وأجهزة إنفاذ القانون عن أي تأثيرات أو ضغوط أو توجيه.
–تنديدنا بما سبق ووضحناه من شبهات الاستغلال السياسي لهذه القضية على غرار قضايا سابقة مماثلة لتصفية الحساب مع الأصوات النقدية داخل الجسم الصحفي، وبالخصوص مع صحيفة “أخبار اليوم” التي لا زالت ومنذ سنوات عرضة لشتى أساليب التضييق ومحاولات إخراس صوتها.
–رفضنا لحملات التحريض والتشهير بالمصرح واستهدافه بسبب ميولاته الجنسية، وإذا كنا نستغل هذه المناسبة لتجديد الدعوة إلى إلغاء جميع القوانين التي تميز بين المواطنين على أساس الميولات أو الهويات الجنسية، فإننا نذكر الرأي العام أن منصات إعلامية متخصصة في التشهير وتحظى بالحماية كانت أول من بادرت إلى إقحام “الميولات الجنسية ” للمصرح في هذه القضية، في محاولة لصرف الأنظار وخلط الأوراق.
–إشادتنا وتبنينا لما جاء في البيانين الصادرين بتاريخ 27 ماي عن منتدى “الحداثة والديمقراطية” و“الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” بهذا الخصوص، وفي هذا السياق نؤكد أننا أخذنا علما بما يبدو أنه حملة ممنهجة تتعرض لها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وبعض أعضائها في عدد من وسائل الإعلام. وندين بشدة استخدام الصحافة سواء من طرف السلطة أو غير السلطة كمنصة لشن حروب بالنيابة أو تصفية الحسابات مع منظمات أو أفراد.
–نتعامل بإيجابية مع البيان الأولي الصادر بتاريخ 25 ماي عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية بخصوص هذه القضية. ونحن نقدر ونتفهم حساسية الموقف، ندعوها إلى جانب المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى اتخاذ موقف أكثر وضوحا وجدية وحسما إزاء ما يتعرض له الصحافي سليمان الريسوني من تشهير ممنهج تمارسه مواقع إلكترونية وصحف بدأ بالتنبؤ بتاريخ اعتقاله، ثم بتصوير مشهد اعتقاله، ولا يزال مستمرا إلى حد اليوم، بشكل ينافي ويعارض أخلاقيات المهنة.
–دعوتنا كافة الصحافيات/الصحافيين إلى التعامل بموضوعية و مهنية وعدل مع جميع الأطراف والروايات في تغطية أطوار هذه القضية، في احترام تام لضوابط وأخلاقيات المهنة.
التوقيعات الأولى
، علي أنوزلا، أبو بكر الجامعي، على لمرابط، الحسين المجدوبي، حنان عبد الله، إدريس كسيكس، عايدة علمي، سامية الرزوقي، جمال بودومة، كريم البخاري، حنان باكور، توفيق السليماني، عمر بروكسي، عزيز اليعقوبي، عمر الراضي، عماد استيتو، سعيدة الكامل، منير أبو المعالي، هاجر الريسوني، يونس مسكين، رجاء غراب، أيوب الخياطي، يونس آيت مالك، يوسف بناصرية، شيماء بخساس، فدوى عنبر، عبد اللطيف الحماموشي، رشيد البلغيثي، شيماء زوي، محمد السموني، أمين بلغازي، هشام منصوري، مصطفى ابن الرضي، عبد الصمد ايت عيشة، جلال المخفي، غسان وائل القرموني، رشيد إمحاول، المصطفى روض، ، هشام حديفة، محمد جليد، عبد الصمد بنعباد
اسماعيل الأدارسي، حمزة المتقي.