خصص بيان زيارة الملك محمد السادس الى روسيا فقرة لنزاع الصحراء، والمثير أنه غاب ذكر مصطلح “الحكم الذاتي” في البيان الختامي، عكس الزيارات الأخرى سواء على مستوى الحكومة أو الملك، مما يطرح تساؤلات على مدى قدرة الدبلوماسية المغربية على المناورة في مثل هذه القمم أو الزيارات..
وصدر البيان بعد انتهاء الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس الى موسكو الثلاثاء من الأسبوع الجاري، وشدد البيان على آفاق التعاون المستقبلي بين البلدين في مختلف القطاعات السياحية والع.لمية والتبادل الزراعي، حيث يراهن المغرب كثيرا على روسيا كشريك مستقبلي.
وفي الفقرات الخاصة بالسياسة جاء ذكر نزاع الصحراء، حيث هناك اهتمام لمعرفة موقف موسكو على ضوء التوتر القائم حاليا بين المغرب والأمم المتحدة. وكانت الفقرة التي تحمل رقم 15 في تسلسل فقرات البيان كالتالي:
“تدعم روسيا الاتحادية جهود مجلس الأمن والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس، من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من كلا الطرفين لمشكل الصحراء الغربية، في إطار مصالح الساكنة ووفقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة. وتأخذ روسيا الاتحادية، على النحو الواجب، بعين الاعتبار موقف المملكة المغربية في ما يتعلق بتسوية هذا المشكل. إن روسيا الاتحادية والمملكة المغربية لا تدعمان أية محاولة تسريع أو تسرع في الاضطلاع بالمسلسل السياسي، وكذا أي خروج عن المعايير المحددة سلفا في القرارات الحالية لمجلس الأمن. إن روسيا الاتحادية أخذت علما علما بالمشاريع السوسيو-اقتصادية بهدف تنمية الأقاليم وتحسين ظروف عيش الساكنة”.
وهكذا يلاحظ أن روسيا أرادت أن تترك موقفها واضحا بالوقوف الى جانب الأمم المتحدة من خلال بدء الفقرة بدعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء كريستوفر روس. وهذا الموقف تعمدته روسيا في ظل التوتر القائم بين المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة، وهو يعطي صورة عن الدعم الذي قد يحصل عليه بان كيمون ومن سيقف الى جانب المغرب في سوء الفهم الحاصل بين الطرفين بسبب نزاع الصحراء.
في الوقت ذاته، تجنب الجانب الروسي الحديث مباشرة عن مقترح الحكم الذاتي، واكتفى بحل متفق عليه وعبارة ” وتأخذ روسيا الاتحادية، على النحو الواجب، بعين الاعتبار موقف المملكة المغربية في ما يتعلق بتسوية هذا المشكل”، فيها غشارة ضمنية الى مقترح المغرب، لن لم يتم التسطير عليه بالإسم.
وغياب مصطلح “الحكم الذاتي” في البيان يطرح تساؤلات عن مدى المناورة التي تتمتع بها الدبلوماسية المغربية خاصة في الوقت الراهن، حيث يمر ملف النزاع من لحظات حساسة للغاية من عناوين المواجهة بين المغرب والأمم المتحدة. إذ لأول مرة في زيارة كبرى من هذا النوع، يتم تغييب الحكم الذاتي في البيان الختامي. ومن باب المقارنة، ورغم الموقف الملتبس لواشنطن من نزاع الصحراء، فقد جاء ذكر الحكم الذاتي والتسطير عليه في اللقاء الذي كان قد جمع الملك مع الرئيس باراك أوباما يوم 22 نوفمبر 2013.
ويبقى الإيجابي في الموقف الروسي هو معارضته لأي عملية تسريع أو تسرع لحل سياسي نزاع الصحراء، وهذا موقف نابع من التوجه الجديد الذي يميز الدبلوماسية الروسية التي تعارض فرض أي حل بسرعة في نزاع ما قد يترتب عنه توتر في منطقة أو اندلاع نزاع.
ويأتي هذا الموقف في وقت قد تقترح فيه الأمم المتحدة مقترحا جديدا بدعم من بريطانيا والولايات المتحدة يقوم على الارتباط الحر.