وجه الصحفي ومؤسس أخبار اليوم، توفيق بوعشرين رسالة الى لجنة العدالة والحقيقة والرأي العام المغربي يقدم فيها رؤيته للتطورات الأخيرة التي تشهدها محاكمته، ويستعرض الخروقات التي تعرض لها منذ الاعتقال الى الاعدام الرمزي الذي قامت به وسائل الاعلام العمومية، كما يندد بموقف وزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد لدوره السلبي في الترويج للرواية الأمنية على حساب الحقيقة.
نص الرسالة:
شكرا لهذا الجمع الكريم الذي التأم اليوم ليسمع صوت الحقيقة في هذه المحاكمة التي ستسجل في دفاتر التاريخ الاسود لعلاقة الصحافة بالسلطة والرأي..
لقد كان اختياركم موفقا لتسمية هذه الهيئة الوطنية باسم العدالة والحقيقة، وانا لا أطلب أكثر من نور الحقيقة في هذا الظلام وإنصاف العدالة من هذا الجور. انا لا أطلب منطق القبيلة التي تنصر أخاها ظالما أو مظلوما
ايتها الحقوقيات. أيها الحقوقيون،زميلاتي. زملائي، ايتها الفاضلات، أيها الفضلاء ,, مهندس هذه المؤامرة أرادها عملية اغتيال معنوية نظيفة، أراد ذبحي و منع الرأي العام من التعاطف معي بلا ذرف الدموع علي. لهذا طبخ المؤامرة على نار هادئة، منذ سنوات كان يهيئ الضربة القاضية لصحافي لم ينفع معه إغواء المال و غرامات الأحكام و لا غلظة عصا السلطة.
لقد أدليت بروايتي أمام المحكمة وبسطت بالدليل ان هذه مؤامرة كانت معدة قبل شهور من تقديم شكايات نسوة جعلوا منهن حطبا رطبا لإشعال النار في جسمي وسمعتي واستقرار عائلتي وبسط دفاعي المحترم بشجاعة ومهنية عشرات الخروقات القانونية الجسيمة التي عرفها هذا الملف وأطاحت بقرينة البراءة وبضمانات المحاكمة العادلة وبشروط المسطرة الجنائية في الاعتقال والحجز والتفتيش والاستنطاق وصولا إلى تزوير المحاضر والتلاعب في وسائل الإثبات والضغط علىالمصرحات لدفعهن لإدانتي بالزور.
بالله عليكم هل سمعتم من قبل عن محكمة تجر الضحايا المفترضات بالقوة العمومية للحضور الي المحاكمة من أجل مواجهة المتهم الموجود رهن الاعتقال. إن فرار تسعة نسوة من حضور المحاكمة هو الدليل القاطع على براءتي وعلى عدم اتهامي بشيء من قبلهن.
ولأن ثقتهن في عدالة بلادهن تقارب الصفر، خاصة بعدما شهدن كيف تعرضت الشجاعة عفاف برناني لمحاكمة سريعة و ظالمة،لأنها تجرأت على فضح المؤامرة و على رفع صوتها بالقول (ضميري لا يسمح لي بالشهادة بالزور على توفيق بوعشرين) وقد أصيب الجميع بالصدمة عندما وقفت هذه المرأة الحرة امام المحكمة و قالت للقاضي ان الشرطة القضائية زورت أقوالي، والتفتت الي وهي رافعة شارة النصر…
إن مداهمة مكتبي بكومندو يتكون من 40 عنصرا كان هدفه إحداث الصدمة والتغطية على عملية دس الفيديوهات المفبركة في مكتبي لمواجهتي بها، وعدم أخذ البصمات من المحجوز كانت مقصودة لإتلاف كل دليل يقود إلى صاحب الأجهزة الحقيقي واعتقالي التحكمي لمدة اربع اشهر هدفه منعي من اظهار براءتي و محاصرتي في السجن بالعزلة التامة و المنع من الاتصال بالبشر و حرماني من حق مراسلة عائلتي فيما يشبه ظروف السجن في القرون الوسطى حيث الهدف من الاعتقال هو الانتقام و التعذيب النفسي و دفع المعتقل الي حافة الانهيار.
سيداتي،سادتي، التهمة الوحيدة التي اعترف بها هي اني رفضت الاتجار بالقلم ورفضت ان ادخل الى الصف و رفضت ان أعزف اللحن الوحيد المسموح به في المشهد الصحافي في البلاد، وهو لحن مكون من المقاطع التالية:
“عري,, عورة المجتمع” ” غطي على عورة السلطة”,, “عارض الحكومة ووالي الحكم” ’’ الموالاة’’ حول المؤسسة الصحفية الي شركة همها الربح و هاجسها الخسارة “و افرغ المعنى من المنتوج الصحافي”.
فتنوع وسائل الاعلام لا يعني تعدد في خطوط التحرير وفي زوايا معالجة الاحداث، فأنتم امةصحافية واحدة و انا ’’ السلطة’’ ربكم فاعبدوني. هذه هي ثوابت مشهدنا الاعلامي مكتوبة ومسموعة ومرئية ،و من يخرج عن هذه الثوابت يراق دمه و يصبح شرفه و كرامته حلال على كتائب الالة الاعلامية التي تتحرك بدون قيد مهني او أخلاقي او حتي إنساني،
إني ومنذ اربعة أشهروانا اتعرض الي حملة تشهير غير مسبوقة في تلفزات الدولة وفي إعلام متعهدي حفلات أكل اللحم البشري بدون مراعاة لقرينة البراءة التي أول من خرقها هو وزير حقوق الانسان مصطفي الرميد الذي طاف على وزراء الحكومة بمحاضر الشرطة حتي قبل ان أمثل أمام القاضي الجنائي،
لقد خاف الوزير على مقعده الصغير في الحكومة و خاف ان يحرجه الرأي العام في حزبه و خارج حزبه بالسؤال عن دواعي اعتقال صحافي على طريقة كبار الارهابيين و عن مآل مشروع إصلاح العدالة امام انفلات النيابة العامة من كل عقال.
فمآل الوزير الي الترويج للرواية ’’ البوليسية’’ حتى لا يدخل معها في تناقض، ناسيا ان الدفاع عن حقوق الانسان يبدا باحترام قرينة البراءة و احترام كل شكليات القانون قبل جوهره وصولا الى تأمين محاكمة عادلة.
لست وحدي من تعرض للترهيب بل ان دفاعي ايضا نال نصيبه من التنكيل حيث جري متابعة القيب زيان اكثر من مرة و جري كتابة تقارير باخرين لدفعهم للتخلي عن مؤازرتي انهم يريدون محاكمتي بلا دفاع و بلا ضجيج و بلا تعاطف و بأقل قدر من الخسائر ,,, لكن هذا ليس بيدهم مادام هناك احرار مثلكم يبحثون عن الحقيقة و ينتصرون للعدالة و يهزمون الخوف الذي يريدون ان يجعلوه دستورا ثانيا للمملكة
انا علي يقين ان البلاد التي ولدت فيها رأي عام حقيقي في غمرة معركة المقاطعة و كسب فيها الناس سلاحا مدنيا بسيطا لكنه فعال، سلاح الامتناع عن استهلاك منتوج هو اليوم حليب و ماء و محروقات و غدا سياسة و قرارات و انتخابات، رأي عام مثل هذا لن تمر عليه هذه المؤامرة.
ايها الاعزاء، مهنة الصحافة الحقيقية صارت اليوم مهنة عالية المخاطر ومحاكمتي خير دليل على ان الدولة ما عادت تسمح بهامش” الهامش” الذي كان لدينا في العقود السابقة.
ايها الاعزاء ,,, منذ دخلت السجن قبل اربعة اشهر و انا ممنوع من مخدة اضع فوقها راسي اثناء نوم لا يزورني الا قليلا و هذا الاسبوع فقط رفعوا الحظر عن الوسادة فهل هذا مؤشر على بداية سقوط المؤامرة؟.
قلت للقاضي في اخر جلسة إني مستعد للجواب عن كل أسئلة محكمتكم الا سؤالا واحدا لا أقوي على الاجابة عليه’’ هو سؤال ابني الصغير عندما يسألني من خلف سماعة الهاتف الذي اتحدث عبره مع عائلتي مرة كل اسبوع، بابا لقد اشتقت اليك فمتي تعود الي المنزل؟
كل أملي ان لا يعيش أبنائيوابناءكم غدا في مغرب يسأل فيه الاطفال اباءهم وامهاتهم متى يرجعون الى البيت…