تكشف الصراعات التي يخوضها الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر للسيطرة على الشبيبة الاتحادية ونقابة الفيدرالية محاولة تكرار سيناريو الزعيم التاريخي للحزب عبد الرحيم بوعبيد من خلال توظيف النقابة والشبيبة أذرعا قوية في الصراع السياسي في البلاد.
وكان عبد الرحيم بوعبيد يراهن بقوة على الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والشبيبة الاتحادية ضمن استراتيجية المواجهة مع النظام وقتها بزعامة الملك الحسن الثاني. وقد نجح عبد الرحيم بوعبيد في تنفيذ هذه الاستراتيجية بعدما تحولت النقابة الى عنصر يخشاه النظام رغم القسوة التي واجهها بها في أعقاب الإضرابات العامة لسنتي 1979 و1981.
وفي الوقت ذاته، تطورت الشبيبة الى أداة سياسية تزود الحزب بالأطر وتعمل جسرا مع باقي القوى السياسية وخاصة اليسارية منها مثل القاعديين وتنظيم الى الأمام.
وعمليا، وظف الحزب بامتياز النقابة والشبيبة في الصراع السياسي في مواجهة النظام. وبمجرد بدء التوافق والتناوب مع الملك الحسن الثاني، أصبحت النقابة والشبيبة عبئا على الحزب لأن دورها قد استنفذ ولم تعد صالحة للصراع. ومن نتائج هذا الوضع ابتعاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل عن الحزب بل وتأسيسها حزبا سياسيا، كما وقع توتر بين قيادة الحزب والشبيبة الاتحادية.
ويحاول إدريس لشكر تكرار استراتيجية عبد الرحيم من خلال السيطرة على نقابة الفيدارلية الديمقراطية للشغل عبر الجناح الموالي له وهو الفاتحي المناهض والمتواجه مع الأمين العام العزوزي المحسوب على تيار أحمد الزايدي والطيب منشد. وتحول العزوزي الى أمين عام سابق بعدما سلمت وزارة الداخلية وصل الإيداع للتيار الذي يقوده الفاتحي.
وما يجري من صراع ومحاولة التحكم في الفيدرالية يجري سيناريو مشابه له في الشبيبة الاتحادية حيث يتم توجيه اصابع الاتهام الى إدريس لشكر بالتدخل للسيطرة على الشبيبة في مواجهة أنصار أحمد الزايدي وتيارات أخرى.
ورغم السيطرة التي تبقى هشة بسبب عدم امتلاك إدريس لشكر صورة الزعيم الكاريسماتي، يؤكد لألف بوست مصدر عليم بتاريخ الاتحاد الاشتراكي أنه من الصعب تكرار تجربة عبد الرحيم بوعبيد لأن الظروف تغيرت نهائيا. ويفسر “في الماضي كان الاتحاد الاشتراكي مرجعا للنضال السياسي وكان رفقة اليساريين المهيمن على الساحة النضالية أما الآن فلم يعد اللاعب الرئيسي بينما النقابة “الفيدرالية” مجرد هياكل ليس إلا، في حين فقدت الشبيبة الاتحادية الهيبة التي تمتعت بها إبان إشراف أسماء مثل خيرات والساسي ومحمد حفيظ عليها”.
ويضيف المصدر نفسه أن استراتيجية إدريس لشكر كل ما ستحققه الآن هو محاولة توحيد “الصوت الاتحادي” بين الحزب والنقابة والشبيبة ليشكل قوة لن تتزعم الصراع بل تؤكد حضورها في الصف الأول رفقة قوى أخرى.