وأخيرا، تنتهي الحرب الباردة الكلاسيكية في القارة الأمريكية بعدما قررت الولايات المتحدة وكوبا وبوساطة البابا فرانسيسكو استئناف العلاقات الدبلوماسية. ويخلف القرار ارتياحا في الأوساط الدولية وانقساما كبيرا وسط المعارضة الكوبية في معقلها الرئيسي فلوريدا وكذلك وسط الحزب الجمهوري الأمريكي المعارض.
وفي صمت وطيلة سنة، قام البابا فرانسيسكو بدور فعال في الوساطة بين واشنطن وهافانا لوضع حد للقطيعة الدبلوماسية التي هيمنت منذ سنة 1961 على العلاقات بين البلدين ومنها الحصار الأمريكي التام على كوبا وخاصة في المجال الاقتصادي.
وأعلن البلدان الإفراج عن معتقلين بتهمة التجسس، أمريكيين وثلاثة كوبيين، وكان بداية للخبر الذي تحول الى أهمالأخبار العالمية لسنة سنة 2014.
وكان باراك أوباما سباقا الى الإعلان عن الخطوة الدبلوماسية نحو كوبا مساء يومه الأربعاء بتأكيده على نية واشنطن فتح سفارة لها في هافانا وإمكانية سحب هذه الدولة من لائحة الدولة التي ترعى الإرهاب علاوة على إجراءات تسهل عملية التنقل والتجارة مع هذا البلد.
ومن جهته، جاء في خطاب الرئيس الكوبي راوول كاسترو (شقيق كاسترو)، نشرته جريدة غرانما الرسمية، أنه يجب التعايش مع الولايات المتحدة رغم الاختلافات، واعتبر أن العلاقات المقبلة ستكون قائمة على الاحترام والمساواة بين الطرفين، مطالبا بإنهاء فوري للحصار الاقتصادي والدبلوماسي.
وفي افتتاحية بعنوان “خطوة تاريخية لأوباما” يومه الخميس، صفقت جريدة نيويورك تايمز للقرار، معتبرة أن “أوباما كان بمقدوره القيام بإجراءات لتذويب الجليد تدريجيا، لكن فضل، في قرار شجاع، القيام بهذه الخطوة رغم وجود قانون العقوبات الصادر سنة 1996 الذي كان ينوي الإطاحة بالنظام الكوبي”.
وسنة واحدة بعد نجاح الثورة الكوبية في عام 1959، فرضت الولايات المتحدة حصارا تجاريا واقتصاديا على كوبا عبر منع التعامل التجاري معها بسبب سياسة التأميم ومصادرة أملاك الأمريكيين التي نهجتها ثورة فيدل كاسترو. وتطور الأمر الى سياسة ثابتة خاصة سنة 1996. ونددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مناسبات متعددة بهذه السياسة.
ومع قدوم باراك أوباما، قال أنه ينوي الحوار مع الدول التي تعارض واشنطن، وكان الحوار مع دول مثل إيران ثم كوبا لينتهي الى القرار التاريخي يوم8 17 ديسمبر ببدء المفاوضات لإرساء علاقات دبلوماسية، وبالتالي نهاية آخر فصول الحرب الباردة الكلاسيكية في القارة الأمريكية.
ويذهب جزء من المحللين الأمريكيين الى أن القرار قد يخدم الديمقراطية في البلاد لأن كوبا ستنفتح على الولايات المتحدة، مما سيساهم في عودة المعارضين الكوبيين والتحويلات المالية، وكلها ستعزز المجتمع المدني والسياسي.
ورغم ما يشكله القرار من تحول تاريخي، يبدو أن الحزب الجمهوري لا يرحب كثيرا بهذه الخطوة، حيث هناك تحفظ من بعض أعضاء مجلس الشيوخ وكذلك وسائل الاعلام المحافظة علاوة على صقور المعارضة الكوبية المقيمين في فلوريدا.