فاز المرشح الإسلامي الطيب رجب أردوغان برئاسة تركيا في أول انتخابات رئاسية مفتوحة يشارك فيها الشعب وليس عبر البرلمان. ويأتي فوزه في وقت يتراجع فيه المشروع السياسي الإسلامي في العالم العربي وفي وقت حاصرت الرئيس الجديد لتركيا مشاكل سياسية اعتقد الكثير من المحللين أن نهايته قد أوشكت. وهذا الفوز يجعل منه إمبراطور عثماني جديد نظرا للطموحات الاقليمية التي يحملها.
وجرت الانتخابات يومه الأحد، وكشفت النتائج عن فوز أردوغان في الجولة الأولى بعدما احتل أكثر من 52% من الأصوات المعبر عنها مقابل 39 % للمرشح التوافقي لعدد من أحزاب المعارضة، أبرزها “الشعب الجمهوري”، و”الحركة القومية”، أكبر حزبين معارضين، أكمل الدين إحسان أوغلو، و9% في المائة لمرشح حزب “الشعب الديمقراطي”صلاح الدين دميرطاش.
وبلغت نسبة المشاركة قرابة 74%، وهي نسبة مرتفعة وتبرز مدى الاهتمام الذي حظيت به هذه الانتخابات بحكم أنها الأولى التي يتم خلالها اختيار الرئيس مباشرة عبر اقتراع عام بعدما كان يجري من قبل اختياره عبر البرلمان.
وكان منصب الرئيس سابقا شرفيا ويعتبر بمثابة منصب حكم بين الحكومة وأحزاب المعارضة وممثلا للدولة التركية في المنتظم الدولي. وهو بهذا كان على شاكلة منصب رئيس إيطاليا أو المانيا ولكن أردوغان ووفق المحللين سواء التركيين أو الأجانب سيكون رئيسا نشيطا يتدخل في كل شيء وسيجعل الرئاسة التركية على شاكلة الرئاسة الفرنسية، حيث للرئيس دورا رئيسيا في تسيير الشأن السياسي. وكان أردوغان قد تعهد الجمعة الماضية بتغيير الدستور التركي نحو تعزيز صلاحيات الرئيس ليشيد حسب قوله “تركيا جديدة”.
وبهذا الفوز، يكون أردوغان قد سيطر عل المشهد السياسي في تركيا خلال العقد الأخير بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية والانتخابات البلدية، ويكون من السياسيين القلائل الذين حققوا نتائج متتالية خلال العقدين الأخيرين وبطريقة ديمقراطية. وفي الوقت ذاته، يحيي المشروع الإسلامي القائم على صناديق الاقتراع. ويساهم ضعف المعارضة في قوة أردوغان.
ويحمل أردوغان طموحات كبيرة حيث يرغب في تحويل تركيا الى دولة إقليمة ذات ثقل في صناعة القرار الدولي وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. ونجح في هذا المشوار من خلال حضور تركيا في الملفات الكبرى للمنطقة ورفعه شعار الديمقراطية في الشرق الأوسط.
وينعته المتعاطفون والخصوم على حد سواء بالإمبراطور العثماني الجديد، وقد يكون الوصف والنعت الأقرب الى الصواب، فبوصوله الى رئاسة الحكومة تحولت تركيا الى دولة محورية في الشرق الأوسط، مكانة ستعزز بتوليه كرسي الرئاسة.