بدأت جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر في نهج استراتيجية جديدة تهدف من وراءها الى رفع الضغط على المغرب، وتتجلى في محاولة كسب أعلى نسبة من دعم واعترافات البرلمانات خاصة في الغرب وأمريكا اللاتينية تحت يافطة أنها تمثل “السيادة الشعبية” وغير رهينة برغماتيا بالمصالح مثل الحكومات. ويحصل هذا في وقت تشهد فيه الدبلوماسية البرلمانية المغربية ضعفا.
وتبنت جبهة البوليساريو خلال السنوات الأخيرة استراتيجية حقوق الإنسان والثروات الطبيعية. واستطاعت في الشق الأول من استحضار حقوق الإنسان في المنتديات الدولية، وجعلت الدبلوماسية المغربية تبدل مجهودات جبارة في محاولة لاحتواء تداعيات الملف الحقوقي وتفادي تكليف مجلس الأمن مراقبة حقوق الإنسان في مدن الصحراء المغربية.
وبدأت تحقق نجاحا في ملف الثروات الخاصة بالصحراء. وساهم المغرب بطريقة غير ذكية في تعزيز هذا المسعى، من خلال الفصل بين الصحراء وباقي الأراضي المغربية في اتفاقيات دولية مثل اتفاقية التجارية الحرة مع الولايات المتحدة واتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي. في الوقت ذاته، ضغطت لوبيات البوليساريو على إقناع بعض شركات نفط من الانسحاب من التنقيب عن النفط في الصحراء.
البوليساريو تراهن على البرلمانات
وفي ظل هذه التطورات، تراهن البوليساريو على استراتيجية حساسة وتتجلى في إقناع برلمانات الدول الغربية وأمريكا اللاتينية ولاحقا آسيا في الاعتراف بما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” المعلنة من طرف واحد.
ويبقى أبرز عنصر في استراتيجية البوليساريو الجديدة، وفق ما وقفت عليه ألف بوست، هو تصورها بأن البرلمانات تمثل سيادة الشعوب، وأنه إذا لم تستطع الحكومات الاعتراف بالبوليساريو لأسباب برغماتية تتحكم في العلاقات الدولية فالبرلمانات تعوضها. وتعتبر هذا نصرا معنويا سيعطي نتائج هامة مستقبلا.
ولعل المنعطف الحقيقي في هذا التوجه هو ما أقدم عليه البرلمان السويدي خلال ديسمبر 2012 من الاعتراف المباشر بما يسمى جمهورية الصحراء، وفشلت المبادرة في برلمانات أخرى مثل الدنمرك الشهر الماضي. وتستمر البوليساريو في هذا الاتجاه عبر خطوة عبر الاعتراف الدبلوماسي بالحركة ودعوات البرلمانات لحكوماتهم بالاعتراف بالبوليساريو. وشهد الأسبوع الماضي تطورا في هذه الاستراتيجية عندما صوت مجلس الشيوخ في التشيلي بضرورة الاعتراف بما يسمى جمهورية البوليساريو، وصادق مجلس الشيوخ الإيطالي على قرار يطالب حكومة بلاده بالاعتراف بالبوليساريو دبلوماسيا. وتوجد أمثلة أخرى في اسبانيا ومبادرات في برلمانات مثل النروج وإيرلندا الشمالية بل حتى بعض دول أوروبا الشرقية التي سحبت سابقا اعترافها بالبوليساريو.
ونجح البوليساريو في تأسيس لجنة تضامن في برلمانات كبريات الدول وعلى رأسها الكونغرس الأمريكي ومجلس العموم البريطاني، علما أن الأمر يتعلق بدولتين عضوين في مجلس الأمني الدولي. وفي الوقت نفسه، نجحت البوليساريو في التسلل الى البرلمان الفرنسي واستحضار النزاع.
وهكذا، أصبحت معظم برلمانات أوروبا تؤيد استفتاء تقرير المصير وتطالب بتكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء وبعضها يعترف بما يسمى جمهورية الصحراء.
فشل المغرب في دبلوماسية البرلمانات
تجري هذه التطورات في وقت مازال يركز المغرب على الشق الحقوقي في الملف دون تدارك العنصر الجديد في هذه الاستراتيجية. وعجز المغرب على إقناع ولو برلمان أوروبي واحد لتأسيس لجنة لتأييد الحكم الذاتي وفي باقي البرلمان الغربية وأمريكا اللاتينية. ويبرز هذا غياب رؤية استراتيجية بعيدة المدى ينضاف إليها هزالة الدبلوماسية البرلمانية.