ارتفع عدد المشتكين في الدعوى القضائية أمام القضاء الأمريكي ضد الشركة الإسرائيلية المنتجة لبرنامج بيغاسوس، وذلك بانضمام مجموعة من المغاربة طرفا مدنيا. ويثير ملف ببيغاسوس الكثير من التوتر في العلاقات الخارجية ومنها علاقات المغرب مع فرنسا.
وكانت هيئة واتساب المملوكة لشركة ميتا والتي تدير فايسبوك قد أخبرت نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر من سنة 2019 أكثر من مائة من الصحفيين والحقوقيين في العالم بتعرض هواتفهم للاختراق ببرنامج بيغاسوس. ويوجد ضمن المائة 11 من المغاربة بين المقيمين في المغرب وفي الخارج. وخلال يوليوز 2021، كشفت مؤسسة فوربدين ستوريز عن مئات الأسماء المغاربة ضمن 50 ألف هاتف جرى التجسس عليه في العالم. وكان ضمن أرقام الهاتف، رقم الملك محمد السادس، وفق جريدة لوموند وبعض أعضاء العائلة الملكية مثل الأمير هشام وقائد الدرك الملكي الجنرال.
ولجأ النشطاء المغاربة الى القضاء المغربي، وراسلوا الهيئات المختصة بحماية المعطيات الشخصية، غير أنهم لم يتوصلوا بأي رد. وخلال الأيام الأخيرة، تم الاتفاق بين مجموعة من النشطاء والحقوقيين المغاربة على اللجوء الى القضاء الأمريكي، ويتعلق الأمر بكل من اللاجئ السياسي الصحفي هشام المنصوري والحقوقي فؤاد عبد المومني، وخلود نيابة عن الصحفي سليمان الريسوني المعتقل، وعلي رضا زيان عن وزير حقوق الإنسان السابق النقيب محمّد زيان المعتقل، والناشط الحقوقي والصحفي عبد اللطيف الحماموشي، ثم المدير السابق لمجلة لوجورنال أبو بكر الجامعي والأستاذ الجامعي والصحفي عمر بروكسي.
وينضم المغاربة الى مبادرة سابقة تزعمها صحفيون من جريدة الفارو من السالفادور، الذين رفعوا دعوى قضائية خلال يناير الماضي ضد الشركة المنتجة للبرنامج أمام القضاء الأمريكيللتحقيق معها فيما وصفوه “بممارسات إجرامية”، واتهموها بتعريض حياتهم للخطر لأنها باعت لبعض الجهات البرنامج للتجسس على الصحافيين وليس على الإجرام المنظم أو الإرهاب. وكان مدير “الفارو” قد نشر رسالة في جريدة واشنطن بوست يوم 12 يناير الماضي، تحدث فيها عن الأسباب التي دفعت الصحافيين إلى اللجوء إلى القضاء الأمريكي، إذ يقول إن حياة من جرى التجسس عليهم ساءت كثيرا، وبالتالي لا يجب التسامح مع من ارتكبوا هذه الأفعال. واستفاد الصحفيون من السالفادور من قرار أصدرته المحكمة العليا بداية يناير الماضي يسمح للشركات الأمريكية وخاصة ميتا التي تملك واتساب بالاستمرار في محاكمة إن إس أو أمام القضاء الأمريكي. وتساعد الولايات المتحدة كل نشطاء العالم للتوجه الى القضاء بعدما اعتبرت بيغاسوس نظاما يهدد العلاقات الدولية بل والنظام الدولي.
وتقول مصادر من النشطاء المغاربة الذين انضموا الى الدعوى الدولية أن “الدعوى ليست ضد الدولة المغربية بل هي ضد شركة إن إس أو، نحن حقوقيين وصحفيون، لماذا رخصت الشرطة الإسرائيلية بانتهاك حرماتنا وخصوصياتنا، عليها أن توضح للقضاء الأمريكي لمن باعت البرنامج لاسيما وأنها تدعي أنه يتم بيعه شريطة استعماله ضد الإرهاب والإجرام المنظم”. وقد ينضم صحفيون وسياسيون من بعض الدول ومنها إسبانيا الى الدعوى الدولية ضد الشركة الإسرائيلية إن سي أو خلال الأسابيع المقبلة.
وكانت أصوات في المغرب قد طالبت من الدولة المغربية فتح تحقيق، ومنها اليوتوبير المعروف حميد المهداوي الذي تساءل عن تردد الدولة المغربية في فتح تحقيق حول تعرض مغاربة للتجسس ومنهم الملك محمد السادس نفسه.
ويتعامل المغرب بنوع من السرية المطلقة مع ملفات التجسس، وكان قد تعرض لتجسس كبير سنة 2014 في ملف ما يعرف”القرصان كوليمان”، ولم يعلن القضاء تحقيقا ولا تناول البرلمان الموضوع. وفي حالة بيغاسوس مثلا، فتح قضاء دول مثل فرنسا وإسبانيا تحقيقات، وجرى تشكيل لجن برلمانية للتحقيق السياسي، الأمر الذي لم يحدث في المغرب. ويعد المغرب مفارقة، فمن جهةـ، تلمح دول مثل فرنسا الى تجسسه عليها ببيغاسوس، ومن جهة أخرى، يلجأ مواطنوه الى القضاء الدولي كضحايا.