بعد الصراع العسكري والدبلوماسي، ينتقل الصراع بين المغرب والجزائر الى المجال الديني من خلال محاولة السيطرة على الطريقة التيجانية، ويحتضن البلدان نشاطا لهذه الزاوية في آن واحد.
وتحضت مدينة فاس ومنذ أمس الأربعاء الى غد الجمعة اللقاء العالمي للمنتسبين للطريقة التيجانية الذي تنظمه مشيخة الطريقة التيجانية تحت رعاية الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين. وهذا النشاط الذي يحتضنه المغرب يأتي بمناسبة مائتي سنة على رحيل الشيخ أحمد التيجاني. ويشارك في هذا النشاط منتسبون للتيجانية من عشرات دول العالم.
وبالتزامن مع النشاط الذي بدأ أمس في الرباط، تحتضن الجزائر بدورها نشاطا للطريقة نفسها، حيث عمدت الجزائر الى تنظيم لقاء لأتباع الطريقة التيجانية المنتمين للجزائر ودول الساحل الافريقي وهي موريتانيا والسنغال وغامبيا والبنين ومالي وغينيا.
وتؤكد جريدة الخبر الجزائرية وجود قرابة 300 من ممثلي الطريقة التيجانية في الجزائر بزعامة مقدم هذه الطريقة في السنغال. ويجري تنظيم اللقاء في بلدة بوسمغون في ولاية البيض، مسقط رأس التيجاني.
وتاريخيا، يتنافس ويتصارع المغرب والجزائر على أحقية تمثيل الطريقة التيجانية، فالجزائر تعتبر التيجاني مواطنا تابعا لها لأنه ولد في الجزائر. وفي المقابل، يؤكد المغرب على أن التيجاني أسس طريقته في مدينة فاس التي تعتبر المعقل الروحي للطريقة وهناك ماتت بعدما عمل انطلاقا من هذه المدينة الروحية على نشر طريقته في شمال وغرب إفريقيا ولاحقا في العالم.
وكان الصراع في الماضي محدودا وغير علني بين البلدين. ولم تكن الجزائر بعد الاستقلال تعطي أولوية للدين في سياستها الخارجية عكس المغرب الذي يعتبر الخطاب الديني ركيزة من ركائز خطابه. وأمام رهان المغرب على ما يسمى “الدبلوماسية الدينية” وخاصة تجاه دول غرب إفريقيا، بدأت الجزائر في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بدورها تركز على الخطاب الديني من خلال محاولة احتضان الطريقة التيجانية.
ومؤسس هذه الطريقة هو أحمد بن محمد بن المختار بن سالم التيجاني (1737-1815)الذي غادر الجزائر هربا من قوات باي وهران ولجأ الى المغرب حيث عمل على تطوير طريقته لتصبح من أكبر الطرق الصوفية في العالم. ويتم الحديث عن وجود قرابة 300 مليون تيجاني في العالم، وهو رقم مبالغ فيه إذا تم الأخذ بعين الاعتبار عدد المسلمين في العالم وخاصة في دول مثل باكستان والهند وأندونيسيا حيث توجد أغلبية المسلمين ولكن الطريقة التيجانية غير موجودة هناك.