قررت الدولة المغربية تعليق التعاون القضائي مع فرنسا بعدما لم تتوصل من سلطات هذا البلد الأوروبي بتوضيحات حول الملف المفتوح ضد مدير المخابرات المدنية المغربية عبد اللطيف الحموشي. واكتفت السلطات الفرنسية حتى الآن بالتأكيد أنها لا تتدخل في عمل القضاء، وهو الجواب الذي لم يرق الرباط.
وأصدرت وزارة العدل مساء اليوم بيانا يتم بالحدة والنقد تجاه فرنسا يؤكد تعليق الاتفاقيات، وبرر البيان هذا التعليق بمماطلة السلطات الفرنسية في تقديم توضيحات الى المغرب عبر قاضية الاتصال المغربية المعتمدة في باريس التي انتظرت ثلاثة أيام بدون جدوى. ثم ما يصفه بالطريقة المستفزة للشرطة الفرنسية في في تبليغ استدعاء لمدير المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي. وتبرز الوزارة تعليق جميع اتفاقيات التعاون الثنائية بين البلدين من أجل ما تعتبره “تقييم جدواها”.
ويعتبر القرار المغربي موقفا حازما وخطوة نحو تصعيد الأزمة مع فرنسا لتأخذ مطالبه بعين الاعتبار بعد التماطل الذي تعاملت به حتى الآن. ويمكن اعتبار هذا الموقف القوي بمثابة رد على تصريحات وزارة الخارجية الفرنسية أمس التي قال ناطق باسمها أمس “نحن نحترم بشدة الفصل بين السلط لن نتدخل في التحقيق القضائي. لقد قلنا السبت الماضي أن الأمر يتعلق بحادث مؤسف وسنقدم التوضيحات اللازمة الى السلطات المغربية، وهو ما نقوم به”.
وتفيد مصادر عليمة بالقانون الفرنسي استحالة تقديم باريس توضيحات للدولة المغربية، فحكومة باريس لا يمكن أن تطلب من قاضي التحقيق المشرف على الدعاوي المرفوعة ضد الحموشي الاطلاع على الملف بحكم “سرية التحقيق”، ولا يمكن للحكومة توريط نفسها بالمطالبة بمعرفة مضمون الملف.
نص بيان وزارة العدل المغربية:
وجاء فيه حرفيا “ : “إن وزير العدل والحريات، وبعدما تأكد لديه عدم احترام اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، وما أبان عنه ذلك من بروز عدد من الاختلالات والنقائص في هذه الاتفاقيات ؛
وبناء على المساعي التي بذلتها السيدة قاضية الاتصال المغربية المعتمدة بباريس، للحصول على التوضيحات الضرورية لدى السلطات القضائية الفرنسية حول الموضوع، خلال ثلاثة أيام كاملة دون طائل. وهو التعامل الذي لم يسبق أبدا للسلطات القضائية المغربية أن قامت به في تعاونها مع نظيرتها الفرنسية ؛
ونظرا لقيام سبعة عناصر من الشرطة الفرنسية بمحاولة تبليغ استدعاء قضائي لمسؤول مغربي بمقر إقامة السفير المغربي بباريس، خرقا للأعراف الدبلوماسية وبطريقة مستفزة ؛ ونظرا لما تمثله هذه السلوكيات من مساس خطير بالقواعد الأساسية للتعاون بين البلدين وإخلال بروحها، بل وأكثر من ذلك بحرمة ومصداقية القضاء المغربي
؛ فإنه تقرر تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين البلدين، من أجل تقييم جدواها، وتحيينها بما يتيح تدارك ما يشوبها من اختلالات، واستدعاء قاضية الاتصال المغربية المعتمدة بفرنسا، إلى حين الاتفاق على حلول مناسبة تضمن الاحترام المتبادل والتام لمنطوق وروح الاتفاقيات التي تربط البلدين، صونا لسيادة الدولتين، على أساس مبدأ المساواة، الذي ينبغي أن يحكم علاقتهما”.