عكس واشنطن، قررت المفوضية الأوروبية تفادي إعلان أي دعم لرئيس البرلمان الفنزويلي خوان غايدو الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، وهذا يزكي التناقض في المواقف الدولية بين أكبر عنصرين للغرب الولايات المتحدة والغرب، ترغب الأخيرة في تجنب اصطدام مع روسيا المصممة على دعم نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
وفي خطوة لم تكن مفاجئة بل مخطط لها بدعم من قوى محافظة وخارجية، انتهز رئيس البرلمان الفنزويلي المسيرة الكبرى للمعارضة في العاصمة كاراكاس يومه الأربعاء من الأسبوع الجاري، وأعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد بعدما أدى اليمين الدستورية في الشارع. ومباشرة بعد هذا الإجراء، قامت الدول التي تحكمها أنظمة يمينية محافظة وعلى رأسها الولايات المتحدة والبرازيل باعتبار خوان غايدو الرئيس الشرعي للبلاد. وفضلت دول في القارة الأمريكية وهي اليسارية التريث مثل المكسيك أو دعم الرئيس مادورو مباشرة وهي كوبا وبوليفيا. وبهذا تحولت فنزويلا الى مواجهة بين اليمين واليسار في القارة.
ولم يتجاوز التأييد لرئيس البرلمان الفنزويلي كرئيس مؤقت للبلاد بعض دول القارة الأمريكية، بينما أعربت دول كبرى أخرى وعلى رأسها الصين وروسيا المعارضة المطلقة لم أعلن نفسه رئيسا وتؤكد دعمها لمادورو، وذهبت دول أخرى مثل إيران وأساسا تركيا الموقف نفسه.
ورفض الاتحاد الأوروبي وخاصة المفوضية الأوروبية أمس الخميس الانخراط في تأييد رئيس البرلمان كرئيس للبلاد، وبهذا أخذ مسافة من القرار الأمريكي، الأمر الذي يؤكد تفاقم الشرخ الدبلوماسي بين الأوروبيين والإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب. ويعود موقف الأوروبيين الى عاملين، الأول وهو تفادي الاعتراف بعمليات سياسية تقترب من الانقلابات، أي ضرورة تأييد كل تغيير عبر صناديق الاقتراع، وهذا العرف لا يعمل به في أمريكا اللاتينية أحيانا، حيث يؤدي الاستقطاب الى الاعتراف برؤساء دون انتخابات بل بتأويل الدستور وتكليف رئيس البرلمان عادة أو نائب الرئيس بتولي المنصب كما حدث في البرازيل والباراغواي خلال الأربع سنوات الأخيرة.
ويتجلى العامل الثاني في وعي الاتحاد الأوروبي بالتعقيد الذي يميز القضية الفنزويلية التي تحولت الى قضية صراع دولي بين الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى، وبالتالي إذا انخرطت في مشروع واشنطن قد ستتعرض الدول الأوروبية لمزيد من الضغط من روسيا. وأكدت هذه الأخيرة في تصريح لها أمس الخميس “كل تدخل أجنبي في فنزويلا يعتبر خطيرا جدا”.
وبهذا، يرسم الاتحاد الأوروبي مسافة مع دبلوماسية واشنطن في قضايا رئيسية شغلت العلاقات الدولية مؤخرا وهي البرنامج النووي الإيراني حيث رفض الانسحاب من الاتفاقية، بينما انسحبت واشنطن. في الوقت ذاته، تحفظ الأوروبيون على الانسحاب الأمريكي السريع من سوريا وأخيرا في الملف الفنزويلي.