هدد المغرب برفع دعوى ضد جريدة الباييس في ملف جريدة لكم الرقمية، لكنه بدل تنفيذ ذلك، فقد تبرع على جريدة الباييس بملحق إشهاري تجاوز مليار سنتيم ومن ضمنه دعاية للتلفزيون المغربي الذي يتم تقديمه بمثابة “تلفزيون ملتزم بالديمقراطية”. وقد يترتب عن اختيار الباييس ومنحها هذا الإشهار ردود فعل منابر إعلامية أخرى اسبانية.
وكانت السلطات المغربية قد شنت حملة قوية ضد جريدة الباييس خلال الشهور الأخيرة معتبرة إياها في خدمة الجزائر وجبهة البوليساريو، وبلغ التوتر أشده عندما هددت الدولة المغربية عبر وزير العدل و”الحريات” مصطفى الرميد برفع دعوى ضد الجريدة بسبب نشرها رابطا لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يهدد المغرب وبسببه جرى اعتقال مدير لكم، علي أنوزلا.
وكانت ألف بوست قد نشرت وقتها تحليلا يؤكد استحالة تقديم الدعوى لأنها القانون الإسباني لن يقبلها بل وسبق للقضاء الإسباني أن رفض دعوى تقدمت بها الدولة المغربية في بداية السنة بسبب صور أكديم إيزيك ضد الباييس. وبينما لم تفسر الدولة المغربية لماذا تراجعت عن قرار رفع الدعوى، نشرت ملحقا دعائيا للمغرب هذه الأيام من 32 صفحة بقيمة تتجاوز مليار سنتيم من ميزانية وزارات وشركات وأبناك مغربية.
والمحلق يحمل اسم “المغرب شريك اقتصادي وحليف استراتيجي”، وهذا العنوان يدخل في عرض النوايا الحسنة من خلال الحليف الاستراتيجي بينما لا تتردد جميع قرارات وزارة الدفاع الإسبانية والدراسات الاستراتيجية في “اعتبار المغرب العدو الاستراتيجي”.
وتضمن المحلق مقالات إشهارية حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي والجامعي والاعلامي المغربي شارك في صياغتها بعض الوزراء مثل وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، ووزير التعليم لحسن الداودي علاوة على عبد العزيز الرباح وحفيظ العلمي ثم مقالا لنزار بركة الذي يقدم نفسه ب “صديق اسبانيا” في هذا الملحق الإشهاري. ولم يتولى رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران كتابة اي مقال، كما لم يجر الحديث عن الحكومة نهائيا.
ويرمي الملحق الى الترويج للنموذج المغربي اقتصاديا في وقت تراجعت فيه الاستثمارات الإسبانية الى أدنى مستوى لها خلال العقدين الأخيرين.
والمفارقة المثيرة أن هذا الملحق يتضمن مقالا حول التلفزيون المغربي بعنوان “تلفزيون ديمقراطي ملتزم بالتربية”، يبدو أنه من إشراف فيصل العرايشي يبرز ما يفترض أنه تلفزيون ديمقراطي في المغرب.
ومن ضمن المفارقات الأخرى، أن هذا الملحق الذي كلف مليار سنتيم تقريبا، وفق احتساب صفحة الإشهار في الباييس والتخفيض المرافق له لأن الأطراف المغربية ترفض الحديث عن القيمة المالية، لم يتم نشره في موقع جريدة الباييس في الإنترنت رغم أن النسخة الرقمية عليها إقبال أكثر من النسخة الورقية، واعتاد الناس عدم قراءة الملحقات الإشهارية.
ومن شأن اختيار الباييس وحدها دون باقي كبريات الجرائد الأخرى مثل الموندو وآ بي سي ومنحها هذا الامتياز الإشهاري أن يدفع بالمنابر الإعلامية الأخرى أن تتبنى خطا راديكاليا ضد المغرب لأنها ستفسر هذا الإشهار بمحاولة شراء الباييس.