انسحبت فرنسا الأربعاء من الأسبوع الجاري من عملية الحلف الأطلسي “حراسة البحر” الرامي الى مراقبة ومنع وصول الأسلحة الى ليبيا بعدما لم تتلقى باريس أي دعم من الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي في مواجهة تركيا. ويعد هذا الانسحاب منعطفا في تحرك البحرية الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط ويطرح تساؤلات حول مستقبل عملياتها ودبلوماسيتها.
وكانت البحرية التركية قد واجهت سفينة حربية فرنسية حاولت تفتيش سفينة تحمل أسلحة تركية الى حكومة الوفاق الليبي يوم 10 يونيو الماضي، وكشفت مجلة ماريان الفرنسية أن الأمور كادت تصل الى مواجهة حقيقية بعدما وضعت فرقاطة تركية نظيرتها الفرنسية في مرمى رادار إطلاق النار، مما دفع الفرنسيين الى الانسحاب.
ومنذ أسبوعين، يشن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون حملة دبلوماسية ضد تركيا بشأن ليبيا، وصلت الى وصف ما تقوم به أنقرة بالعمل الإجرامي التاريخي بسبب تسليم الأسلحة الى حكومة فايز السراج، التي تبقى وفق الأمم المتحدة هي الممثل الشرعي للدولة الليبية. وطيلة أسبوعين، تحركت الآلة الدبلوماسية الفرنسية للحصول على موقف دعم موحد من طرف الاتحاد الأوروبي أساسا ثم من طرف الحلف الأطلسي.
وفتح الحلف الأطلسي تحقيقا في المواجهة التركية-الفرنسية ولم ينتهي الى نتيجة تدين بشكل واضح تركيا وذلك تفاديا لرد فعل لأنقرة لاسيما بعدما قررت تركيا شراء أسلحة من روسيا ، منظومة صواريخ إس 400 الروسية، رغم معارضة الحلف. وعليه، كل قرار ضد تركيا سيدفع رئيسها طيب رجب أردوغان الى اتخاذ موقف مضاد قد تكون له انعكاسات كبيرة على الحلف.
ومن جهة أخرى، لم يحصل الرئيس ماكرون على دعم واضح من طرف مسؤولي الاتحاد الأوروبي، فمن جهة، المانيا التي بدأت رئاستها للاتحاد الأوروبي لا ترغب في بداية متوترة مع تركيا التي تعد شريكا اقتصاديا وسياسيا رئيسيا، ومن جهة أخرى، تعارض إيطاليا أي مواجهة أوروبية مع تركيا بل تميل الى سياستها في ليبيا، بينما تؤيد بعض الدول فرنسا لكن دون ثقل في القرارات الأوروبية.
ولم يسبق للدبلوماسية الفرنسية والتحرك العسكري الفرنسي في الخارج أن تعرض لنكسة من هذا النوع خلال العقود الأخيرة، حتى حصل هذا في الملف الليبي وفي مواجهة دولة لا تمتلك حق الفيتو في الأمم المتحدة وهي تركيا. وأمام هذا السيناريو الجديد، قررت فرنسا الانسحاب من عملية “حراسة البحر” التي يديرها الحلف الأطلسي بتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، وهو انتكاسة حقيقية.