تعاني العديد من دول العالم ومنها بالخصوص الدول العربية من تأخر التوصل بصفقات الأسلحة التي وقعتها منذ سنوات. وسيصبح من الصعب جدا الحصول على صفقات جديدة في ظل تفاقم الحرب الروسية ضد أوكرانيا وقرار الدول الحفاظ على ذخيرتها العسكرية باستثناء تركيا الراغبة في حجز مكانتها كدولة مصدرة للسلاح.
وتعتبر الدول العربية في قائمة دول العالم الأكثر اقتناء للسلاح بعد الدول الكبرى، ومن هذه الدول العربية الإمارات العربية والسعودية والجزائر والمغرب ومصر. وكانت الدول العربية تعاني من الشروط المجحفة من طرف الغرب في صفقات الأسلحة مثل الامتناع عن بيع أنواع من العتاد الحربي، ثم تقديم نسخ ثانوية لا تصل فعاليتها إلى السلاح الذي تتوفر عليه الجيوش الغربية، ومن ضمن الأمثلة: تعتبر مقاتلات إف 16 التي في حوزة تركيا ومصر والمغرب والإمارات دون مثيلاتها في الجيش الأمريكي ودون تلك التي في جيوش أوروبا الغربية مثل بولندا واليونان وهولندا.
وينضاف إلى هذا العائق، عائق جديد في صفقات الأسلحة، ويتجلى في تأخر توصل الدول العربية ودول أخرى بما طلبته من سلاح وخاصة الذخيرة. وترتب عن تفاقم الحرب الروسية ضد أوكرانيا، والتخوف من احتمال امتدادها لتصبح حربا مفتوحة بين روسيا ومنظمة شمال الحلف الأطلسي. وهذا الهاجس، يجعل الدول الغربية وخاصة الأوروبية تعمل على الرفع من العتاد والذخيرة الحربية، وهذا يؤدي إلى تأجيل طلبات الدول الأخرى. وبدأ يحدث في مجال الأسلحة مثلما حدث إبان جائحة فيروس كورونا، حيث سنت الدول قوانين تمنح الأولية في الإنتاج الطبي لدولها على حساب صفقات التي كانت موقعة مع دول أخرى.
وتعترف شركات فرنسية وإسبانية وإيطالية بتجميد مبيعات الأسلحة وخاصة الذخيرة لبعض الدول العربية. وجاء هذا لينضاف إلى رقابة مسبقة على الأسلحة بالنسبة للصادرات الى الخليج بسبب حرب اليمن، حيث تعهدت الحكومات الأوروبية بالتقليل من بيع الذخيرة ومراقبتها بسبب ما ترتب عن هذه الحرب من جرائم ضد الإنسانية.
وكانت منابر أوروبية مثل جريدتي لوموند الفرنسية الباييس الإسبانية قد أشارت إلى المشكل الكبير الذي تعاني منه الجيوش الأوروبية حاليا وهو محدودية مخزون العتاد العسكري، مثل القنابل والصواريخ، ولهذا، تمتنع عدد من الدول الأوروبية أن تكون سخية مع أوكرانيا، وتقدم لها مساعدات عسكرية محدودة. وكان تقرير للاتحاد الأوروبي قد نبه الى تراجع المخزون الحربي للدول الأوروبية وأن الصناعة الحربية قد قادرة على مرافقة إيقاع صنع الذخيرة بما يكفي. وفي الوقت الذي تشكر فيه أوكرانيا الدعم العسكري الأمريكي، تتوجه بانتقادات قاسية إلى بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا.
وأمام هذا التحدي العسكري، تتجه الدول العربية بما فيهم زبائن موسك مثل الجزائر الى بلدين وهما تركيا والصين لشراء الأسلحة وخاصة الذخيرة. وتنتهز تركيا هذا الوضع العالمي الخاص بالأسلحة للتوقيع على صفقات متعددة للدول العربية ومنها الجزائر والمغرب، وكذلك للتحول الى دولة محورية في مبيعات الأسلحة على المستوى الدولي. وكانت تركيا قد استفادت من منع الكونغرس الأمريكي صفقات لكل من الإمارات العربية والسعودية والمغرب، ووقعت الدول معها صفقات، والآن، وبسبب حرب أوكرانيا، تزداد أهمية الصناعة العسكرية التركية لهذه الدول العربية الثلاث ودول أخرى. وتصنع تركيا ذخيرة حربية للكثير من الأسلحة الغربية بما فيها تلك التي لدى الجيوش العربية، وهذا يساعد أكثر على ارتفاع الطلب على منتوجات تركيا في هذا الشأن. وسيساهم الاقابال المتضاعف على السلاح التركي من تطوير هذا البلد لصناعته الحربية.
وعمليا، إذا كانت دول عاصفة الصحراء السعودية والإمارات قد فشلت في القضاء على الحوثيين خلال السنوات الأخيرة، علما أنها كانت تتوصل بذخيرة حربية بشكل مستمر من المغرب، فكيف سيكون الحال في ظل تجميد الذخيرة.