في جلسة برلمانية تعتبر الأهم خلال السنوات الأخيرة، رفض البرلمان الإسباني بالأغلبية الترخيص لحكومة الحكم الذاتي في كتالونيا بإجراء استفتاء تقرير المصير للانفصال عن البلاد. رفض لم يثني مسؤولو هذه الحكومة الإقليمية على المضي قدما في التحدي الدستوري. بينما يبقى الجديد هو إعلان الحزب الشعبي المحافظ الحاكم عن استعداده لتعديلات دستورية حلا وسطا، بينما يراهن الحزب الاشتراكي على الفيدرالية.
الرفض الحكومي
وتابع الإسبان مساء أمس الثلاثاء باهتمام كبير النقاش القوي في البرلمان الإسباني، حيث تقدم البرلمان الجهوي لكتالونيا بمقترح يطلب ترخيصا لتنظيم استفتاء 9 نوفمبر المقبل لمنح سكان الإقليم الواقع شمال شرق البلاد فرصة الاختيار بين البقاء ضمن اسبانيا أو الانفصال. واتهت الجلسة برفض 299 نائبا لتنظيم الاستفتاء والتوصيت عليه من 46 نائبا فقط.
وتدخل رئيس الحكومة ماريانو راخوي رافضا المقترح، واستعرض دستوريا وقانونيا انتماء كتالونيا الى اسبانيا، وبنى موقف حكومته وحزبه على أطروحة “امتلاك الشعب الإسباني للسيادة الكاملة على اسبانيا ولا يمكن لأي إقليم البث في هذه السيادة بشكل أحادي”.
لكن الجديد في هذا خطاب رئيس الحكومة الإسبانية هو إعلان استعداده إجراء إصلاحات دستورية لاحتواء مطالب القوميين في كتالونيا وباقي الأقاليم، في إشارة الى بلد الباسك الذي يطلب بدوره الانفصال. ولم يحدد راخوي مضمون الإصلاحات بل تركها معلقة.
الحل الفيدرالي
زعيم المعارضة الكلاسيكية المتمثلة في الحزب الاشتراكي، ألفريدو روبالكابا، ردد أطروحة رئيس الحكومة الرافضة لإستفتاء تقرير المصير، ولكنه في المقابل طالب بضرورة تكيف البلاد مع متطلبات التعايش السياسي الذي يفرضها الواقع.
وكان زعيم الحزب واضحا في عرضه بنداءه الى تعديل دستوري يقوم على تبني النهج الفيدرالي للهيكلة القانونية والدستورية الجديدة للبلاد لتفادي مغامرات سياسية مقبلة على شاكلة استفتاء كتالونيا.
أنصار استفتاء تقرير المصير
ولم يتبنى البرلمان موقفا موحدا وإن كانت أغلبية النواب ضد استفتاء تقرير المصير. فقد أعلن اليسار الموحد، القوة الثالثة في البلاد تأييده لاستفتاء تقرير المصير. وتبنى الحزب القومي الباسكي الموقف نفسه مشيرا الى أن بلد الباسك بدوره يرغب في تنظيم استفتاء تقرير المصير مستقبلا. ودافع نواب الأحزاب القومية الكتالانية الممثلين في البرلمان الوطني عن “سيادة شعب كتالونيا في تقرير مصيره”.
حكومة كتالونيا تستمر في تنظيم الاستفتاء
ولم يتأخر رد رئيس حكومة كتالونيا أرثور ماس، ومباشرة بعد تصويت البرلمان الإسباني على رفض الترخيص لإجراء استفتاء تقرير المصير، عقد ندوة ليلة أمس مشددا على موقفه الرسمي “قوانين البرلمان الإسباني لم تحج من رغبة شعب كتالونيا في تقرير مصيره.
وتابع أن حكومته ستعمل على الاستمرار في تنظيم استفتاء تقرير المصير يوم 9 نوفمبر المقبل لأن برلمان كتالونيا الذي يمثل “سيادة الشعب الكتالاني” صادق على هذ الاستفتاء.
ويستمر مشكل القوميات في اسبانيا
وكتبت جريدة الباييس اليوم أن ست ساعات التي استغرقتها الجلسة البرلمانية لم تفضي الى اتفاق حول النزاع الترابي الذي تعيشه اسبانيا بين كتالونيا التي ترغب في الانفصال وبين حكومة مركزية مصرة على وحدة البلاد.
ويحتفل اليمين سياسيا وإعلاميا بما يعتبرونه فوزا على القوميين الكتالان والباسك، وفي المقابل، يشعر أغلبية الكتالان بأن اسبانيا تضيق بهم دستوريا ويستشهدون بالجلسة البرلمانية، كما ذهبت الى ذلك افتتاحية جريدة البيريوديكو دي كتالونيا ومقالات متعددة.
جلسة مساء 8 أبريل في البرلمان الإسباني وتاريخ 9 نوفمبر المخصص لاستفتاء تقرير المصير حلقة من حلقات التي تبرز هيمنة مسلسل الوحدة الذي عاشته اسبانيا في الماضي، حيث يدق الآن الحاضر ويجعل المستقبل مفتوحا على كل الاحتمالات.