عندما شغل بان كي مون منصب وزير خارجية كوريا الجنوبية خلال الفترة 2004- 2006 كانت إجاباته للصحفيين تدور في حلقة مراوغة متوقعة، مما حمل الإعلاميين في سيول إلي تسميته وديا: “ثعبان البحر الزلق”.
والآن في الأمم المتحدة -حيث خلف كوفي عنان في منصب الأمين العام في عام 2007- يواصل بان كي مون ممارسته لفن التهرب من الأسئلة -وخاصة الآن خلال الأزمة السورية الحالية حيث هددت الولايات المتحدة بمهاجمة سوريا من دون تفويض مجلس الأمن.
ففى مؤتمر صحفي عشية مغادرته لاجتماع قمة دول G20 الصناعية -المقرر عقده يوم 5 سبتمبر في سان بطرسبرج، روسيا- شدد بان كي مون علي أهمية ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإعتباره الهيئة الدولية الوحيدة ذات سلطة إعلان الحرب والسلم.
لكنه رفض الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان هجوما للولايات المتحدة على سوريا دون موافقة مجلس الأمن يعتبر عملا “غير قانوني” ترتكبه إدارة الرئيس باراك أوباما.
وبدلا عن ذلك، إقتصر علي القول: “لقد أخذت علما ببيان الرئيس أوباما. وأنا أقدر جهوده ليكون عمله في المستقبل مستندا إلى آراء واسعة من الشعب الأمريكي، ولا سيما الكونغرس، وآمل أن يكون لهذا المسار نتيجة جيدة”.
ومن باب المقارنة، كان سلفه كوفي عنان قد وصف في حينه الغزو الامريكي للعراق عام 2003 بأنه “غير قانوني” بل و”انتهاك لميثاق الأمم المتحدة”، فدفع ثمنا سياسيا باهظا لصراحته هذا.
ثم قال بان كي مون في مؤتمره الصحفي المذكور ان المقصود من قمة G20 هو التركيز على القضايا الاقتصادية، بما في ذلك الأهداف الإنمائية لألفية الأمم المتحدة والتنمية المستدامة.
ثم أوضح: “لكنني سأستخدم فرصة هذا التجمع للتحاور مع قادة العالم بشأن هذه المأساة (السورية)، بما في ذلك المساعدة الإنسانية لأكثر من مليوني لاجئ و 4.2 مليون سوري نزحوا داخليا.. لا بد من إنهاء هذه الحرب”.
وعن الهجمات المزعومة بإستخدام الغاز السام في سوريا الشهر الماضي، والتهديد اللاحق بهجوم عسكري اميركي علي سوريا، واصل بان كي مون ممارسة المراوغة: “كما قلت مرارا وتكرارا، مجلس الأمن له المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين”.
وعن مسار العمل في المستقبل -والذي يتوقف على نتائج التحليل العلمي من قبل فريق الأمم المتحدة بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية-، قال بان كي مون أنه سوف يتعين النظر فيه من قبل مجلس الأمن. واضاف “هذا هو ندائي بأن كل شيء يجب أن يتم التعامل معه في إطار ميثاق الأمم المتحدة”.
ثم قال أن استخدام القوة يعتبر قانونيا فقط عندما تكون في ممارسة الدفاع عن النفس، وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة و/أو عندما يوافق مجلس الأمن علي مثل هذا الإجراء.. “هذا هو المبدأ الراسخ للأمم المتحدة”. ومع ذلك تجنب بان كي كون لفظ كلمتين حساستين سياسيا: “غير قانوني” و “انتهاك”.
هذا وقد أطلع بان كي مون الدول دائمة العضوية في مجلس الامن -الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين- حول وضع فريق الامم المتحدة الذي أرسل إلى سوريا للتحقيق في ما إذا كانت أسلحة كيميائية قد استخدمت من عدمه.
لكن الواقع هو أن فريق التحقيق الأممي هذا ليست لديه ولاية لتحديد من قد يكون قد استخدم هذه الأسلحة، وما إذا كانت قوات الأمن السورية أو المتمردين الذين يقاتلون للاطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
والواقع أيضا هو أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أكد في بيان الأسبوع الماضي، وبصراحة: “الأمم المتحدة لا يمكنها أن تقول أي شيء .. لا نعرفه نحن بالفعل