صادقت الحكومة الفرنسية على قرار شبه سري بتمديد السرية على الوثائق الخاصة بعدد من الوزارات والمؤسسات وعلى رأسها وزارة الدفاع، وهذا يعني عدم الكشف عن جزء من تاريخ الأحداث في منطقة المغرب العربي-الأمازيغي مثل التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وحقائق اغتيال المعارض المغربي المهدي بن بركة.
وصادقت الدولة الفرنسية على القرار يوم 13 نوفمبر الماضي دون أن يثير هذا الانتباه الكافي لوسائل الإعلام في هذا البلد الأوروبي، وفي المقابل أثار انتباه المؤرخين والباحثين ومن ضمنهم من منطقة المغرب العربي بعدما كانوا يعتقدون أن سنتي 2020 و2021 ستكونا المنعطف للاطلاع على الوثائق التاريخية.
وينص القانون الفرنسي على رفع السرية عن مجمل الوثائق بعد مرور 50 سنة باستثناء تلك الحساسة التي قد تشكل خطرا على الأمن القومي الفرنسي.
وكان المؤرخون والباحثون ينتظرون قيام وزارة الدفاع رفع السرية عن الوثائق التي تهم مرحلة 1934 إلى 1970.
وفي قرار مضاد، يستمر المنع من الاطلاع على تقريبا كل الوثائق تحت عنوان “سرية الدفاع”، وهذا يثير قلق الباحثين. وكان آلاف المؤرخين والباحثين قد وضعوا منتصف الشهر الماضي طلبا لدى مجلس الدولة الفرنسية لإعادة النظر في القرار لأنه يعيق كتابة التاريخ المعاصر للبلاد.
ويمس القرار الدول العربية وخاصة المغرب العربي الذي كان مستعمرا من طرف فرنسا علاوة على إفريقيا. ومن ضمن العوامل التي دفعت فرنسا الى نهج هذا القرار بدء الباحثين من المغرب العربي التنقيب في الملفات الاستعمارية للوقوف على فضائع فرنسا في مستعمراتها السابقة. ويتزامن القرار مع ظاهرة استعادة دول المغرب العربي لذاكرتها التاريخية وبدء مساءلة فرنسا عن جرائم الاستعمار.
ومن ضمن الأمثلة، يترتب عن قرار الدولة الفرنسية استمرار نهج السرية في ملفات وزارة الدفاع انتظار سنوات طويلة أو عقود لمعرفة الحقيقة في قضايا شهيرة وعلى رأسها تلك الشائكة التي تورط باريس إلى مستويات الجريمة.
ومن هذه الملفات الشائكة التجارب النووية والكيماوية التي أجرتها جنوبي الجزائر وامتد تأثيرها البيئي السلبي إلى الجنوب المغربي وشرق موريتانيا وشمال مالي والنيجر. وتطالب الجزائر خلال هذه الأيام بالكشف عن الوثائق السرية الخاصة بهذه التجارب. ويؤكد طلبة، وفق ما نشرته مؤخرا جريدة “ويست فرانس”، الصعوبات التي يجدونها للبحث حول “واس” التنظيم الإرهابي الذي قتل سنة 1961 أكثر من ألفي فرنسي وجزائري خلال الشهور السابقة لاستقلال هذا البلد.
ويضاف إلى هذا، استمرار السرية في حالة ملف المعارض المغربي المهدي بن بركة الذي جرى اختطافه في باريس، وتشير أصابع الاتهام الى تنسيق دولي لاغتياله بين الموساد والمغرب وفرنسا والولايات المتحدة. وترفض فرنسا حتى الآن الكشف عن هذا خبايا هذا الملف.