رأى باحثون مغاربة أن العلاقات المغربية الإسبانية “معقدة ومثيرة” في الوقت ذاته، داعين إلى “تجاوز مخلفات الماضي بين البلدين”، واستثمار التحولات الدولية والإقليمية لتطوير العلاقات بينهما.
جاء ذلك في ندوة نظمتها المكتبة الوطنية، مساء يوم الخميس، بالعاصمة الرباط (شمال)، ناقشت فيها كتاب “الجوار الحذر العلاقات المغربية الإسبانية من وفاة الحسن الثاني إلى تنحي خوان كارلوس” للكاتب والإعلامي المغربي نبيل دريوش، المتخصص في الشؤون الإسبانية.
وقال الموساوي العجلاوي الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية (حكومي) بالرباط، إن “الحضور الجيوسياسي للمغرب مع دول الجوار علاقة قلق متبادل، مع كل من إسبانيا والجزائر وموريتانيا”، مضيفا أن التحدي بالنسبة للمغرب هو كيف يتعامل مع هذا الجوار القلق.
وأشار العجلاوي إلى أن “طبيعة الدولة الإسبانية منذ القرن 16 مبينة على أسرة النبلاء والكنيسة، ومعاداة الإسلام، في الوقت الذي بنى المغرب هويته انطلاقا من الدفاع عن الإسلام أمام الهجمات القادمة من الضفة الإسبانية”.
واعتبر الباحث المغربي أن “قضية احتلال إسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية هي بيت القصيد في العلاقات المغربية الإسبانية، وتخترق كل العلاقات الثنائية بين البلدين ولو بشكل غير مباشر”.
ورأى أنه “على إسبانيا أن تعتبر أن المغرب عمق استراتيجي لها، في ظل التحول الكبير الذي تعرفه المنطقة وبروز المسألة الأمنية بحدة، خصوصا بعدما تحولت منطقة سبتة مليلة إلى مصدر للجهاديين”.
وحذر العجلاوي من غياب التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا، مشيرا إلى أن ذلك “سينعكس على أمن المنطقة، وأنه على المغرب أن يفاوض انطلاقا من الملف الأمني، لأن المغرب هو القاعدة الوحيدة المستقرة في المنطقة، وهذا ما يعطيه أهمية استراتيجية كبيرة في المنقطة”.
وطالب بأن يتم العمل على تطوير كتاب “الجوار الحذر” ليشكل وثيقة عمل لاتخاذ القرار بالنسبة للمغرب، وقاعدة للحوار مع النخبة الإسبانية.
بدوره، قال عبد الواحد أكمير الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، والمتخصص في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية، إن “اليمين الإسباني في شخص رئيس الحكومة الأسبق خوصي ماريا أثنار، الذي كان يوصف بالرجل الذي يكره المغرب، زاد من تعقيد العلاقات المغربية الإسبانية، حيث لم يتردد في لعب ورقة الجزائر للضغط على المغرب”.
وتابع أكمير: “المغرب محكوم عليه أن يدبر علاقاته المعقدة مع إسبانيا وتقلبات السياسيين فيها، لأنه لا يمكن للمغرب أن تكون له مشاكل مع استراليا بل مع جيرانه، لأن التاريخ يتحرك في الجغرافيا، والجغرافيا ثابتة في التاريخ”.
ولفت إلى إنه “رغم الجوار الحذر أو القلق أو عدم الثقة بين المغرب وإسبانيا، إلا أن التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين منذ مارس/آذار 2004، حقق تقدما أكثر من غيره نظرا للإحساس بوجود خطر مشترك على البلدين”.
مؤلف الكتاب، نبيل درويش قال إن دافعه لكتابة الكتاب هو أنه وجد أثناء إقامته في إسبانيا أن “المئات من الأبحاث والكتب الإسبانية تعتبر أن المغرب معطى رئيسي في السياسة الإسبانية، لكن بالمقابل لم نجد شيء من هذا عندنا في المغرب”.
ومضى قائلا “لم يكن هناك إدراك في المغرب لدور اسبانيا، وحتى النخبة المدركة لأهمية اسبانيا لا يسمع صوتها ويتم تهميشها”.
وأضاف درويش أن “المغرب وإسبانيا طال الزمن أو قصر، سيتواجهان بسبب سبتة ومليلية”، موضحا أن “المواجهة لا تعني المواجهة العسكرية بالضرورة بل المواجهة السياسية والدبلوماسية”.
ودعا إلى “مراجعة ما يدرس في إسبانيا عن الإسلام والمغرب، ومراجعة ما يدرس في المغرب عن إسبانيا”.
وصدر كتاب الجوار الحذر في يناير/كانون ثان الماضي، ويقع في 205 صفحات، وجاء في 4 فصول، عنوان الأول منها “المغرب وإسبانيا في أصعب مواجهة”، والثاني “الاشتراكيين الاسبان والمغرب (2004- 2011)”، والثالث “حراك للشارع في المغرب وأزمة اقتصادية بإسبانيا”، والرابع يحمل عنوان “قضية سبتة ومليلة المواجهة المؤجلة”، فما قدم للكتب، الوزير المغربي السابق والباحث المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية العربي المساري.
وترفض المملكة المغربية الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية، وتعتبرها جزءًا لا يتجزأ من التراب المغربي، وتطالب الرباط مدريد بالدخول في مفاوضات مباشرة معها على أمل استرجاع المدينتين.
باحثون مغاربة يناقشون كتاب “الجوار الحذر” مع إسبانيا
نبيل دريوش في تقديم كتابه في طنجة منذ أيام