على وقع الحداد الوطني لثلاثة أيام وإعلان حالة الطوارئ لأسبوعين، درس مجلس الوزراء اللبناني سلسلة إجراءات لمواجهة تداعيات الانفجار الكبير الذي وقع في مرفأ بيروت، حيث استفاقت العاصمة اللبنانية على حجم الكارثة الضخم والخسارة الهائلة في البشر والحجر، وبلغت في آخر حصيلة 137 قتيلاً و5 آلاف جريح و300 ألف مهجّر من بيته.
وقال مسؤول في الدفاع المدني إنهم ما زالوا يبحثون عن نحو مئة شخص مفقودين تحت الأنقاض، خاصة في محيط مرفأ بيروت.
وبين محافظ بيروت مروان عبود «أعتقد أن هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأن منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن»، مشيراً إلى أنه يقدر كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، بانتظار أن تصدر التقارير النهائية عن المهندسين والخبراء.
وبين أن «نحو نصف بيروت تضرّر أو تدمر. إنه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها».
وتم تخزين حوالى 2750 طناً من نترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت، الذي أنفجر، حسب رئيس الوزراء اللبناني، حسان دياب.
ونقل تلفزيون «أو.تي.في» المحلي عن حسن قريطم المدير العام لميناء بيروت قوله إن الميناء خزن قبل ستة أعوام بموجب أمر من المحكمة مواد شديدة الانفجار يعتقد أنها كانت سبب الانفجار القوي الذي هزّ العاصمة اللبنانية.
ونسبت القناة إلى قريطم قوله لها إن الجمارك وأمن الدولة طلبا من السلطات تصدير هذه المواد أو إزالتها لكن «لم يحدث شيء».
قناة « أم تي في» قالت إن أول تقرير صدر عن مديرية أمن الدولة عن المواد المتفجرة في مرفأ بيروت جاء بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2019، ورُفع إلى رئيس الجمهورية وإلى الحكومة المستقيلة.
ثمّ صدر التقرير الثاني في 4 حزيران/ يونيو 2020 وسُلّم الى رئيس الجمهورية والى رئيس الحكومة حسان دياب، والتقرير الثالث في 20 تموز/يويليو الماضي، ورُفع مجدّداً إلى الرئيس ميشال عون ودياب.
وحسب مصدر مطلع فإن التحقيقات الأولية تشير إلى أن سنوات من التراخي والإهمال هي السبب في تخزين مادة شديدة الانفجار في ميناء بيروت.
وقال المدير العام للجمارك اللبنانية، بدري ضاهر، إن الجمارك أرسلت ست وثائق إلى السلطة القضائية للتحذير من أن المادة تشكل خطرا.
وقد عبّر سكان العاصمة عن غضبهم الشديد من الإهمال الفاضح للدولة، ودعوا السلطة الحاكمة إلى الرحيل فوراً بدلاً من ذرف دموع التماسيح والتنصّل من المسؤوليات الوطنية عما وصلت إليه البلاد من انهيار اقتصادي ومالي.
وأعربوا عن حزنهم للمشاهد المروّعة التي ذكّرتهم بالحرب، كما بدوا مصدومين لمنظر الأبنية التي تحوّلت إلى هياكل عظمية، وفي مقدّمها إهراءات القمح في المرفأ التي بقيت صامدة على الرغم من كل مآسي الحرب.
وفي محاولة لاحتواء غضب الناس على الطبقة الحاكمة واستهتارها بسلامة المواطنين، قرّر مجلس الوزراء تشكيل لجنة تحقيق إدارية برئاسة رئيس الحكومة ،ورفع تقرير خلال مهلة أقصاها خمسة أيام من تاريخه لاتخاذ أقصى درجات العقوبات بحق من تثبت مسؤوليته.
وطلب المجلس من السلطة العسكرية العليا فرض الإقامة الجبرية على كل من أدار شؤون تخزين نترات الأمونيوم وحراستها ومحّص ملفها أياً كان منذ حزيران 2014 تاريخ تولّي الوزير غازي العريضي حقيبة الأشغال والنقل، ورئيس إدارة المرفأ حسن قريطم حتى تاريخ الانفجار في 4/8/2020.
غير أن « كتلة المستقبل» طلبت مشاركة خبراء دوليين ولجان متخصصة قادرة على كشف الحقيقة، وأكدت وجود « شكوك خطيرة تحيط بالانفجار وتوقيته وظروفه وموقعه وكيفية حصولة والمواد الملتهبة التي تسبّبت فيه».