ألف بوست – حسين مجدوبي: تعرض ملف الصحراء المغربية للتأثير والضغط السياسي في الماضي في ملفات مشابهة نسبيا وخاصة تيمور الشرقية، لكن التأثير الذي يتخوف منه المغرب وقد يساهم في مزيد من الضغوطات عليه هو تطورات الملف القومي-الإثني في أوروبا من خلال مجموعة من استفتاءات تقرير المصير التي ستجرى قريبا وخاصة في اسكولتندا للبقاء ضمن بريطانيا أو الانفصال وإقليم كتالونيا الإسباني.
وكان البوليساريو يكثف من حملته الدبلوماسية عندما كان يكون هناك ملف مشابه نسبيا. وفي هذا الصدد، جرى الحديث عن تأثير ملف تيمور الشرقية منذ سنوات، ثم جرى الحديث عن تأثير انفصال جنوب السودان السنة الماضية على ملف الصحراء. وعمل المغرب جاهدا على استبعاد أي مقارنة بين ملف الصحراء والملفات الأخرى.
لكن هذه المرة، يأتي التأثير من القارة الأوروبية وهو ما يعتبر لافتا. في هذا الصدد، شدد الحزب الجمهوري الكتالاني الإسباني في لقاء دعم وتأييد لجبهة البوليساريو يوم السبت الماضي في مدينة إشبيلية أنه “بعد استقلال كتالونيا عن اسبانيا يجب الرهان على دعم الصحراء الغربية لتحصل على استقلالها”. وانتهى هذا اللقاء الذي حضرته جميع الفرق البرلمانية الإسبانية بضرورة الرفع من مستوى تمثيلية البوليساريو الى تمثيلية دبلوماسية في هذا البلد الأوروبي.
ويسود الاعقاد وفق معطيات الواقع وآراء بعض الدبلوماسيين الأوروبيين بما في ذلك الإسبان أن انعكاسات الملف الاسكوتلندي والكتالاني على الصحراء سيكون قويا ومباشرا للغاية. ومن ضمن أسباب التأثير هو أن استفتاءات تقرير المصير في كتالونيا واسكوتلندا ستجري في مناطق غير مسجلة في الأمم المتحدة كمناطق يجب تصفية الاستعمار منها بل كجزء من المملكة الإسبانية في حالة اسبانيا، والمملكة المتحدة في حالة اسكوتلندا. وهذا يعني أنها غير مطروحة كنزاعات دولية تتطلب حلا دوليا.
ورغم ذلك، فقد قبلت لندن استفتاء تقرير المصير في اسكتوتلندا والذي سيجري خلال سبتمبر من السنة المقبلة. وفي الوقت ذاته، تحاول حكومة مدريد المركزية تفادي استفتاء كتالونيا ولكنها قد تقبل في آخر المطاف لأن حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا مصممة على هذا الاستفتاء وتعمل من أجله بل وتقوم بتدويل الملف.
وهذا المعطى لن يصب في صالح المغرب الذي سيجد نفسه تحت ضغط دولي قوي لقبول استفتاء تقرير المصير الذي يتجنبه ويعوضه بالحكم الذاتي. وسيكون الوضع في الساحة الدولية هو الكتالي: كيف يرفض المغرب تقرير المصير في منطقة متنازع عليها أمام المتحدة وتقبله دول مثل بريطانيا في مناطق غير متنازع عليها؟
وفي الوقت نفسه، شاءت الظروف أن كل من اسبانيا وبريطانيا تنتميان الى “جمعية أصدقاء الصحراء الغربية” وتؤيدان تقرير المصير في الصحراء خاصة بريطانيا التي تتبنى مواقف صارمة تجاه المغرب. وسيزيد البلدان من الضغط على المغرب في تقرير المصير بعد تطبيقه في كل من اسكوتلندا وكتالونيا.
استفتاء اسكوتلندا واستفتاء كتالونيا وكذلك تطورات الوضع في بلجيكا المهددة بالإنقسام ستزيد من قوة مبدأ تقرير المصير في العالم. وهذه التطورات ستتطلب من المغرب خيالا دبلوماسيا وسياسيا فائقا لتفادي تأثيرات هذا التسونامي القادم من أوروبا.