يستمر الربيع العربي في تونس من خلال الاستمرار في بناء مؤسسات للبلاد تضمن السير العادي مستقبلا، وحمل اليوم الاثنين 27 أكتوبر النتائج الخاصة بالانتخابات التشريعية التي منحت الفوز لحزب نداء تونس على حساب حزب النضهة الإسلامي ، مما يؤشر على بداية تراجع الأسطورة الإسلامية.
وجرت الانتخابات يوم الأحد 26 أكتوبر الجاري، وتميزت بمشاركة مكثفة ومنها الطوابير الطويلة للتونسيين الراغبين في التصويت، وهو ما أكدت عليه الصحافة المحلية برغبة المواطنين في بناء مؤسسات البلاد.
وكانت استطلاعات الرأي تشير الى هيمنة جديدة لحركة النهضة للمرة الثانية على مجلس نواب الشعب، لكن النتائج المؤقتة حملت معطيات مخالفة لاستطلاعات الرأي والكثير من التحاليل، حيث تؤكد فوز حزب نداء تونس. واعترف حزب النهضة بزعامة رشيد الغنوشي بفوز هذا الحزب الذي يتزعمه القائد السبسي واتصل به مهنئا بالفوز.
ويعتبر حزب نداء تونس مزيجا من سياسيين من عهد الدكتاتور زين العابدين بنعلي، لكنهم لم يتورطوا في جرائم ضد الإنسانية وعمليات فساد علاوة على سياسيين معارضين بعضهم ينتمي الى النقابات وطرف آخر ينتمي الى تيارات يسارية ومنها الحزب الشيوعي.
ويعود تراجع حركة النهضة الى المركز الثاني في مواجهة نداء تونس الى عوامل متعددة أبرزها، إديولوجيا، تحفظ جزء من الشعب على سياسة النهضة بشأن السلفيين حيث لم تعلن النهضة محاربتهم بشكل قوي وصارم رغم الاغتيالات التي نفذوها في حق يساريين وليبراليين.
توظيف الليبراليين واليساريين في خطابهم النقدي لفظائع الاسلامي السياسي في ليبيا ودول أخرى ومن انعكاساته على دولة تونس في ظل استمرار حكومة بمشاركة النهضة.
في الوقت ذاته، تؤكد هذه الانتخابات أن حركة النهضة حزب قوي وله شعبية، ويعود فوزه في انتخابات أكتوبر 2011 الى أنه كان القوة المعارضة الوحيدة الأكثر تنظيما بعد سقوط الدكتاتورية، وبالتالي كانت مهيئة للفوز في ظل التشتت السياسي. فشل النهضة عبر حكومة ترويكا الثلاثية في إيجاد حل للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.
وإذا كان حزب النهضة قد حصل على 37% بحوالي مليون و300 ألف من الأصوات في أكتوبر 2011 ، بينما تراحعت الآن الى 27% بحوالي 800 ألف صوت، أي فقدت نصف مليون صوت.
وتبرز الكثير من تجارب الانتقال الديمقراطي بفوز المعارضة خلال مرحلة الانتقال ولكن ما تلبث أن تخسر الانتخابات الموالية بسبب ضعف إدارتها للدولة، وتفوز أحزاب تكون نابعة من النظام السابق ولكن بأطر لم تكن متورطة في الفساد وخروقات حقوق الإنسان ويرحب بها الرأي العام.