ستشهد اسبانيا يوم 20 ديسمبر انتخابات تشريعية وستشكل بداية مرحلة جديدة ستتميز بنهاية القطبين الحزبيين اللذين حكما البلاد طيلة الأربعة عقود الأخيرة والانتقال الى مشهد سياسي متعدد بسبب ظهور أحزاب جديدة محافظة ويسارية. وتحمل هذه التغييرات انعكاسات على السياسة الإسبانية نحو المغرب.
وأكد رئيس الحكومة ماريانو راخوي تاريخ إجراء الانتخابات يوم 20 ديسمبر المقبل. وتفيد استطلاعات الرأي بنهاية مرحلة السيطرة التي مارسها الحزب الشعبي المحافظ رفقة الحزب الاشتراكي في البلاد، كما تكشف بالتقارب الحاصل في هامش الفارق، إذ لا يتجاوز عشرة نقاط في أقصى الحالات بين الأول والرابع. ويستمر الحزب الشعبي في التقدم بحوالي 26%، يليه الحزب الشعبي بحوالي 24% ثم حزب بوديموس بحوالي 20% وأخيرا حزب سيودادانوس بحوالي 17%. وتتغير هذه النتائج من استطلاع الى آخر.
ويعود هذا التغيير الى ظهور حزبين كبيرين خلال سنة 2015، الأول وهو حزب بوديموس الذي يمثل اليسار الجديد في البلاد، ثم حزب سيودادانوس الذي يمثل اليمين المعتدل والليبرالي المنفتح في اسبانيا والمخالف للأطروحات المحافظة للحزب الشعبي.
وتتجلى المرحلة السياسية الجديدة المقبلة في اسبانيا في استبعاد فوز أي حزب بالأغلبية المطلقة بل لن يتجاوز أي حزب 28% من الأصوات في أقصى الحالات، الأمر الذي سيجعل الحكومة الإسبانية المقبلة ائتلافية.
في هذا الصدد، قد تكون الحكومة المقبلة مكونة من الحزب الشعبي وحزب سيودادانوس، وقد جرى التنسيق بين الطرفين في عدد من البلديات خلال الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت خلال مايو الماضي.
كما يمكن انتظار حكومة يسارية مكونة من الحزب الاشتراكي وحزب بوديموس. وعمليا، جرى التنسيق بين الحزبين في رئاسة بلديات وكذلك رئاسة حكومات الحكم الذاتي مثل إقليم فالنسيا.
وفي الحالتين، سواء حكومة ائتلافية يسارية أو يمينة، فسيحدث تغيير في التعاطي الحكومي المقبل مع القضايا الداخلية والخارجية. وسف لن تعد اسبانيا تقتصر على تطبيق برنامج حزبي واحد كما هو الشأن حاليا مع الحزب الشعبي الحاكم الذي يطبق برنامجه بفضل الأغلبية المطلقة التي حصل عليها في انتخابات 2011. وعليه، وستكون الحكومة المقبلة مجبرة على الحوار في الكثير من القضايا.
في هذا الصدد، سيمتد التغيير في التعاطي الحكومي مع القضايا الخارجية ومنها المغرب وأساسا قضية الهجرة والصحراء والزراعة. ولا يحمل الحزبان الجديدان مواقف ودية تجاه المغرب في هذه الملفات وخاصة الصحراء والتبادل الزراعي مع الاتحاد الأوروبي. ولا يمكن حدوث تغيير كبير في التعاطي بل لنيكون كلاسيكيا، حيث سيعمد الحزبان الى إضفاء بصماتهما على العلاقات الخارجية.
ونتيجة هذه التطورات، كما ستدخل اسبانيا مرحلة جديدة في حياتها السياسية، قد تدخل العلاقات المغربية-الإسبانية نسبيا مرحلة جديدة مختلف عن تعاطي الرباط مع الحزبين الكلاسيكيين اللذان تناوبا على الحكم طيلة أربعة عقود الأخيرة، الحزب الشعبي المحافظ مع كل من خوسي ماريا أثنار سابقا وماريانو راخوي حاليا، والحزب الاشتراكي بزعامة فيلبي غونثالث ما بين سنتي 1982-1996 وخوسي لويس رودريغيث سبتيرو ما بين 2004-2001.