يشهد قطاع القضاء المغربي سياسة “الماكارثية” التي يشرف عليها وزير “العدل” مصطفى الرميد بملاحقته كل القضاة الذين ينددون بمختلف أشكال المس باستقلالية القضاء. وآخر الأسماء التي قرر وزير العدالة والتنمية ملاحقتها القاضية آمال حماني والقاضي محمد الهيني.
وتتميز مرحلة وزير العدل و”الحريات” مصطفى الرميد على رأس الوزارة بتسجيل أعلى نسبة من ملاحقة القضاء المستقلين في تاريخ المغرب ومحاولة تقزيم وتحجيم “انتفاضة القضاة” من أجل الديمقراطية واستقلالية القضاء.
فبعد ملاحقة قضاة نزهاء مثل محمد عنبر وآخرين، يأتي الدور على قاضية مستقلة أمال حماني لفضحها أساليب التحكم في منظومة القضاء من خلال نسف التعديلات التي ترمي الى الرقي بالمغرب الى تحقيق عدالة في دولة تؤكد التقارير الدولية على فساد منظومتها القضائية. وأعلن الرميد منذ أسبوعين محاكمة القاضية بسبب رسالة كتبتها تنتقد فيها تشويه مشاريع الاصلاح. وبعد مرور أسبوعين، يعود الوزير لملاحقة القاضي محمد الهيني بالتهمة نفسها وهي “الاخلال بالواجبات المهنية وبواجبات التحفظ.
وهكذا، فقد جرى استدعاء القاضية آمال حماني، وهي عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب للمثول أمام المفتشية العامة لوزارة العدل والحريات لمساءلتها على تعليقات كتبتها في شبكات التواصل الاجتماعي “الفايسبوك” ومنها الرسالة المذكورة. بينما جرت إحالة محمد الهيني على المجلس الأعلى للقضاء بتهمة التعبير عن مواقف سياسية.
قرار وزير العدالة والتنمية يخلف الكثير من ردود الفعل وسط القضاة ووسط الرأي العام المغربي الى مستوى مقارنة تصرفاته بأساليب السيناتور الأمريكي الشهير جوزيف ماكارثي الذي كان يلاحق كل صوت أمريكي إصلاحي في الولايات المتحدة إبان أوائل الخمسينات بتهمة دعم الشيوعية. وكانت مرحلة الماكارثية من أسوأ مراحل الاعتداء على حرية التعبير ومطالب الاصلاح في الولايات المتحدة.
وظهرت أصوات قضاة نزهاء بل وهيئات مثل نادي قضاة المغرب الذين اضطروا الى التظاهر في سابقة في تاريخ المغرب، والمثير، وفق القضاة، هو سياسة الرميد بالتضييق على النادي وملاحقة القضاة الذين يفضحون الفساد.
ومن ضمن ردود الفعل ضد قرار الوزير، دخل القاضي محمد الهيني و شكيب موصابر، الكاتب العام للنقابة الوطنية للعدول وابراهيم اسعدين الكاتب العام للنقابة الوطنية للمالية ومحمد طارق السباعي، رئيس “الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب” والحقوقي الحبيب العزوزي والحبيب حاجي، رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان والعديد من المواطنين من داخل المغرب وخارجه إضافة إلى الزميل حميد المهدوي، رئيس تحرير موقع “بديل” في إضراب عن الطعام لمدة 24 ساعة ابتداء من مساء الأربعاء 2 دجنبر، احتجاجا على العدالة الإنتقامية والانتقائية في المغرب وعلى استهداف قضاة الرأي بدل متابعة القضاة المتهمين بالفساد وتلقي الرشاوى والحكم عبر هواتفهم.