أدت عمليات التجسس الأمريكية علي مؤسسة النفط البرازيلية “بتروبراس” إلي إحياء الجدل حول أسرار هذه المؤسسة التي تعتبر منذ الخمسينات رمزا لسيادة البرازيل، بل وتقف ضمن الأسباب التي دفعت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، إلي إتخاذ قرار تعليق إجتماعها مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
“النفط نفطنا”… هذه العبارة -التي أطلقت مع بداية اكتشاف النفط في عهد حكومة غيتوليو فارغاس (1930-1945)- كانت بمثابة شعار تأسيس مؤسسة “بتروبراس” في عام 1953، ورافقت تطور هذا البلد العملاق الواقع فى امريكا الجنوبية.
لكنها إكتسبت قوة أكبر في عام 1997 عندما أصدر الرئيس فرناندو هنريك كاردوسو (1995-2003) مرسوما يقضي بإنهاء إحتكار الدولة وفتح الطريق أمام مشاركة القطاع الخاص في مجالات التنقيب عن النفط الخام وإنتاجه وتكريره.
ثم عاد هذا الشعار مجددا ليعتبر راية وطنية عندما اكتشفت “بتروبراس” احتياطيات نفط علي بعد 180 ميلا من الساحل و7،000 مترا تحت طبقة سميكة من الملح، وذلك في عام 2007.
هذه الراية الوطنية الرمزية عادت مرة أخري لترفرف في عام 2009، عندما قرر الرئيس لويز ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2011) إستبدال نموذج منح الامتيازات بنظام تقاسم الإنتاج بين الدولة والشركات الخاصة.
ويذكر أن “بتروبراس” هي شركة مساهمة برأس مال مفتوح، وأن الدولة هي أكبر مساهم فيها. ومع ذلك، فقد تكون أهم أسرارها قد أصبحت الآن في يد الحكومة الأميركية وحلفائها، بما في ذلك حجم الاحتياطي، وتكنولوجيات التنقيب، واستغلال النفط والغاز في أعماق البحار.
فقد كشف الصحفي الأمريكي غلين غرينوالد، أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تجسست علي أكبر مؤسسة في البرازيل -بتروبراس-التي تعد الرابعة علي قائمة كبري شركات النفط في العالم.
وبينت وثائق سرية لعام 2012 -تسلمها غرينوالد من إدوارد سنودن الذي تعامل مع وكالة الأمن الأمريكية- بشأن برنامج تدريب عملاء الوكالة الجدد علي كيفية التجسس علي الشبكات الحاسوبية الخاصة- أن مؤسسة بتروبراس شغلت المرتبة الأولي علي قائمة أهداف الوكالة في هذه المجال.
وعلي الرغم من أن هذه الوثائق لا تبين إلي أي مدي نجحت وكالة الأمن الأمريكية في فك رموز المعلومات السرية في أجهزة كمبيوتر مؤسسة بتروبراس، إلا أنها تجرد من الشرعية تلك التفسيرات التي قدمتها وكالة التجسس الأمريكية ردا علي إدانات سابقة لها لمراقبتها لرسائل خاصة للمواطنين البرازيليين بل وحتي للرئيسة البرازيلية ديلما روسيف.
وتعليقا علي هذا، صرحت روسيف أنه “مما لا شك فيه أن بتروبراس لا تمثل أي تهديد لأمن أي دولة.. بتروبراس تمثل واحدة من أكبر الأصول النفطية في العالم.. وهي ملك الشعب البرازيلي”.
وحيث أن أن مبيعات مؤسسة بتروبراس السنوية تبلغ 90،000 مليون دولار، فقد أصبح “من الواضح أن السبب وراء عمليات التجسس الأمريكية ليس الأمن أو الحرب على الإرهاب وإنما المصالح الاقتصادية والاستراتيجية”، وفقا لرئيسة البرازيل.