تناول الملك محمد السادس في خطاب الذكرى 15 لعيد العرش العلاقات الخارجية بنوع من التفصيل ولكن كذلك بنوع من غياب الجرأة في ملف اسبانيا أساسا حيث يبقى التساؤل هل الأمر يتعلق بنوع من الذكاء أو بضعف حقيقي للدبلوماسية المغربية في ملف سبتة ومليلبة.
وتناول الملك بالإشارة مجموعة من الدول ومنها الجزائر وروسيا والصين والولايات المتحدة، لكن الخطاب لم يتطرق الى دولة استراتيجية للمغرب وهي فرنسا، بينما في الخطب السابقة التي كانت عادية كان يشير الى هذا البلد.
وفي ظل التطورات التي تشهدها العلاقات الخارجية نحو تبني أجندة جديدة ومنها الرهان على روسيا والصين علاوة على التوتر القائم مع باريس بسبب ملفات قضائية لها علاقة بمدير المخابرات المدنية عبد اللطيف الحموشي المتهم بالتعذيب، قد يكون الملك لجأ الى تفادي ذكر فرنسا في إشارة الى التقليل من دورها في مستقبل المغرب.
وتحضر التساؤلات في حالة اسبانيا، فخلال 15 سنة من حكم محمد السادس، شهدت العلاقات الثنائية مع مدريد توترات بسبب الملف الترابي في سبتة ومليلية وجزيرة ليلى. وخلال الخطابين الملكيين في يوليوز 2002 بسبب أزمة ثورة ونوفمبر 2007 بعد زيارة ملك اسبانيا خوان كارلوس السابق لسبتة ومليلية المحتلتين، تعهد الملك محمد السادس بنهج استراتيجية ستعمل على استعادة المدينيتن من الاحتلال.
وبعد سنوات، يلتزم الملك وحكوماته الصمت المطلق، إذي يرسي سياسة تجميد الملف بل وإلغاءه من الأجندة الدبلوماسية، وفي الوقت ذاته، يستجيب المغرب لطلبات ضد منطق ومنها بناء سور يحمي مليلية المحتلة، علما أن تاريخ المغاربة خلال القرون كان هو تدمير الأسوار التي تؤشر على حدود استعمارية.
ويبقى التساؤل، هل من المقبول سياسيا صمت الملك حول ملف سبتة ومليلية في خطاب للعرش بمناسبة الذكرى 15؟ هل هناك عامل يمنع أعلى سلطة في البلاد من الحديث عن ملف ترابي، علما أن الملك يحمل لقب حامي الوحدة الترابية!
الدولة العميقة تؤكد أن المغرب لا يمكنه التفريط في العلاقات مع اسبانيا بل يراهن عليها في ملف الصحراء، ولا تعترف الدولة العميقة أن هذا يتم جراء الصمت في ملف سبتة ومليلية. في الوقت ذاته، الدولة العميقة تعترف أن العلاقات مع الجزائر متوترة، وتشهد برودة ليس لها مثيل مع موريتانيا ودخلت مرحلة الجمود مع فرنسا، فلا يمكن الحديث عن سبتة ومليلية للتسبب في توتر مع مدريد.
والمثير أن هذا الصمت يأتي في وقت ازدهرت فيه صحافة رقمية قريبة من الدولة الرقمية توزع الاتهامات يمينا وشمالا باسم الوطنية، لكن لا نجد ولو منبرا واحدا مقربا من الدولة العميقة يفسر الصمت حول هذا الملف.
وعلى ضوء هذا يبقى التساؤل: هل الصمت حول ملف سبتة ومليلية هو موقف برغماتي أم مظهر من مظاهر ضعف الدبلوماسية المغربية خلال السنوات الأخيرة؟