جاء خطاب الذكرى 15 لتولي الملك محمد السادس العرش اليوم الأربعاء 30 يوليوز مختلفا هذه المرة عن باقي الخطابات السابقة، إذ تميز بنوع من الجرأة غير المعهودة في القضايا الداخلية عندما اعترف الملك بعدم استفادة جميع المغاربة من التقدم الاقتصادي الذي تشهده البلاد، وبهذا يلتقي الملك مع الكثير من المراقبين الذين ينددون منذ مدة طويلة بالتفاوات الطبقي الذي تفاحش خلال السنوات الأخيرة.
وبعد إلقاءه لفقرات في الخطاب قريبة من الدرس الأكاديمي حول منهجية احتساب غنى وثروات الشعوب، ركز على المفهوم الأخير في التنمية التي تولي اهتماما للساكنة عبر آليات معرفة الدخل والتطبيب وسن الحياة ومستوى التعليم ضمن أخرى. وفي هذا الصدد تساءل الملك بشكل واضح: “غير أنني بعد الاطلاع على الأرقام والإحصائيات، التي تتضمنها هاتين الدراستين، والتي تبرز تطور ثروة المغرب، أتساءل باستغراب مع المغاربة : أين هي هذه الثروة ؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط؟
وعلى شاكلة شهد شاهد من أهلها حول التفاوت الطبقي، يقول الملك “ إذا كان المغرب قد عرف تطورا ملموسا، فإن الواقع يؤكد أن هذه الثروة لا يستفيد منها جميع المواطنين. ذلك أنني ألاحظ، خلال جولاتي التفقدية، بعض مظاهر الفقر والهشاشة، وحدة الفوارق الاجتماعية بين المغاربة”.
ويقف الملك هنا عند مفارقة مثيرة للغاية تؤكد عليها التقارير الدولية ومنها مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي قالت أن جميع المغاربة لا يستفيدون من التدقم الاقتصادي وركزت على تدهور الطبقة المتوسطة. وتكشف الكثير من الدراسات أن المغرب يعتبر من الدول في البحر الأبيض المتوسط التي تسجل أعلى معدلات التفاوت الطبقي.
تساؤل الملك يعني أن الدولة وعلى رأسها الملك تعترف أخيرا بتنبيهات المحللين المستقلين والتقارير الدولية التي كانت تنبه الى التفاوت الطبقي الذي يتفاحش ويحكم على التنمية البشرية بالفشل، ومن عناوينه البارزة أن المغرب راوح مكانه في التصنيف الدولي للأمم المتحدة بشأن التنمية البشرية طيلة 15 سنة، حيث تقدمت علينا دول المحيط بمراكز، فالجزائر في المركز 93 وتونس في المركز 90.
واعترافه هذا يعتبر نقذا ذاتيا لنفسه ومحيطه بحكم أن محيطه هاجم الأقلام المستقلة ولم تتردد صحافة مقربة من المحيط والدولة بالتشهير بمن كان ينادي بهذا النوع من الخطاب. وفي الوقت ذاته، تعمل مختلف الحكومات وفق تصور الملك ومحيطه للتنمية البشرية.
وتعتبر جرأة الملك شبيهة بالجرأة التي ميزت خطابه في افتتاح البرلمان يوم 11 أكتوبر الماضي عندما فاجأ المغاربة بالصعوبة التي يواجهها ملف الصحراء دوليا والآن يعترف بفشل التنمية البشرية المعتمدة لأنها لم تساهم في التقليل من الشرخ الحاصل بين الطبقات وسط المجتمع المغربي.