لم تعد توصيات اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة بنزاع الصحراء، والتي تصدر بدون تصويت، تختلف عن بعضها، بعد أن أخذت المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة، مسارها منذ 2007 حتى وإن كانت متعثرة. وأخذن منحنى بروتوكولي في انتظار قرارات مجلس الأمن.
ورغم الخطابات النارية والتصادمات الخطابية بين الاطراف المعنية بهذا النزاع على منبر الجمعية العامة، فإن أعضاء اللجنة والفاعلين بالنزاع توافقوا على صدور التوصية ذات الصلة بدون عرضها للتصويت، خاصة وأـنها تفتقد القوة التنفيذية ولأنها تعطي لكل طرف من الأطراف ما يريد من جمل تعبر عن مواقف يعتبرها مكسبا ويحافظ على مرتكزات العلية السياسية التي تستند الى قرارات مجلس الأمن الدولي.
وصادقت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بدون تصويت، على مشروع توصية قرار حول الصحراء، قدمه رئيسها، سفير النيبال بالأمم المتحدة، دورغا براساد بهاتاري وتصادق عليها الجمعية العامة في نهاية دورتها والتي جاءت مماثلة لتوصية السنة الماضية.
وجاء في المشروع أن الجمعية العامة “تدعم مسلسل المفاوضات الذي انطلق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1754 (2007) ودعمته القرارات ذات الصلة اللاحقة الصادرة من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من طرف جميع الأطراف”.
وتدعو التوصية دول المنطقة والأطراف المعنية إلى التعاون الكامل مع الجهود المبذولة تحت إشراف الأمم المتحدة، ومع بعضها البعض من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من قبل جميع الأطراف للنزاع الإقليمي حول الصحراء، ودعت هذه الأطراف إلى مواصلة التحلي بالإرادة السياسية والعمل في جو من الحوار من أجل الدخول بحسن نية وبدون شروط مسبقة في مرحلة من المفاوضات المكثفة بشكل أكبر،والأخذ في الاعتبار الجهود المبذولة والتطورات التي حدثت منذ 2006، من أجل تأمين تنفيذ القرارات المذكورة لمجلس الأمن.
وبالنسبة للمغرب فإن العديد من الملاحظين اكدوا على «الدعم الهام الذي تقدمه مجموعة من البلدان، خاصة الإفريقية» لمبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب في نيسان/ أبريل 2007، والتي تعتبر «الإطار الوحيد القابل للتطبيق كحل نهائي».
وأكد سفير المغرب لدى الأمم المتحدة بعد المصادقة على التوصية أن بلاده «لا ترى أي بديل» للتفاوض حول مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، القابلة للتفاوض والتعديل والتنقيح ولا يمكن استبعادها، أو تركها جانبا، فبالأحرى تبديلها بأي مقترح آخر» ووصفها مجلس الأمن بأنها «جدية» و»ذات مصداقية» في قراراته المتتالية منذ عام 2007، مما يؤكد على تفضيله لها «كحل ملائم» لهذا النزاع الإقليمي.
وقال عمر هلال إن دعم مجلس الأمن الدولي لهذه المبادرة «ليس عرضيا أو من قبيل الصدفة»، لكونه يعبر، في الواقع، عن «قناعة الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة بأن مبادرة الحكم الذاتي تستجيب تماما للمعايير الأساسية التي وضعها لحل هذا النزاع بشكل نهائي. وأن هذه المعايير تؤكد أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، ومتفاوضا بشأنه، وقائما على الواقعية وروح التوافق وهي مبادرة «سياسية» لأنها ستتعلق «في نهاية المطاف باتفاق سياسي بين كافة الأطراف المعنية، لأن مضمونها ونطاقها يتجاوز التفسير الضيق لمفهوم تقرير المصير». كما أنها «قابلة للتفاوض لكونها ستكون ثمرة نهائية لمسلسل المفاوضات، حيث أن نتيجتها المقبولة ستكون ملزمة لكافة الأطراف».
وأضاف أن المغرب «لا يزال منخرطا في المسلسل من أجل التوصل إلى حل سياسي تفاوضي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية تحت رعاية مجلس الأمن، في إطار صلاحياتها بناء على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بتسوية النزاعات بالطرق السلمية» وأن المعايير التي وضعها مجلس الأمن في قراراته المتعاقبة منذ 2007، تشكل «الأرضية والقاعدة والإطار الوحيد» الذي ينظم عملية التفاوض التي تباشرها «حصريا» الأمم المتحدة محذرا من أن «أي انحراف عن هذه المعايير سوف يؤثر على المسلسل برمته”.
وبالنسبة لجبهة البوليساريو التي تسعى لإقامة دولة مستقلة على المنطقة المتنازع عليها فإن توصية “اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمكلفة بملف تصفية الاستعمار تؤكد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وتحث على مسؤولية الأمم المتحدة إزاء الشعب الصحراوي وحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف”.
وأكد محمد سالم ولد السالك مسؤول العلاقات الخارجية للجبهة أن القرار يشكل رفضا صريحا وقويا لمحاولة المغرب فرض الأمر الواقع حيث أكدت الدول ال193 الأعضاء بالأمم المتحدة والممثلة باللجنة الرابعة للجمعية العامة من خلال المصادقة بالإجماع على القرار الأخير تأكيدا جديدا وقويا على حق الصحراويين في تقرير المصير ومسؤولية الأمم المتحدة إزاء الصحراويين.
و أكد ولد السالك “لقد أظهرت النقاشات التي ميزت هذه الدورة للجمعية العامة كما للجنة الرابعة والتي شارك فيها عديد من الدول الأعضاء والمجموعات الجهوية وأعداد متميزة من ممثلي المجتمع المدني الإقليمي و الدولي ان حصول الصحراويين على «حقوقهم» يبقى السبيل الوحيد نحو السلام والاستقرار والمصالحة في شمال إفريقيا”.
وتبقى توصيات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار بروتوكولية بحكم عدم قويتها في إجبار أي طرف على تطبيق القرارات، لكن يبقى الأهم هو قرارات مجلس الأمن، حيث من المنتظر أن يتم عقد اجتماعا للإطلاع على تطورات الصحراء الأخيرة لاسيما بعد فشل المبعوث الشخصي للأمين العام في النزاع كريستوفر روس بدء جولته بسبب اعتراض مغربي على غياب وضوح في وساطته.