جرى في الرباط أمس تنفيذ تمرين دولي لمحاكاة وقوع طارئ إشعاعي خطير ناجم عن عمل مدبر، هو الأول من نوعه على المستوى العربي والأفريقي والآسيوي، وذلك لتعزيز قدرات المغرب في مجال الاستعداد والتصدي للطوارئ الإشعاعية والنووية.
وترأس افتتاح هذا التمرين الدولي، الذي أطلق عليه اسم «باب المغرب»، الشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية بحضور مسؤولين مدنيين وعسكريين سامين، وملاحظين دوليين يمثلون الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووزارة الطاقة الأميركية والسلطة الفرنسية للسلامة النووية والإدارة العامة الإسبانية للوقاية المدنية والطوارئ.
وتتمثل الأهداف الأساسية لهذا التمرين، الأول من نوعه، في بعد مزدوج هو الأمن والسلامة النوويان. ويحاكي حدوث عمل إجرامي يستهدف ميناء طنجة وساحة جامع الفنا في مراكش تنتج عنه مواد مشعة ويخلف ضحايا ويؤثر على قطاعات اقتصادية حيوية كالنقل والتجارة والسياحة والصحة.
ويستهدف التمرين تقييم النظام الدولي للرد وطلب المساعدة بين الدول، فضلا عن تحديد الممارسات الجيدة والتحسينات المطلوبة لتقاسمها مع الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال الوزير الضريس في افتتاح التمرين إن «الهجمات الإرهابية التي هزت بلادنا في 2003 و2005 جعلتنا نتنبه إلى ضرورة اعتبار مخاطر هذه الأعمال بنفس درجة المخاطر التي تشكلها الطبيعة أو المترتبة على التكنولوجيا»، مذكرا بأن خطاب الملك محمد السادس الموجه إلى القمة الدولية حول الديمقراطية والإرهاب والأمن المنعقدة في مدريد عام 2005 كان قد تطرق بشكل واضح إلى هذه الظاهرة.
وأكد الضريس أنه من الواضح بالنسبة إلى المغرب أن محاربة الإرهاب بكل أشكاله تشكل تحديا كبيرا، مضيفا أنه أضحى من الضروري التوفر على استراتيجية تهدف إلى الحد أو على الأقل تقليص الخسائر وآثار أحداث ذات طبيعة مشابهة، بالنظر إلى أن التهديد الإرهابي أضحى اليوم حقيقة، وأن السياق الإقليمي والدولي يشجع على إرساء مثل هذه الاستراتيجية.
وأشار إلى أن المملكة المغربية معبأة في هذا السياق لوضع أسس نظام لتوقع ومحاربة الأعمال الإجرامية التي تستخدم فيها مواد خطيرة، نظام يأخذ بعين الاعتبار ضرورة المرور من منطق الترميم إلى ثقافة الوقاية، والقطع مع المقاربة الفردية لفائدة مقاربة جماعية.
وأكد الضريس أن الهدف الأول من إرساء هذا النظام يرتكز على تكريس مساهمة كل القطاعات الوزارية والهيئات الوطنية المعنية بالموضوع، وذلك من خلال انخراطهم التدريجي والجماعي في الكثير من المبادرات، منها تنظيم عدة دورات تكوينية مشتركة يشرف على تنشيطها خبراء وطنيون وأجانب يمثلون منظمات دولية متخصصة أو بلدان صديقة للمغرب. وأشار إلى أنه يتعين تركيز الاهتمام على المدى القريب على وضع مخطط عمل وطني يحدد حسب الأولويات الخطوات التي يجب مباشرتها، أما على المدى المتوسط فيتعين العمل على تطوير القدرات الجهوية والمحلية في مجالات التكوين والتجهيز والتدريب.
من جهة أخرى، أشار الوزير الضريس إلى أن المغرب لن يستطيع بمفرده مواجهة هذه الأخطار العابرة للحدود، وشدد على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي للتصدي لهذه الأخطار ومواجهة تجلياتها. وأشاد في هذا السياق بالعمل المتميز الذي تقوم به كل المؤسسات الوطنية المعنية بهذا المجال، كما أشاد بالدعم الذي يقدمه الشركاء الأجانب للمغرب لتعزيز قدراته في مجال الاستعداد والتصدي للطوارئ الإشعاعية.
وقال عز الدين فرحان، مدير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في وزارة الخارجية والتعاون المغربية، إن تنظيم هذا التمرين الدولي يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف أساسية، تتمثل في اختبار القدرات الوطنية في مجال التنسيق والمساعدة طبقا للاتفاقيات الدولية في هذا الميدان المتعلقة بالإعلان المبكر والمساعدة الدولية في حالات إشعاعات نووية أو راديولوجية، وتقاسم الممارسات الفضلى في إطار تكوين القدرات الوطنية والدولية في مجال طلب المساعدة وتبادل المعلومات، وإبراز إسهام المغرب في تعزيز منظومة الأمن النووي الدولي والأمان أو السلامة النووية.
وأضاف فرحان، في تصريح صحافي، أن التمرين الدولي «باب المغرب» يعد محطة أساسية بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية على اعتبار أن التمارين التي تمت في رومانيا والمكسيك اهتمت بجانب واحد هو الأمان النووي، بينما هذا التمرين بالمغرب يتناول جانبي الأمن والأمان النوويين.