يتأخر المغرب في تحويل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين إلى معبر جمركي رسمي، وقد يكون هذا مرتبطا بوعيه بخطورة الخطأ التاريخي، أو على الأقل في انتظار نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستجري يوم 23 من الشهر المقبل بحكم أن هذا القرار كان مرتبطا تفهم حكومة مدريد لموقف الرباط من نزاع الصحراء.
ونشرت جريدة الباييس هذا الاثنين مقالا بعنوان “المغرب يعرقل فتح سبتة ومليلية كمركزين جمركيين”، ويبرز المقال ” تتفاوض إسبانيا والمغرب حول إنشاء جمارك تجارية في سبتة ومليلية منذ أكثر من عام ، لكنهما لم يتمكنا من الاتفاق على أكثر من إجراء ثلاثة اختبارات تجريبية”. وتضيف “تكشف المراسلات التي جرى تبادلها طوال هذه الأشهر بين مسؤولي الجمارك في كلا البلدين، واطلعت عليها جريدة الباييس أن الجدول الزمني المتفق عليه لم يتم الوفاء به ، على الرغم من حقيقة أن وزير الخارجية الإسباني ، خوسيه مانويل ألباريس ، أصر مرارًا وتكرارًا أن خارطة الطريق المتفق عليها لا تزال جارية. تظهر الرسائل أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به وأن الافتتاح غير مؤكد”.
وكان البلدان قد اتفقنا منذ شهور على تحويل سبتة ومليلية الى معبرين جمركيين، وتناسلت التصريحات من الجانب الإسباني الى مستوى تصريح رئيس الحكومة في مدريد بيدرو سانشيز أنه طلب “من ملك المغرب محمد السادس عدم التحدث عن سبتة وميلية”، وكان تصريحات مثيرا لم يجد ردا من طرف دبلوماسية الرباط. ويستخلص من عدد من المؤشرات بدء تراجع المغرب عن التعهد بتحويل سبتة ومليلية إلى مركزين جمركيين، للأسباب التالية،
أولا، انتظار نتائج الانتخابات التشريعية التي ستشهدها إسبانيا يوم 23 من الشهر المقبل، إذ يبدو أن تحويل المدينتين إلى مركزين جمركيين مرتبط باستمرار دعم إسبانيا للحكم الذاتي في نزاع الصحراء الذي تقدم به المغرب أمام الأمم المتحدة حلا للنزاع. وتفيد استطلاعات الرأي باحتمال فوز اليمين المحافظ في هذه الانتخابات لاسيما بعدما فاز في الانتخابات البلدية التي جرت الشهر الماضي. وأعلن الحزب الشعبي إمكانية مراجعة موقف الحكومة الاشتراكية نحو الاقتصار على عدم مساعي الأمم المتحدة في الصحراء بدون دعم الحكم الذاتي أو تقرير المصير.
ثانيا، فرضية وعي المغرب بارتكاب خطأ تاريخي شبيه بالخطأ الذي ارتكبه السلطان محمد الرابع بتوقيعه يوم 26 أبريل 1860 على “اتفاقية ودراس” التي بموجبها تم منح إسبانيا الأفضلية التجارية مع إنشاء مركز جمركي في مليلية، وكان ذلك بسبب هزيمة المغرب في حرب تطوان خلال السنة نفسها. ولعل من مؤشرات هذا الوعي، احتجاج الرباط منذ أسبوعين على تصريحات نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس الذي اعتبر سبتة ومليلية أراض إسبانية.
ولم تعد الدولة والأحزاب الممثلة في البرلمان المغربي تتحدث عن سبتة ومليلية رغم أنها كانت قد أعلنت سنة 2007 تحويل هذا الملف الى رئيسي في علاقاتها الخارجية، وكان ذلك بمناسبة زيارة ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس للمدينتين ضاربا بعرض الحائط عرفا سريا مع الرباط بعدم زيارتهما. ويحضر بنفس مطلبي لدى بعض المنابر الاعلامية ونشطاء اليوتوب، ومؤخرا أعلن كل من النهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن مبادرة بدعم حركات إفريقية تقديم طلب الى الأمم المتحدة لفتح هذا الملف.