بينما تسعى السلطة الحاكمة في الجزائر في تثبيت قدميها المهزوزتين في المشهد السياسي، بسبب دورانها حول رئيس مريض إضافة إلى فوز بالرئاسة بنسبة مشاركة هي الأقل وسريان شكوك وطعون واسعة في نزاهتها من قبل الخصوم، تتحرك المعارضة الجزائرية لتتمحورحول قطب الرجل المعارض الذي نافس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية علي بن فليس، فيتم تشكيل معارضة قوية لن تسمح بمرور سياسي هادئ للولاية الرابعة لبوتفليقة واسست ما اسمته “قطب القوى من اجل التغيير”.
وفي الوقت نفسه أيضا شرعت آلة السلطة السياسية في الترغيب والترهيب لضم قوى معارضة إلى فلكها لمواجهة التيار المعارض المتشكل بعد الانتخابات من جهة وامتصاص رقعة المعارضة العامة الممتدة في اطراف البلاد ضد الرئيس القديم الجديد.
وفي سياق الإعداد لمرحلة ما بعد الانتخابات أقدمت المعارضة السياسية الجزائرية بقيادة علي بن فليس الذي تبنى خطابا قويا ضد بوتفليقة وشكك في نتائج الانتخابات بل وتعهد بالاستمرار بالنضال السياسي المعارض وبقوة ، على النزول بتصورتها السياسية المعارضة إلى الارض واعلنت في هذا السياق عن تشكيل ما سمي ب” قطب القوى من أجل التغيير ” كتنظيم سياسي جديد يضم 13 حزبا معارضا ستلتف حول بن فليس بغرض تشكيل جبهة المعارضة السياسية الجديدة والقوية ،والتي تتطلع إلى عدم السماح بمرور ولاية رابعة للرئيس المريض بوتفليقة على هوى السلطة الحاكمة.
وفي بيان لهذه التشكيلة السياسية الجديدة تداولته وسائل الإعلام الجزائرية، اوضح المؤسسون عن نيتهم استقطاب مزيد من الفعاليات المعارضة لتكتلهم من شخصيات وطنية ومن مكونات المجتمع المدني الذين يشتركون مع القطب الجديد في اهدافه.وتحدث البيان، كما ذكرت صحيفة الشروق، عن أن القطب “يرفض المشاركة في أي مسعى سياسي لا يكون هدفه العودة إلى الشرعية الشعبية” .
ولم يفوت الإئتلاف السياسي المعار ض الجديد الملتف حول بن فليس، في البيان ذاته، فرصة التأكيد على اعتبار نتائج الانتخابات التي أفضت إلى فوز بوتفليقة على انها انتخابات “شملها تزوير شامل ومفضوح ، واستعمال المال الفاسد، وتجنيد بعض وسائل الإعلام المأجورة”، واتهم النظام الحاكم ب” إفساد الموعد الانتخابي الذي كان الشعب الجزائري يعلق عليه آمالا كبيرة وضيع فرصة التغيير السلمي والديمقراطي”. وجدد التشطيل رفضه لنتائج الانتخابات التي قال “إنه جرى السطو عليها”.
وفي المقابل عمدت السلطة في الجزائر إلى ترتيب الفضاء الجديد الذي يحكمه رئيس مريض، وتهيئة الولاية الرابعة للصمود في وجه خصومها سواء في الحلبة السياسية أو في الشارع من قبل القوى الاجتماعية الاحتجاجية. وتدرك السلطة الجزائرية أن لها نقط ضعف كبرى، مثل الاستناد إلى رئيس مريض وعاجز عن اداء مهامه الرئاسية بشكل طبيعي، ونتائج انتخابات بنسبة مشاركة شعبية هي الأقل.
ولترميم كل ذلك شرعت السلطة الجزائرية في تبني نهج الترهيب والترغيب كما ذكرت صحيفة الخبر الجزائرية لاستقطاب وجوه سياسية وقوى حزبية لتقوية عضدها المترنح و لتزيين وجهها وإخفاء نقط ضعفها، خصوصا في مرحلة حرجة تمر منها الجزائر .
وذكرت صحيفة الخبر ان قوى سياسية معارضة بل قاطعت الانتخابات مثل حركة مجتمع السلم الإسلامي تلقت اتصالات من السلطة في إطار مشاورات تعزيز الحكومة التي سوف تقود الولاية الرابعة لبوتفليقة . واضافت ذات الصحيفة نقلا عن رئيس “حمس” عبد الرزاق مقري،” تلقيهم إغراءات وترهيبا من طرف النظام لإدماجه في سلطته بعد الانتخبات الرئاسية” ،وذلك ضمن خطط لاحتواء المعارضة وامتصاص غضبها. ويسعى النظام الجزائري ان تكون الحكومة المقبلة فيها وجوه من المعارضة لتسجيد الانفتاح من جهة وامتصاص سخطها من جهة ثانية خصوصا في ظل النواقص المتعدة التي تتراكم على وجه السلطة الجزائرية.
وتضيف الخبر مشخصة معضلة السلطة الحاكمة قائلة:” أن مجريات الحملة الانتخابية قد كشفت عن أن أحزاب الموالاة وجدت صعوبات كبيرة في الدفاع عن مرشحها، وفي إقناع أكثر من وعائها الانتخابي المحدود، وهو ما تجلى في ضعف التجمعات الشعبية التي ألغي العديد منها بسبب غياب الجمهور”.
ويبقى المرتقب في ظل تناقضات العمل السياسي هو ما إذا كانت السطلة ستميل على “قطب قوى التغيير” لتستدرجه إلى مربعها سواء عبر إغراءات داخل الحكومة المقبلة او حول ترهيب لا تعدم النظم العربية طرقه المتنوعة .
غير ان المعارضة القوية التي ستواجهها الحكم المقبل لبوتفليقة هي تلك المبتلورة في الشارع والتي تزيد حضورا يوما بعد يوما و هي التي زودتها معطيات مثل ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، إضافة إلى مرضه وعجزه، والتشكيك في نزاهة الانتخابات مبررات أكبر للخروج وتقوية مواجهتها للسلطة الحاكمة.