رفعت وكالة الاستخبارات الأمريكية السرية عن وثائق حول نزاع الصحراء، تؤكد تنسيق العاهل الإسباني السابق خوان كارلوس عندما كان وليا للعهد مع الملك الحسن الثاني والولايات المتحدة بشأن المسيرة الخضراء، وكيف تحول خوان كارلوس إلى مصدر للمعلومات لواشنطن.
وتبرز الوثائق التي نشرتها بعض الصحف الإسبانية كيف تخوفت الولايات المتحدة من التطورات الجيوسياسية في جنوب أوروبا بعدما انهارت بعض الدكتاتوريات العسكرية مثل البرتغال واليونان وبقيت إسبانيا فقط، لكن كل المؤشرات كانت توحي بانهيار نظام الجنرال فرانسيسكو فرانكو، وكيف ستنتقل إسبانيا إلى الديمقراطية، مما يعني أن البنتاغون قد يفقد شبه الجزيرة الإيبيرية كمعبر وقاعدة للطائرات والسفن الحربية في طريقها نحو الشرق الأوسط سواء لدعم إسرائيل أو التموقع ضمن الحرب الباردة.
وتبنت الاستخبارات الأمريكية مخططا احترازيا يرمي إلى ضرورة انتزاع الصحراء من إسبانيا وتحويلها إلى منطقة للمصالح الأمريكية لا سيما العسكرية، دون الاهتمام بمواردها الطبيعية مثل الفوسفاط. وتبرز الوثيقة أن الصفقة كانت هي تخلي خوان كارلوس، وكان وقتها أميرا، عن الصحراء بمجرد وفاة الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو مقابل دعم واشنطن له ليصبح ملكا لإسبانيا.
وتبرز الوثيقة كيف تحول خوان كارلوس إلى مصدر للمعلومات بل إلى مستوى مخبر للسفارة الأمريكية في العاصمة مدريد، وكان وزير الخارجية هنري كيسنجر يشرف بنفسه على هذا الملف. وتتساءل بعض الصحف التي نشرت الوثائق: هل كان خوان كارلوس خائنا للمصالح الإسبانية بعد ظهور هذه الوثيقة لا سيما وأنه زار الصحراء قبل انسحاب إسبانيا وروج لخطاب مختلف للغاية؟
ومع بداية نوفمبر 1975، تحول خوان كارلوس إلى الحاكم الفعلي لإسبانيا بالنيابة بعد مرض الجنرال فرانسيسكو فرانكو، وبدأ في تنفيذ مخططه وهو التنسيق مع الملك الراحل الحسن الثاني حول المسيرة الخضراء بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا، حيث كان الاتفاق هو دخول المسيرة إلى الصحراء لمسافة محدودة وتولي بعثة من عشرات المسؤولين الدخول إلى مدينة العيون عاصمة الصحراء ولاحقا الجيش المغربي. وانطلقت المسيرة الخضراء يوم 6 نوفمبر 1975، وتلاها الاتفاق الثلاثي بعد أسابيع بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا قبل تطور الموضوع إلى حرب بسبب رفع جبهة البوليساريو السلاح.
وأصبح خوان كارلوس ملكا على إسبانيا عام 1975 واستمر حتى 2014 حيث تنازل لابنه الأمير فيلبي الذي سيصبح الملك فيلبي السادس، وذلك بعد فضائح مالية وغرامية كادت أن تعصف بالملكية في هذا البلد الأوروبي.