طالب المجلس الأوروبي من الحكومة الإسبانية تعليق التعاون الحدودي في محاربة الهجرة مع المغرب، ويأتي هذا القرار من تداعيات أزمة مليلية التي وقعت خلال يونيو الماضي وخلفت مقتل 23 مهاجرا. كما يأتي القرار ليبرز مدى تدهور العلاقات بين مؤسسات أوروبا والمغرب.
في هذا الصدد، كان المجلس الأوروبي قد بحث مأساة مليلية، وانتهى إلى قرار صدر الأربعاء من الأسبوع الجاري، وفق توصية نشرها في موقعه الرقمي تؤكد ما يلي: “يحث المجلس الأوروبي إسبانيا على مراجعة التعاون مع المغرب في مراقبة الحدود ، ونظراً لخطورة ما حدث يوم 24 يونيو 2022 من وفيات للمهاجرين خلال محاولتهم عبور سياج مليلية ، وفي مناسبات سابقة ، وبالتالي تعليق جميع الأنشطة المشتركة التي تؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان”.
وكانت المفوضة الأوروبية المسؤولة عن حقوق الإنسان دونيا مياتوفيتش قد زارت إسبانيا خلال نوفمبر الماضي وكذلك حدود مليلية المحتلة، وبحثت مع المسؤولين الإسبان أزمة مليلية، وانتهت الى ضرورة تعليق التعاون في الحدود مع المغرب بشأن الهجرة بسبب حقوق الإنسان. وطلبت في تقريرها من حكومة مدريد ضرورة إعطاء تعليمات الى الأجهزة الأمنية التي تحرس الحدود وتراقب المهاجرين باحترام حقوق الإنسان ووقف علميات الطرد السريع في نقط الحدود نحو المغرب. وكانت إسبانيا تقوم في بعض المناسبات بطرد المهاجرين نحو الأراضي المغربية بمجرد تجاوزهم السياج الفاصل بين هذه الأراضي وسبتة ومليلية.
التقرير يخلف قلقا كبيرا وسط حكومة مدريد، وهي الحكومة التي ستترأس الاتحاد الأوروبي خلال النصف الثاني من السنة الجارية، وتجد نفسها مجبرة على عدم رفض التوصيات. وعمليا، تجنبت الرد مباشرة على توصيات مجلس أوروبا، غير أن مصادر تابعة لوزارة الداخلية الإسبانية أكدت، وفقما نقلت جريدة لافنغورديا، أن الأجهزة الأمنية ستستمر في حماية حدود البلاد في احترام تام لحقوق الإنسان. في الوقت ذاته، يشكل القرار ضربة لمجهودات إسبانيا في مجال الهجرة، إذ تقدم الاتفاقيات مع المغرب في مجال مكافحة الهجرة بأنها مثالية ويجب على الدول الأخرى الاقتداء بها.
ويبرز القرار الجديد هذه المرة تدهور العلاقات بين المغرب والمؤسسات الأوروبية خلال الثلاث سنوات الأخيرة. والقرار الجديد لم يصدر عن البرلمان الأوروبي بل عن المجلس الأوروبي. ويأتي أياما قليلة بعد قرار لجنة البرلمان الأوروبي التي تتهم المغرب تلميحا بالتورط في التجسس على مسؤولين أوروبيين منهم رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز، وتوصي بتعميق البحث مع المغرب في هذا الشأن. ويضاف إلى قرار البرلمان الأوروبي منذ أسابيع الذي يندد بتورط المغرب في خروقات ضد الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان. وسيعالج البرلمان الأوروبي مجددا ملف الصحفيين خلال هذه الأيام.
ولا تعلق دبلوماسية الرباط على هذه التطورات، غير أن وزير الخارجية ناصر بوريطة كان قد اعترف في الماضي بفقدان العلاقات المغربية-الأوروبية لجودتها التي كانت تميزها ما بين 2000 الى 2015. وكانت بداية تدهور العلاقات بين الطرفين بقرارات القضاء الأوروبي إلغاء اتفاقية الصيد البحري ثم التبادل التجاري بسبب الصحراء.