انضمت ألمانيا إلى أطراف أوروبية وخاصة فرنسا في التنديد بإعلان تركيا استئناف أنشطتها الاستكشافية قرب سواحلها، ليخيم التصعيد مجددا بعد تهدئة لم تدم طويلا بين أنقرة وأثينا المنخرطتين في نزاع حول مخزونات موارد الطاقة شرق البحر المتوسط.
ففي بيان أصدره اليوم الثلاثاء قبيل سفره إلى اليونان وقبرص، طالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس تركيا بالكف عما وصفه بالاستفزاز، وذلك بعد يوم من إعلان أنقرة عودة السفينة “عروج ريس” لأعمالها الاستكشافية للتنقيب عن الغاز.
وأعلن ماس تضامن بلاده مع قبرص واليونان كشريكين في الاتحاد الأوروبي، قائلا إن على تركيا أن تظل منفتحة على المحادثات، وألا تستأنف التنقيب عن الغاز في المناطق البحرية محل النزاع.
وكانت الحكومة الألمانية حذرت مما اعتبرته استفزازا من جانب أنقرة، ووصفت الخطوة التركية بالأمر المؤسف للغاية.
ودعا المتحدث باسم الحكومة شتيفن زايبرت جميع أطراف النزاع شرق المتوسط إلى حل خلافاتهم بموجب القانون الدولي.
وبعيد الإعلان أمس عن إبحار “عروج ريس” من أنطاليا (جنوبي تركيا) للقيام بأعمال استكشافية في منطقة بحرية تبعد 15 كلم فقط عن الشواطئ التركية و425 كلم عن البر اليوناني الرئيسي، نددت اليونان بهذه الخطوة ووصفتها بغير القانونية، ودعت تركيا للتراجع عنها فورا، كما جددت الدعوة لفرض عقوبات أوروبية على أنقرة.
وقال متحدث باسم الحكومة اليونانية اليوم إن بلاده لن تشارك في محادثات استكشافية مع تركيا طالما بقيت سفينة التنقيب التركية في مياه الجرف القاري لليونان، حسب تعبيره.
وكانت الخارجية اليونانية اعتبرت أمس أن التحرك التركي غير قانوني، ويقوض السلام والأمن في المنطقة، داعية لإنهاء تلك الأنشطة على الفور.
وبالتزامن، حذر مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أن المهمة الجديدة للسفينة التركية الخاصة بالتنقيب عن الغاز، وعودتها إلى المياه المتنازع عليها شرق المتوسط، قد تؤدي إلى توترات جديدة.
كما عبرت فرنسا عن قلقها من هذه الخطوة، وقالت إنه يتعين على تركيا الوفاء بالالتزامات التي قطعتها فيما يتعلق بهذا النزاع، والإحجام عما وصفته باستفزازات جديدة.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد حذروا تركيا من أن العقوبات لا تزال ممكنة إذا اتخذت خطوات أحادية شرق المتوسط، بيد أنقرة تحدت الأوروبيين بعد إرسالها “عروج ريس” في مهمة جديدة.
وفي ردها على التصريحات اليونانية، قالت الخارجية التركية أمس إن أثينا ليس لها الحق في الاعتراض على أعمال التنقيب التي تقوم بها أنقرة في منطقة شرق المتوسط، على بعد كيلومترات قليلة من شواطئها، ومئات الكيلومترات عن اليونان.
كما قال وزير الدفاع خلوصي أكار إن بلاده تطلق عملياتها في منطقة تابعة لجرفها القاري، وإنه يأمل أن تكف اليونان عن اتخاذ أي خطوات من شأنها تصعيد التوتر.
ودعا أكار لحل الخلافات شرق المتوسط وبحر إيجه عبر الحوار، محذرا من اختبار قدرة وعزيمة بلاده.
وفي وقت قال وزير الطاقة فاتح دونماز إن بلاده ستواصل حماية حقوقها وإيجاد موارد محتملة بالمنطقة، أكد رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألتون أن المفاوضات ستكون غير ممكنة إذا تم إنكار حقوق تركيا شرق المتوسط.
وكان الرئيس رجب طيب أردوغان ومسؤولون آخرون أكدوا مرارا أن بلادهم لن تتخلى عن حقوقها شرق المتوسط، وشددوا على ضرورة التقاسم العادل للثروات الطبيعية بهذه المنطقة التي يرجح أنها تضم مخزونات كبيرة من الغاز لم يتم اكتشافها بعد.
وخلال مهمتها الجديدة التي تستغرق 10 أيام، تعتزم السفينة التركية القيام بأعمال جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية القريبة من الساحل التركي.
وكانت تركيا قد سحبت الشهر الماضي “عروج ريس” من مياه متنازع عليها “لإعطاء فرصة للدبلوماسية” قبل اجتماع قمة للاتحاد الأوروبي.
وقد أجرت كل من أنقرة وأثينا مؤخرا محادثات سياسية وعسكرية برعاية حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتهدئة التوترات عبر وضع آلية لمنع أي مواجهات عسكرية بين الجانبين.
لكن التهدئة لم تدم طويلا، حيث أعلنت اليونان مؤخرا عن مناورات بحرية في منطقة متنازع عليها مما أثار غضب تركيا التي قررت إجراء مناورات مماثلة.