أصبح حضور المخابرات المغربية في الاعلام الإسباني ملفت للنظر، فقد صدر كتاب حول تسرب عميل اسباني الى جهاز المخابرات المغربي وأصدر مذكرات بعنوان “العميل الغامض”، لكن المفاجأة هي تحقيق القضاء الإسباني في ملف تبييض الأموال له ارتباط مفترض بالمخابرات وخاصة زوجات مسؤولين مغاربة منهم الأمين العام لمجلس الجالية المغربية عبد الله بوصوف.
ونشرت جريدة الموندو الثلاثاء من الأسبوع الجاري ربورتاجا بعنوان “نساء واجهة لأعمال جواسيس مغاربة في اسبانيا”، ويدور حول التحقيق القضائي بشأن منح مالية صادرة عن المغرب لعدد من الجمعيات المغربية في اسبانيا لكن يتم تبييض جزء من هذه الأموال وتنتهي في جيوب عدد من من يفترض أنهم “الجواسيس” المغاربة المسؤولين عن توزيعها.
ويتحدث الربورتاج المعتمد على التحقيق القضائي عن عمل الاستخبارات المغربية في إنشاء شبكات خاصة في المجال الديني لمراقبة أنشطة المغاربة خاصة لمحاربة التطرف في صفوف الجالية، وكيف يخصص المغرب ميزانية ضخمة تقدر بملايين اليورو لهذا النشاط سواء لتعليم العربية أو تكوين الأئمة ومساعدة المغاربة على إنشاء مساجد.
التحقيق يبزر استغلال جمعويين ومسؤولين مغاربة لجزء من الميزانية المالية المخصصة لهذا الغرض ، حيث أنشأوا شركات في برشلونة والرباط لتبييض جزء من هذه الأموال وإرسالها الى المغرب. وأنشأت هذه الشركات زوجات المسؤولين، حيث تتم الإشارة الى ناشط جمعوي وزوجة ضابط في الاستخبارات المغربية ثم زوجة الأمين العام لمجلس الجالية عبد الله بوصوف.
ولعل من الفقرات الساخرة في التحقيق القضائي هو الوقوف على فواتير عديدة وبعضها يحمل تاريخ 31 فبراير، أي يوم لا وجود له في السنة اعتبارا أن فبراير هو 28 يوما و29 كل أربع سنوات أما 30 و31 فبراير فلا وجود لهما.
التحقيق القضائي يطرح قضايا خطيرة للغاية حول عمل الاستخبارات أو المسؤولين على ملف اسبانيا، أولا: كيف أن جزء من الأموال التي يتم تحويلها الى اسبانيا لصالح الجمعيات يعود الى المغرب؟ في الوقت ذاته، سؤال آخر: العمل الاستخباراتي يتطلب السرية، فكيف سمح مسؤولون لأنفسهم بتكليف زوجاتهم بالإشراف على شركات يفترض أنها واجهة لصرف الأموال للجمعيات العملاء وخاصة نساء لا يقمن خارج المغرب؟
هل تصرفت الأطراف بثقة زائدة في النفس في اسبانيا اعتقادا أن مساعدة اسبانيا في محاربة الإرهاب سيجعلها تتسامح مع مثل هذه التصرفات، علما أن مصلحة الضرائب عندما تتدخل لا تتسامح حتى مع أفراد العائلة الملكية كما وقع مع كريستينا شقيقة الملك فيلبي السادس وصهره المعتقل في السجن.
كما أن هذه التجاوزات التي تبقىى أخطاء خطيرة تطرح علامة استفهام حول دور المفترض لقسم التفتيش داخل الاستخبارات المكلف بمراقبة عمليات تحويل الأموال وهل تصرف من أجل الأهداف المسطر لها، ومنع وقوع أخطاء مثل لجوء مسؤولين أو عملاء الى أفراد عائلاتهم في النشاط الاستخباراتي القام على واجهات تجارية.
لقد التزم المغرب الرسمي الصمت في أكبر اختراق تعرضت له المخابرات المغربية وهي قضية كريس كولمان، وبدون شك سيلتزم الصمت في هذه الحالة، علما أن هذه المرة الموضوع مطروح أمام القضاء الإسباني.