ليلة رعب جديدة عاشتها مصرحتان في ملف الصحافي “توفيق بوعشرين”، مؤسس صحيفة “أخبار اليوم”، و”اليوم 24″، بدأت قبل ساعتين من موعد إفطار يوم أمس الاثنين، واستمرت حتى صباح اليوم الثلاثاء، بعد أن أحيلت الزميلة “حنان باكور”، على قسم الانعاش في المستشفى الجامعي بن رشد.
وحاصرت عناصر أمنية بزي مدني، مساء أمس، المنزل حيث كانت توجد “حنان باكور”، برفقة “عفاف برناني”، المستخدمة في صحيفة “أخبار اليوم”، ونفذت الاقتحام بتعليمات من النيابة العامة، تطبيقا للقرار الرامي إلى إحضار المصرحات بالقوة العمومية إلى المحكمة، للإدلاء بتصريحاتهن في ملف سبق لهن أن نفين علاقتهن به في محاضر الشرطة القضائية، ورفضن تقديم أي شكاية بالصحافي بوعشرين.
المداهمة الأمنية، التي نفذتها فرقة تابعة للشرطة القضائية في الرباط، تمت لحظات بعد قطع التيار الكهربائي، والماء عن الشقة، حيث كانت توجد المصرحتان، بحسب معطيات دقيقة حصل عليها “اليوم 24″، وهو ما خلف حالة ذعر تسببت في دخول الزميلة “حنان باكور” في غيبوبة، تطلبت نقلها، في حدود الساعة السادسة من مساء أمس، إلى قسم المستعجلات في المستشفى الجامعي ابن سينا، بينما تم اقتياد عفاف برناني إلى مقر ولاية الأمن في الرباط، التي ظلت محتجزة بها لأزيد من 5 ساعات.
ووسط حراسة أمنية مشددة، اقتصرت على عناصر أمنية من الذكور فقط، بعد أن انتهت مهمة الشرطيات عقب تنفيذ الاقتحام، باشر الطاقم الطبي بقسم المستعجلات تشخيصه لوضعية “حنان باكور”، في ظل ارتباك كبير.
وقال شهود عيان إنه كلما كانت تستفيق “حنان باكور” جزئيا من غيبوبتها، إلا ويقترب منها مسؤول أمني، ويقول، “دعوني أشرح لها وضعيتها القانونية”.
ولم تفلح تدخلات الطاقم الطبي في وضع حد لحالة الغيبوبة، التي تعرضت لها “حنان باكور”، بعد أكثر من ساعتين ونصف مرت على دخولها قسم المستعجلات، ليقرر الطبيب المعالج إحالتها على مستشفى الرازي بسلا، فنقلتها سيارة الإسعاف التابعة للوقاية المدنية في الساعة الثامنة و40 دقيقة ليلا.
وبعد أقل من ساعة قضتها “حنان باكور”، داخل مستشفى الرازي في سلا، غادرت المستشفى نحو ولاية الأمن بالرباط، محمولة على سرير سيارة الإسعاف، لأنها لا تقوى على المشي، وتتحدث بصعوبة، بينما قال عنصر من الأمن، الذي رافقها، إن الطبيب المعالج سلمهم شهادة طبية تثبت أنها في صحة جيدة!
الشهادة الطبية، المسلمة من مستشفى الرازي، ما لبثت تفندها الوقائع اللاحقة، حيث لم تقو “حنان باكور” على الوقوف بعد الوصول إلى مقر ولاية أمن الرباط، فحملتها عناصر الوقاية المدنية، ووضعتها داخل سيارة للأمن.
وعلى الرغم من إصرار “عفاف برناني” على أن ترافقها في السيارة نفسها، نحو محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، لتعتني بها، إلا أن العناصر الأمنية رفضت، فتم وضع حنان في سيارة، وعفاف في سيارة أخرى، لتنطلقا معا نحو محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء قبل منتصف الليل بنصف ساعة.
وظلت الوقائع تكذب ما ادعته العناصر الأمنية، من أن حالة حنان جيدة وبإمكانها الذهاب إلى المحكمة، استنادا على الشاهدة الطبية المسلمة من طرف الطبيب المعالج، -حسب قول رجال الأمن، إذ بعد وصولها إلى المحكمة، وهي لا تقوى على الوقوف، قال طبيب الوقاية المدنية، الذي كان موجودا في عين المكان، إن وضعها الصحي لا يحتمل أن تتقدم إلى هيأة المحكمة للاستماع إلى أقوالها، وحرر شهادة طبية تثبت عجزها.
فتم نقلها بشكل مستعجل، في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، إلى قسم المستعجلات في المستشفى الجامعي ابن رشد، حيث أحيلت بعد ذلك على قسم الانعاش، وبعد ساعات غادرت المستشفى في حدود منتصف اليوم.
وكان مثيرا للانتباه مرافقة عناصر أمنية لحنان باكور، إلى قسم المستعجلات في المستشفى الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء، وظلت العناصر الأمنية تحرس غرفة الإنعاش، حيث كانت ترقد رئيسة تحرير “اليوم 24″، وتم منع أسرتها من الاقتراب من القاعة من أجل الاطمئنان على صحتها.
واستنكر دفاع توفيق بوعشرين الظروف، التي صاحبت نقل حنان باكور، رئيسة تحرير موقع “اليوم 24” إلى المستشفى.
وقال المحامي عبد المولى المروري، في تصريح لـ”اليوم 24″: “باعتبار أن حنان بكور شاهدة، فلابد أن تنطبق عليها مواد قانون المسطرة الجنائية، خصوصا المادة 82-6 وما بعدها”.
وأضاف المحامي ذاته: “المادة المذكورة تؤكد وجود أسباب جدية من شأنها أن تعرض حياة، أو سلامة المعني بالأمر لخطر أو ضرر مادي أو معنوي، والتي اشترطت أن تتم الحماية بطلب من المعني بالأمر”.
وأكد المروري أن حنان بكور لم تطلب الحماية، وبالتالي لا يوجد أي مقتضى قانوني يبرر أن يتم وضع 9 رجال أمن لحراستها، ولا يمكن اعتبار هذا التصرف إلا في إطار التعسف والشطط في استعمال السلطة، من أجل التخويف، وإدخال الرعب في نفوس باقي المصرحات الرافضات دخول هذه المهزلة.
من جهته، قال النقيب عبد اللطيف بوعشرين إن الطريقة، التي تم بها تنفيذ إحضار المصرحات في ملف الصحافي توفيق بوعشرين، تجاوز الإحضار بالقوة العمومية إلى التعسف.
وكانت غرفة الجنايات في محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء قد أصدرت، بداية الأسبوع الماضي، أمرا يقضي بإحضار المصرحات في الملف بالقوة العمومية، بعد رفضهن تقديم أي شكاية بالصحافي توفيق بوعشرين، ونفيهن تعرضهن لأي استغلال، أو تحرش جنسي.