قالت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان هذا الأسبوع أثناء فعاليات نشر تقريرها عن بعثة تقصي الحقائق المرسلة إلى المغرب في يونيو/حزيران 2014، إن الإصلاحات القضائية التي شرعت فيها السلطات المغربية منذ 2011 تعد ضرورية، إلا أنها لا تكفي بذاتها لتوفير حماية فعالة لحقوق الإنسان في البلاد.
وقد لاحظت الفدرالية بمزيد من القلق القمع الذي يتعرض له ممارسو الاحتجاجات العلنية السلمية على بعض سياسات السلطات المغربية. بخلاف الاستخدام المفرط للقوة بحق المتظاهرين، وتقييد حرية تكوين الجمعيات، التي شوهدت في الشهور الأخيرة (فقد منعت مؤخراً مظاهرات واجتماعات دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية آمنستي والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان)، تستنكر الفدرالية اللجوء إلى إجراءات قضائية غير عادلة بحق النشطاء والمتهمين بالمساس بأمن الدولة.
وقال كريم لاهيجي، رئيس الفدرالية الذي قاد بعثتها إلى المغرب: “في مناخ مقلق من الإفلات من العقاب، تتعرض أصوات المعارضة السلمية، التي ساهمت مع ذلك في هذا الحراك الإصلاحي الراهن، للتضييق والقمع من جانب السلطات المغربية”.
أثناء البعثة اكتشفت الفدرالية أيضاً غياباً مقلقاً للإجراءات القضائية العقابية الفعالة تجاه المسؤولين عن حالات التعذيب وإساءة المعاملة التي شوهدت في السنتين الأخيرتين، خلال الحراسة النظرية والحبس الاحتياطي للمشتبه بهم ممن عبروا عن آراء معارضة في أحيان عديدة. ومن أسباب تلك الانتهاكات الحقوقية غياب المحامين في تلك الفترة الحاسمة، فترة الحراسة النظرية والاستجواب.
كما أن ظروف الاحتجاز تبعث بدورها على القلق العميق، فالأوضاع المؤسفة التي شوهدت أثناء زيارة الفدرالية إلى أربعة سجون (سجن عكاشة في الدار البيضاء، وسجني سلا 1 و2 في الرباط، وسجن العيون) تمثل نموذجاً دالاً على إجمالي المؤسسات العقابية في المغرب: اكتظاظ في السجون، وفترات مطولة من الحبس الاحتياطي. وبحسب المعلومات التي تم التوصل إليها، يقبع أكثر من 50 بالمئة من نزلاء السجون المغربية رهن الحبس الاحتياطي، الذي يتجاوز الحد القانوني المقدر بعام واحد في كثير من الحالات.
أما تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بالعدالة، والرامية إلى التصدي لبعض أوجه القصور هذه، فهي تمضي بدون جدول أعمال أو أولويات محددة، والنتيجة أننا نشهد اليوم اختناقات برلمانية تؤدي إلى إبطاء عملية الإصلاح، التي لا غنى عنها في سبيل تلبية المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان. ومن جهة أخرى، حتى تتسم هذه الإصلاحات بالفعالية، فإن من اللازم أن تصحبها التزامات وقرارات سياسية حازمة لحماية الحريات العامة ومعاقبة المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان.
وبينما يستضيف المغرب أعمال المنتدى العالمي الثاني لحقوق الإنسان هذا الأسبوع، فإن الفدرالية تدعو السلطات المغربية إلى التفعيل العاجل للنصوص الدستورية ولالتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان. وقد قال كريم لاهيجي: “ينبغي للسلطات المغربية أن تنتهز فرصة هذ الحدث للانتقال من الأقوال إلى الأفعال”.
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان: إصلاحات المغرب لا تكفي لتوفير حماية فعالة لحقوق الإنسان
من صور عنف السلطة في المغرب