يعيش اليمين في كل من اسبانيا وفرنسا أزمة سياسية وأخلاقية بسبب ملفات الفساد الكبرى بعدما أصبحت رموزه الرئيسية عرضة للاتهامات بالفساد والاختلاس. وينتج عن هذا الوضع تقدم اليسار والحركات القومية المتطرفة مثل الجبهة الوطنية في فرنسا.
ولم يستطع الأمين العام للحزب الشعبي ماريانو راخوي تشكيل الحكومة في اسبانيا رغم فوزه بالمركز الأول، وذلك بسبب رفض باقي الأحزاب التنسسيق معه نتيجة قضايا الفساد التي تلاحق حزبه منذ سنوات وبدون انقطاع.
وتوجد عشرات الأسماء الكبيرة من الحزب الشعبي المحافظ متابعين من طرف القضاء في اختلاسات مالية وتحويلات من ميزانيات رسميةـ وآخرها استقالة زعيمة الحزب في مدريد إسبيرانسا أغيري هذه الأيام وهي التي شغلت مناصب وزارية وكانت رئيس مجلس الشيوخ بسبب قضايا الفساد المالي.
وكان اليمن المحافظ التقليدي في اسبانيا قد نجح في التأقلم مع التطورات خلال الأربعين سنة الماضية، حيث سيطر على الفضاء السياسي اليميني من أقصى التطرف الى الليبرالية المنفتحة، ولم ينجح أي حزب يميني جديد في إيجاد مكان له طيلة الثلاثة عقود الأخيرة.
لكن خلال السنة الأحيرة، بدأ العد التنازلي للحزب، وكان قد حصل على أكثر من عشرة ملايين صوت في انتخابات 2011 ليتراجع الى قرابة ستة ملايين صوت في انتخابات 20 ديسمبر الأخير. ويحدث هذا بسبب انفجار ملفات فساد كثيرة خلال السنوات الأخيرة. وهذا الفساد كان حاسما في ظهور حزب ليبرالي جديد وهو اسيودادانوس الذي قد يتحول الى لاقوة اليمينية الأولى في البلاد خاصة وأنه منفتح.
ويتكرر المشهد في فرنسا، حيث يمر اليمين من أزمة مفتوحة بعدما تعرض زعيمه الرئيسي نيكولا ساركوزي الى نكسات سياسية آخرها استنطاق قضاة له بالتمويل غير الشرعي وتوجيه تهم في هذا الشأن تتعلق بحملته الانتخابية سنة 2012. وهذه هي المرة الثانية التي يمثل فيها ساركوزي أمام القضاء بعدما كان قد جرى اعتقاله في يوليوز 2014 بتهمة استغلال النفوذ لخرق سرية التحقيق حول التحقيقات القضائية التي كانت بشأن تمويل الزعيم الليبي معمر القذافي لحملته الرئاسية التي قادته الى الرئاسة سنة 2007. ومن شأن هذه الفضائح تقويض فرص تولي ساركوزي رئاسة فرنسا خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وعمليا، يعتبر اليمين في فرنسا واسبانيا الأكثر فسادا مقارنة مع باقي الأحزب اليمينية في أوروبا، وهو ما يجعله يفقد الكثير من حضوره في الساحة السياسية حاليا.