انتقلت العلاقات بين المغرب والجزائر الى توتر جديد، وتعد الطبقة السياسية الجديدة التي ترافق عبد المجيد تبون من دبلوماسية وعسكرية الأشد عداوة للمغرب الى مستويات مقلقة، وهو ما سيرشح هذه العلاقات الى الجمود على شاكلة علاقات الرباط مع جنوب إفريقيا.
وكانت بعض الأوساط في الرباط تعتقد أنه بعد ذهاب نظام عبد العزيز بوتفليقة الذي حكم طيلة 20 سنة، ستعرف العلاقات الثنائية انفراجا، لكن ما حصل هو العكس بسبب وصول موظفي الاستبلشمنت أو الدولة العميقة الجزائرية الى الحكم الذين يفتقدون الى الليونة السياسية مقابل التطرف الوطني.
ومنذ وصوله الى الرئاسة، عمل الرئيس عبد المجيد تبون على الرفع من منسوب التوتر مع المغرب عبر ملف الصحراء، حيث شدد على ضرورة إعطاء الملف مستوى آخر في أجندة الدبلوماسية الجزائرية. وهو ما ذهب إليه عدد من المسؤولين الآخرين ومنهم وزير الخارجية.
وتستغل السلطة الجديدة أدنى خطأ وإن كان بدون تأثير لتعزيز تفاقم التوتر، كما حدث مع القنصل المغربي في وهران الذي بافتقاده لحس المسؤولية، طلق العنان للسانه في تجمهر علني. ورغم الاعتذار غير المباشر الذي قدمه المغرب، أصرت الجزائر على عملية الترحيل أو الطرد التي كشفت عنها الثلاثاء من الأسبوع الجاري.
ويعد الفريق الجديد في السلطة أكثر تطرفا من عبد العزيز بوتفليقة، هذا الأخير كان ضحية تاريخه وماضيه بالحلم بالجزائر الكبرى، كانت العلاقات مع شخصيات مغربية تعتبر فرملة من استراتيجية العداء في بعض الأحيان. لكن الفريق الجديد يفقد لهذه العلاقات التاريخية، ويرى في المغرب ما يلي:
في المقام الأول، هذا الفريق يرى في المغرب الدولة التي ضايقت تطور الجزائر وساهمت في الحرب الأهلية غير المعلنة التي عصفت بالبلاد إبان التسعنيات إثر انقلاب الجيش على جبهة الانقاذ الاسلامي.,
في المقام الثاني، تعتقد في لعب المغرب دور حتى الآن في التضييق على الجزائر لضرب النظام، على شاكلة دور المغرب في إسقاط النظام الليبي بزعامة معمر القذافي إبان الربيع العربي. ولهذا، تروج الجزائر مؤخرا لرواية تورط دول مجاورة في ضرب الجزائر، وتمجد دور المؤسسة العسكرية في ما يفترض مواجهة هذه المخططات. هذا الفريق الجديد من السلطة لا يغفر للرئيس بوتفليقة قبول حسن عبد الخالق سفيرا للمغرب في الجزائر والذي كان ينادي بضرورة استعادة المغرب للصحراء الشرقية.
وعليه، رهان المغرب على الفريق الجديد في الرئاسة والدبلوماسية والجيش لخلق أجواء جديدة في العلاقات الثنائية تتسم بالانفراج هو رهان خاسر بحكم الفكر الوطني المتطرف المهيمن وسط هذا الفريق الجديد.
وقد تسير العلاقات الثنائية نحو سحب السفيرين وتجميد العلاقات تقنيا، أي المحافظة على وجود سفارة بممثل من مستوى منخفض، وتسير نحو المواجهات المتعددة في في المنتديات الدولية مثل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة على خلفية الصحراء.