تنتظر العلاقات المغربية-الأوروبية تحديات كبرى خلال سنة 2016 حيث ستتعرض لامتحان بشأن احتمال إلغاء اتفاقية التبادل الزراعي بين الطرفين بسبب الصحراء، الأمر الذي سيدفع الى تساؤل من الرباط أساسا عن المكتسبات المتبادلة خاصة في ظل انخراطها في المشاركة في الأمن القومي الأوروبي في مكافحة الإرهاب مقابل نكسات تتعرض لها من شريكها التجاري والسياسي الأول.
وتنتهي العلاقات الثنائية بين الطرفين سنة 2015 على إيقاع هزتين جرى تسجيلهما خلال ديسمبر الجاري. والأول هو قرار المحكمة الأوروبية إلغاء اتفاقية التبادل الزراعي والمنتوجات البحرية التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2012 بعدما تقدمت جبهة البوليساريو بدعوى تطعن فيها تحت ذريعة عدم البث النهائي في سيادة منطقة الصحراء . والهزة الثانية تتجلى في تصويت البرلمان الأوروبي على قرار يطالب الأمم المتحدة بتكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.
وإذا كانت الهزة الثانية غير ملزمة عمليا للاتحاد الأوروبي بحكم البث في تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان يعود الى الأمم المتحدة، فالهزة الثانية المتعلقة بالتبادل الزراعي هو قرار ملزم للمفوضية الأوروبية. وفي حالة حكم الاستئناف بنفس الحكم الأولي، وقتها ستضطر المفوضية الأوروبية الى إعادة التفاوض مع المغرب، كما حدث في اتفاقية الصيد البحري التي ألغاها البرلمان سنة 2011 بسبب الصحراء وجرى التفاوض بشأنها بمعايير جديدة ميزت الصحراء عن باقي المغرب. ومن المنتظر ضدور حكم مشابه في اتفاقية الصيد البحري، حيث تقدمت جبهة البوليساريو بدعوى مماثلة.
ونشرت وكالة إيفي الإسبانية هذه الأيام مقالا تحليليا حول تراجع العلاقات الاقتصادية المغربية-الأوروبية، وتشير الى أن المغرب يشكل فقط 1% من التبادل التجاري للاتحاد الأوروبي لكن العلاقات تبقى ذات حساسية خاصة بسبب القرب الجغرافي والاتفاقيات التي تجمع الطرفين.
وتؤكد في هذا الصدد سعي المفوضية الأوروبية الى استئناف قرار المحكمة الأوروبية بإلغاء اتفاقية التبادل الزراعي، وتنقل عن مصادر أوروبية قولها “بالإستئناف في وقت لا يوجد أمل للربح القضية لأن حكم المحكمة اعتمد على أنه لا توجد دولة واحدة في الاتحاد الأوروبي تعترف بسيادة المغرب على الصحراء”.
وتشرح مصادر دبلوماسية أوروبية لجريدة القدس العربي أنه “إذا كان هناك اعتراف واحد من طرف دولة عضو في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا بمغربية الصحراء لن تطرح مثل هذه المشاكل الآن ولا مستقبلا”.
ويجهل القرارات التي ستخذها المغرب في حالة تأكيد المحكمة الأوروبية قرار إلغاء الاتفاقية وتطبيقه، إذ طالبت المفوضية الأوروبية القضاء بعدم تفعيل الحكم حتى البث النهائي في الملف.
ويوجد المغرب أمام تحديين، الأول وهو كيفية إعادة صياغة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في وقت بدأ ملف الصحراء يعيق تطور هذه العلاقات بسبب الحملة التي تشنها البوليساريو واللوبي المؤيد لها بشأن منتوجات وحقوق الإنسان في الصحراء.
ويتجلى التحدي الثاني في مخاطبة الرأي العام المغربي الذي يتساءل عن هذه النكسات الدبلوماسية في وقت يؤكد المغرب الرسمي تطور العلاقات بفضل التعاون الأمني في محاربة الإرهاب.