مرت ثلاث سنوات على الفوز في الانتخابات التي قادت حزب العدالة والتنمية الى تزعم الائتلاف الحكومي المستمر حتى الآن والذي شهد تغييرات بخروج حزب الاستقلال ودخول حزب الأحرار. وتتعدد القطاعات التي يمكن إجراء تقييم فيها لعمل الحكومة، ومنها مجال الدبلوماسية. ورغم أن هذا القطاع من اختصاص المؤسسة الملكية، فهذا لا يعفي الحكومة من المحاسبة في التقييم، حيث حصد المغرب أسوأ النتائج منذ عقود.
وتشتغل الحكومة الجديدة على الدستور المصادق عليه سنة 2011، ويمنح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة المغربية في ممارسات صلاحيات دبلوماسية منها الزيارات الى الخارج وتعيين سفراء.
وطيلة الثلاث سنوات التي يتواجد فيها عبد الإله ابن كيران على رأس الحكومة لم يبادر بأي مبادرة خارجية تاركا مجال الدبلوماسية للمؤسسة الملكية وفي الوقت ذاته وجد أمامه محيط ملكي رفض أن يكون الوجه الدبلوماسي للمغرب في الخارج في يد “إسلامي ملتحي” ينفعل ولا يسيطر على تصريحاته في وقت تحاول الدبلوماسية المغربية المحافظة على الرزانة في معاملاتها.
وعمليا، يعتبر رئيس الحكومة المغربية الوحيد منذ الاستقلال الذي طيلة ثلاث سنوات لم يزر أي عاصمة أوروبية بشكل رسمي باستثناء زيارات شبه رسمية لحضور منتديات متعددة. وكانت له زيارة واحدة لإسبانيا لألقاء محاضرة في برشلونة، بينما لم يزر لا باريس ولا روما ولا بروكسيل أو عاصمة أخرى بشكل رسمي.
في الوقت ذاته، عقد قمة ثنائية واحدة مع بلد غربي ويتعلق الأمر بقمة رسمية مع نظيره الإسباني ماريانو راخوي دون قمم مع رؤساء حكومات أخرى. وهذا في الوقت ذاته، يعتبر سابقة في تاريخ الدبلوماسية المغربية ومفارقة حقيقية على ضوء الاتفاقيات الكثيرة الموقع مع الدول الأوروبية.
ودائما في العلاقات الثنائية، لم تسجل العلاقات الثنائية أي تطور مع أي دولة بما فيها اسبانيا حيث تتحكم عوامل أخرى في الهدوء الحالي. ورغم مبادرة وزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني بزيارة الجزائر كمحطة أولى، إلا أن العلاقات مع الجار الشرقي تدهور وانتقلت الى أزمة بنيوية.
وتبقى المفارقة الكبيرة في العلاقات مع موريتانيا هو غياب سفير للجار الجنوبي في الرباط منذ مجيء ابن كيران، حيث ترفض نواكشوط حتى الآن تعيين سفير لها رغم زيارة وزير الخارجية صلاح الدين مزوار الشهر الماضي ولقاءه بالرئيس محمد ولد عبد العزيز.
ويعتبر ملف الصحراء من الملفات التي سجلت تراجعا بسبب إقدام برلمانات قوى كبرى مثل البرازيل وإيطاليا والسويد والتشيلي على الاعتراف بما يسمى جمهورية البوليساريو، ويبقى التقدم الحيد الذي حققه المغرب هو سحب بعض الدول مثل بنما والباراغواي اعترافها بهذه الجمهورية المعلنة من طرف واحد. وملف الصحراء يتطلب فصلا خاصا بسبب مركزية القضية في الدبلوماسية المغربية.
وعلاقة بالصلاحيات، طبق رئيس الحكومة ابن كيران بامتياز الملك هو المسؤول، حيث لم يقدم على تعيين أي سفير وإن كانت البيانات تحافظ على البروتوكول القائل بأن تعيين السفير جاء بمقترح من رئيس الحكومة. ولعل المفارقة هي تعيين السفير الجديد في الأمم المتحدة عمر هلال خلال أبريل الماضي، ومصادقة الحكومة عليه عند بداية الموسم الجديد.
وعليه، تبقى حصيلة العلاقات الخارجية في حكومة ابن كيران الأسوأ من نوعها في تاريخ الدبلوماسية المغربية منذ الاستقلال، ويصبح الأمر مقلقا في ظل الصلاحيات التي منحها الدستور لرئيس الحكومة والتي لا يقوم بتفعيلها عملا بأن الدبلوماسية من اختصاص الملك.
وفقدت العلاقات مع فرنسا طابعها الاستراتيجي منذ اندلاع أزمة مدير المخابرات عبد اللطيف الحموشي، ولم تنج لا الحكومة ولا الملكية ولا باريس ولا طبقة الفرنكفونيين في إعادة هذه العلاقات الى سكتها.
ورغم حديث حكومة ابن كيران عن تطور العلاقات مع اسبانيا، فهذه العلاقات تمر عبر مرحلة من الهدوء نتيجة “الصمت” الذي أجبره المغرب على نفسه في ملف سبتة ومليلية المحتلتين. إذ لم يسبق في تاريخ المغرب منذ الاستقلال أن جرى تغييب المطالبة بالمدينتين من خطاب الملك والحكومة والأحزاب مثل الثلاث سنوات الأخيرة. وكان وزير الخارجية الإسباني مانويل مارغايو قد صرح في ندوة مع الوزير المنتدب في الخارجية سابقا، يوسف العمراني أن “العلاقات الطيبة بين المغرب واسبانيا ستنتهي عندما سيطرح المغرب مدينتي سبتة ومليلية”.
وتشهد العلاقات مع الولايات المتحدة برودة تعتبر منعطفا تاريخيا من عناوينها تقديم واشنطن مسودة مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء خلال أبريل من سنة 2013، ثم انتقاد الملك للبيت الأبيض بسبب ما وصفه بالغموض في الموقف الأمريكي من الوحدة الترابية، وكان ذلك في خطاب المسيرة الخضراء يوم 6 نوفمبر 2014.
وتراجعت جودة العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي باعتراف وزير الخارجية صلاح الدين مزوار السنة الماضية، ولعل من عناوين ذلك التوتر في مجال المبادلات الزراعية وقبول المغرب بشروط تمس سيادته في ملف الصحراء مثل اتفاقية الصيد البحري. في الوقت ذاته، صدر خلال الثلاث سنوات الأخيرة أكبر نسبة من التوصيات والتقارير التي تنص على تقرير المصير في الصحراء والتي تندد بخروقات المغرب في هذه المنطقة، الأمر الذي لم يكن يحدث سابقا.
وحقق المغرب قفزة نوعية في علاقاته الإفريقية مع دول في غرب القارة علاوة على الغابون. ولكن هذه العلاقات تبقى قاصرة بسبب اقتصارها على دول هامشية وفي الوقت نفسه بسبب اتخاذ الاتحاد الإفريقي موقفا لا يصب في مصالح المغرب وهو تعيين مبعوث خاص في نزاع الصحراء، رئيس الموزامبيق السابق خواكيم شيصانو.
ويعتبر ملف الصحراء من الملفات التي سجلت تراجعا بسبب إقدام برلمانات قوى كبرى مثل البرازيل وإيطاليا والسويد والتشيلي على الاعتراف بما يسمى جمهورية البوليساريو، ويبقى التقدم الوحيد الذي حققه المغرب هو سحب بعض الدول مثل بنما والباراغواي اعترافها بهذه الجمهورية المعلنة من طرف واحد. ويتطلب ملف الصحراء يتطلب فصلا خاصا بسبب مركزية القضية في الدبلوماسية المغربية.
وعلاقة بالصلاحيات، طبق رئيس الحكومة ابن كيران بامتياز مقولة “الملك هو الحاكم والمسؤول في البلاد” لتفادي المحاسبة، حيث لم يقدم على تعيين أي سفير وإن كانت البيانات تحافظ على البروتوكول القائل بأن تعيين السفير جاء بمقترح من رئيس الحكومة. ولعل المفارقة هي تعيين الملك السفير الجديد في الأمم المتحدة عمر هلال خلال أبريل الماضي، ومصادقة الحكومة عليه عند بداية الموسم الجديد رغم أ، الدستور ينص على العكس.
وعليه، تبقى حصيلة العلاقات الخارجية في حكومة ابن كيران الأسوأ من نوعها في تاريخ الدبلوماسية المغربية منذ الاستقلال، ويصبح الأمر مقلقا في ظل الصلاحيات التي منحها الدستور لرئيس الحكومة والتي لا يقوم بتفعيلها عملا بأن الدبلوماسية من اختصاص الملك.