أكد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني على تماسك «الغالبية الحكومية» معتبرا أن الخلافات بين الوزراء طبيعية، وأن برنامج حكومته يسير بطريقة جيدة، وأقر بمرور حزب العدالة والتنمية، بمرحلة فيها صعوبات بعد إعفاء عبد الإله بن كيران من تشكيل الحكومة، خصوصا بعد تكليف الملك لشخص آخر داخل الحزب بتشكيل الحكومة، وقال «صحيح، هناك نقاش وجدل داخل الحزب حول هذه الأمور، أُعطي لها أكثر من حجمها داخل الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي. التجربة السياسية المغربية اكبر من حزب العدالة والتنمية».
وندد العثماني بالمحاولات التطبيعية التي تقوم بها دول وشخصيات عربية، مؤكدا رفض المغرب بمؤسساته الرسمية وقواه السياسية العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فهو يرفض كل المحاولات التي تشجع عليه. كذلك أشار إلى انحياز بلاده إلى الشعب السوري بوضوح لايرقى إلى الشك من خلال استضافتها لمؤتمر أصدقاء الشعب السوري، والمساعدات الانسانية في مخيمات اللجوء السوري.وفيما يتصل بموضوع الصحراء قال «ليس هناك تناقضا سياسيا بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ونحن نتفاوض من أجل الاتفاق على الحكم الذاتي، وهو درجة أعلى من درجات الجهوية المتقدمة».
وعن وجود ضغوط عربية خارجية لإيقاف تجربة الحزب الإسلامي «العدالة والتنمية» في المغرب، رأى العثماني أن تجربة المغرب هي تجربة خاصة به وقراراته السياسية تعنيه هو، مؤكدا «نحترم اختيارات كل الدول وكل الشعوب، ونطلب من الآخرين أن يحترموا اختياراتنا.» وحول اتهامات بعض المنظمات الدولية عن وجود تهديد يمس بمكتسبات الوضع الحقوقي في المغرب، من خلال تضييق السلطات على الحريات، قال «صحيح أننا نتمنى أن يكون الوضع الحقوقي في المغرب أفضل، وصحيح أنه قد تكون هناك بعض الإشكالات، لكنه ليس في تراجع أبدا، وإنما يعرف تطورا إيجابيا على العموم، فحرية الصحافة في المغرب ـ مثلا ـ على العموم مضمونة، وإذا وجدت إشكالات ما فإن معالجتها ممكنة، ورفض التعليق على قضيتي ناشط الحسيمة المعتقل ناصر الزفزافي والصحافي توفيق بوعشرين، قائلا «أظن أن قضية تعرض أمام القضاء، لا أتحدث فيها من باب واجب التحفظ أساسا، وبطبيعة الحال فكل متهم بريء حتى تتم إدانته بحكم قضائي نهائي».
فيما يلي نص الحوار:
■ يجري الحديث عن إمكانية إجراء انتخابات سابقة لأوانها من أجل إفراز غالبية حكومية جديدة، بسبب غياب التنسيق داخل الغالبية الحكومية الحالية؟
■ لاوجود لأي سيناريو لانتخابات سابقة لأوانها. مجرد تقارير صحافية أشارت لذلك، وليست هناك أي مؤشرات أو مبررات لذلك، كما أنه ليس صحيحا عدم وجود تنسيق داخل الحكومة. بالعكس، الغالبية الحكومية منسجمة انسجاما معقولا، والخلافات داخل الحكومةليست ذات اهمية ، وبصفتي حكومة أقوم بعملي الطبيعي وفق صلاحياتي الدستورية والقانونية، وتنفيذ البرنامج الحكومي يسير بطريقة معقولة ومقبولة، في بعض القطاعات الوزارية بطريقة جيدة، وفي قطاعات أخرى بسرعة متوسطة. لكن، ليست هناك خلافات حقيقية، ولا إشكالات كبيرة داخل الغالبية الحكومية. فوجود نقاش سياسي أو اختلافات في وجهات النظر في بعض الأمور لا يعني أن هناك تصدعات وانشقاقات داخل الغالبية الحكومية، فداخل كل حزب توجد أحيانا أفكار مختلفة ومقاربات مختلفة، لكن هذا لا يعني أنه يعيش أزمة، ولا يعني أنه سينشق، ويمكن أن نقول الشيء نفسه بين الأحزاب. ولو كانت عندنا رؤى متوافقة على كل صعيد، ووجهات نظر واحدة لشكلنا حزباً واحداً. لكن ليس هذا هو الواقع، لأن المغرب اختار غداة الاستقلال منذ ستين سنة، التعددية السياسية والحزبية من أجل التدافع السياسي، وهذه ظاهرة صحية وغنية وإيجابية، ولا تعني أن الجميع ينبغي أن يكون لهم رأي واحد في كل القضايا.
■ هناك مؤشرات على خلاف ذلك، مثلا عندما يكون حزب مشاركاً في الحكومة، ويقترح إصلاحات وبرامج في قطاعات أخرى، ويقدمها في الشارع والمهرجانات الخطابية، بينما المنطق يقول إنه ينبغي أن يقدمها داخل الحكومة؟
■ هذا الحزب قدم تلك البرامج للحكومة كما قدمها للشارع، فهل يمكن لأحد أن يمنع زعماء الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة من أن يتحدثوا للمواطن، وألا يكون لهم خطاب سياسي؟ هذا غير إيجابي. فأي حزب سياسي موجود في الغالبية الحكومية في أي دولة ديمقراطية إلا ويقوم بذلك. هناك حياة سياسية غنية، ونقاش داخلها، وهذا لا يعيب وجود انسجام داخل التحالف الحكومي.
الحزب لايعيش أزمة
بل خلافات في وجهات النظر
■ هناك من يرى أنك تقوم بدور الإطفائي إزاء أي تصريحات أو مواقف تصدر سواء داخل حزبكم أو داخل التحالف الحكومي؟
■ يجب أن نميز بين أمرين: الأمر الأول يخص حزب العدالة والتنمية، فعلاً لقد مر بمرحلة فيها صعوبات بعد إعفاء الرئيس عبد الإله بن كيران من تشكيل الحكومة، وكان ذلك أمراً صعباً على الحزب، وذلك بعد تعثر المفاوضات حول تشكيل الحكومة لأكثر من ستة أشهر، ورغم ذلك تجاوز الحزب هذا الأمر الصعب، خصوصا بعد تكليف الملك لرجل آخر داخل الحزب بتشكيل الحكومة، وتفاعل الحزب إيجابيا مع هذه القرارات، وواكب تشكيل الحكومة. صحيح، كان هناك نقاش وجدل داخل الحزب حول هذه الأمور، التي أُعطي لها أكثر من حجمها داخل الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، وضخمت أكثر، كنت خلال تلك المرحلة في جميع حواراتي أقول: هذا تضخيم، الحزب لا يعيش أزمة، وإنما هناك اختلاف في وجهات النظر وسنحسم فيه ديمقراطيا، ونحن كحزب ديمقراطي نتوافر على مؤسسات قوية، وهذا ليس بالشيء السلبي في تاريخ الحزب السياسي، بالعكس هو إيجابي، يعكس حيوية النقاش داخل الحزب، ويؤكد أن الحزب لا يشخصن الأمور ولا يتبع الأوهام أو يتأثر بأحداث، إنما يناقش سياسيا، ويختار ما يراه منسجما مع مصلحة الوطن أولا ومصلحة البرنامج الإصلاحي للحزب ثانيا.
إذن، في ما يخص الحزب أنا لست إطفائيا، لقد جئت في مرحلة واختِرتُ من قبل جلالة الملك لرئاسة الحكومة، واخترت من طرف الحزب لأكون أمينا عاما في مؤتمر حاشد شهد نقاشا ساخنا وغنيا وديمقراطيا. إذن، فهذه عملية ديمقراطية عادية، ولا أدري لماذا يراد اعتبارها أزمة أو مشكلة، ويُدقُّ لها ناقوس الخطر.
أما في ما يخص الساحة السياسية، فإنها تعيش إشكالات متعددة مرتبطة بعدم قدرة عموم الأحزاب السياسية على إقناع المواطنين بالإقبال الكبير على الانخراط في الأحزاب وفي الانتخابات، وبالتالي ما زالت نسبة المشاركة في الانتخابات دون الخمسين في المئة، وكذلك بعدم إقناع المواطنين على الانخراط بقوة في الحياة السياسية والتفاعل معها. هذا معطى موجود، قد نقول إنه يعكس ضعف النخب السياسية حاليا، قد نقول إنه يعكس عدم قدرة الأحزاب على تأطير شرائح واسعة من المواطنين ومن الشباب ومن النساء. هذا كله صحيح، لكن كل ذلك يشكل جزءاً من التحديات التي نواجهها الآن. النقاش السياسي شيء إيجابي، ونحن نسير من حسن إلى أحسن، لكن مسيرة التطور الاقتصادي والاجتماعي هي مسيرة بطيئة بطبعها.
■ التجربة المغربية مستقرة نسبيا من بين التجارب الأخرى لمرحلة ما بعد «الربيع العربي». أنتم الآن في رئاسة الحكومة كحزب العدالة والتنمية، وفي ظل وضع رسمي لايغريه وجود حزب ذي مرجعية سياسية إسلامية، هل أنتم مطمئنون إلى أن تجربتكم سوف تستمر إلى نهاية الولاية الدستورية؟ وهل هناك ضغوط خارجية لإيقاف هذه التجربة ؟
■ أولاً، تجربة «العدالة والتنمية» هي تجربة داخل بلد عاش ويعيش التعددية السياسية منذ الاستقلال، وانفتحت حياته السياسية على مختلف القوى السياسية بتوجهاتها الفكرية المختلفة، من اليسار الجذري إلى اليمين مروراً بالوسط. هي تجربة غنية ومفتوحة، وفيها تعددية سياسية قوية، وفيها تناوب على تدبير الشأن العام، وتقودها ملكية وملك يتمتع بحس وطني راق. لذلك، فنجاح تجربة «العدالة والتنمية» هي جزء من نجاح التجربة السياسية المغربية ككل، لقد أتت في سياق سياسي لمشروع وطني أكبر من «العدالة والتنمية» ويتجه إلى المستقبل. إنه إذن نجاح تجربة سياسية في بلد، وحزبنا مساهم فيها بجهوده من دون شك، ولكنه جزء من مشهد غني ومتنوع.
ثانيًا، السياق السياسي الذي أتى بحزب «العدالة والتنمية» ليرأس الحكومة في المرة الأولى وليرأسها أيضا في المرة الثانية هو نفس السياق السياسي الوطني الذي سيؤدي، إن شاء الله، إلى أن يبقى «العدالة والتنمية» على رأس الحكومة مع حلفائه من الأحزاب السياسية الأخرى إلى نهاية الولاية. نحن ليس عندنا تخوف أو توجز في هذا، وبعدها سنخوض الانتخابات المقبلة ونرى. لكن حزب «العدالة والتنمية» كفاعل سياسي قوي، له تواصل وامتداد بين المواطنات والمواطنين المغاربة، وله برنامج سياسي طموح في صالح الطبقات الشعبية والمتوسطة، وأيضا لتطوير الاقتصاد الوطني، وذلك في انسجام وتفاعل مع حلفائه في الغالبية الحكومية، وهو حزب ذو تنظيم سياسي حديث وفاعل، يجدد أفكاره وتنظيمه باستمرار ويستفيد من مختلف التجارب، وهو مطمئن لمستقبل الوطن ما دامت الحياة السياسية تعيش بطريقة تفاعلية غنية ومحترمة للاتجاهات العامة لدى المواطنات والمواطنين.
ثالثًا، تجربة المغرب هي تجربة خاصة به وقراراته السياسية تعنيه هو، إنه مستقل فيها، لا أظن أن أية ضغوط خارجية ـ إن وُجدت في المستقبل ـ يمكن أن تؤثر على هذا المسار. إننا نحترم اختيارات كل الدول وكل الشعوب، ونطلب من الآخرين أن يحترموا اختياراتنا.
■ ماصحة القول بوجود تطاحن خفي داخل قيادات الصف الأول لحزبكم، هل هناك توجه لإطلاق حوار داخلي موسع حول إيديولوجيا الحزب ومشاركته في الحياة السياسية؟
■ إذا كان هناك تطاحن خفي فكيف عرفتموه؟ أعتقد أن ليس هناك تطاحن بين قيادات الصف الأول. فقيادات الحزب منسجمة، لكن هذا لا يمنع أنها قد تختلف في وجهات النظر وتتناقش. أما بالنسبة للحوار الداخلي، فهذا ورش قرره المؤتمر الوطني للحزب، وسنطلقه في الوقت المناسب، الآن أتممنا إعداد منهجية هذا الحوار، لكن عندنا الآن استحقاق آخر مستعجل، وهو عقد المؤتمرات الجهوية للحزب من أجل انتخاب المسؤولين في جهات المملكة. وبعد هذه الانتخابات، سيبدأ إطلاق مسلسل الحوار الداخلي، وهو حوار مبرمج ومنهجيته محددة، وقد ينجز أطروحة جديدة على جميع المستويات: على مستوى المرجعية والتوجهات الفكرية وعلى مستوى تقييم العملية السياسية والسياق السياسي وعلى مستوى الرؤية السياسية المستقبلية ومساهمة الحزب في تطوير الحياة السياسية وتحقيق المزيد من الدمقرطة والإصلاح السياسي، وسيكون هناك شق تنموي يتعلق برؤية الحزب حول كيفية تطوير النموذج التنموي الوطني، وأيضاً على مستوى الأداة التنظيمية للحزب، لجعلها أكثر قدرة لاستلهام وتنزيل هذه الرؤى على المستوى السياسي والتنموي والاجتماعي والثقافي…
إذن، ليست هذه أول مرة نخوض فيها هذه التجربة، وليست أول مرة نغير خلالها بعض أفكار وتوجهات الحزب انسجاما مع الضرورات والتطورات.
■ هل يمكن أن يسير الحزب في اتجاه إنشاء تيارات داخله؟
■ مراراً طرح هذا السؤال داخل الحزب، من الناحية المبدئية لا أرى مانعاً من ذلك، لكن لا أرى اليوم أن هناك توجهاً عاماً داخل الحزب من أجل ذلك. وحين سيقرر أبناء وبنات الحزب المضي في هذا الاتجاه، فأنا شخصيا لا مانع لدي.
الحوار الوطني
■ هذا على المستوى الحزبي، وماذا عن المستوى الوطني، هل ترى حاجة لوجود حوار وطني مع المعارضة وهيئات المجتمع المدني وغيرها… خاصة بالنظر لصعود حركات مطلبية واحتجاجية؟
■ صحيح، الحوار يجب أن يكون دائماً ومستمراً مع جميع القوى الموجودة في المجتمع. لقد بدأت الحكومة «الحوار الاجتماعي» مع ممثلي النقابات المهنية ورجال ونساء الأعمال، نهدف من ورائه إلى صياغة اتفاق ثلاثي خلال الأسابيع المقبلة، لكن هناك أيضا حوار مع المجتمع المدني، فالوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني يقوم بسلسلة حوارات أسبوعية في كل العمالات والأقاليم (المحافظات) مع ممثلي المجتمع المدني حول دور هذا الأخير في المشروع السياسي والتنموي للوطن وحول دور الديمقراطية التشاركية وكيفية تطبيقها والأدوات الضرورية لذلك.
■ تتحدث تقارير بعض المنظمات الدولية عن وجود تهديد يمس بمكتسبات الوضع الحقوقي في المغرب، من خلال تضييق السلطات على الحريات. ألا ترى أنه بدل مواجهة هذه المنظمات بالأدلة الواقعية، يتم الاكتفاء فقط باتهامها بالإجحاف والظلم وكونها تتقصد المغرب، الجواب الذي نسمعه دائما، من دون تقديم الأدلة الأخرى؟
■ بالعكس، قدمنا الأدلة، ولدينا تقارير مضادة، وحاورنا تلك المنظمات، وعندنا وزارة خاصة بحقوق الإنسان في تفاعل مستمر مع هذه المنظمات ومع المنظمات الحقوقية الوطنية ومع الرأي العام، ونحن مستعدون لتقديم جميع الشروحات في الموضوع، صحيح أننا نتمنى أن يكون الوضع الحقوقي في المغرب أفضل، وصحيح أنه قد تكون فيه بعض الإشكالات، لكنه ليس في تراجع أبداً، وإنما يعرف تطوراً إيجابياً على العموم، فحرية الصحافة في المغرب ـ مثلا ـ على العموم مضمونة، وإذا وجدت إشكالات ما فإن معالجتها ممكنة، وغالباً ما تعرض تلك الإشكالات أمام القضاء، والقضاء اليوم مستقل، وبالتالي فهناك دائما إمكانية المراجعة ورفع الدعاوى أمام القضاء وتصحيح الأخطاء إن وجدت، وباقي الحريات الفرديات والجماعية في تطور إيجابي في المغرب. وهذا لا ينفي وجود نقائص هنا وهناك يجب أن يتعاون الجميع كل من موقعه على معالجتها. وما تتحدث عنه بعض المنظمات الدولية يعكس في جزء مهم منه مواقف سياسية أكثر منها مواقف حقوقية، والحال أن الموقف الحقوقي يجب ألا يكون مسيّساً، وإنما ينبغي أن يكون موضوعيا مرتبطا بمعطيات دقيقة وليس بمواقف سياسية مضادة لدولة أو لحكومة ما. ومن ثم، أؤكد، أننا قدمنا تقارير، وسنقدم تقارير أخرى تشرح رؤية الحكومة المغربية للوضع الحقوقي في المغرب.
■ أين وصلت قضية ناشط الحسيمة المعتقل ناصر الزفزافي؟ وهل ما يواجهه الصحافي توفيق بوعشرين يتعلق بمحاكمة سياسية؟
■ ما دمنا بدأنا بعد دستور 2011 في بناء استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، وبدأنا أيضا استقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، فأظن أن قضية تعرض أمام القضاء، فأنا شخصيا لا أتحدث فيها من باب واجب التحفظ أساسا. ويمكن لأي أحد يشكّك في هذه القضايا أن يعيّن محامياً يدافع من جهته وينضاف إلى المحامين الموجودين للكشف في هذه القضية وللتعرف على الملفات والدفاع عن المتهمين، وبطبيعة الحال فكل متهم بريء حتى تتم إدانته بحكم قضائي نهائي.
برامج لتلبية مطالب مشروعة في جرادة
■ الحراك الاجتماعي في جرادة، كان منذ شهور حراكا مجتمعيا عاديا، وكان هناك استبعاد للتعاطي الأمني، لكن حصلت اعتقالات، ألاتخشون من تكرار ما جرى في الحسيمة؟
■ تعاملنا مع الاحتجاجات الاجتماعية مبني على الحوار ووضع البرامج لتلبية المطالب المشروعة المعبر عنها. وهو ما قمنا به في ما يخص مدينة جرادة. وسنستمر في القيام به. أما اعتقال الأشخاص فيتم بأمر من وكيل الملك، وأنا شخصيا غير مطلع على تفاصيل هذه الملفات، لكن ما دام هناك قضاء مستقل فسنتابع جميعا أطوار هذه المحاكمات، ولنترك القضاء يقوم بمهمته. ومن الطبيعي أن رئيس الحكومة لا يتمنى لأي مواطن أن يعتقل، لكن السلطات الأخرى تمارس صلاحياتها الدستورية.
■ لقد خرجت تظاهرات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين؟
■ الحمد لله أننا عندنا اليوم حريات، لدينا في المغرب ما بين 25 و30 تظاهرة أو احتجاج يوميا، في العديد من القرى والمدن وعلى طول السنة، وحرية التظاهر مكفولة للمواطنين.
■ هل ثمة تدابير اجتماعية واقتصادية لحل مشكل جرادة، يمكن أن يلمسها السكان؟
■ هو عمل مستمر، تعلمون أن إغلاق مناجم جرادة تم منذ 16 سنة تقريبا، وبالتالي فالمشكل موجود منذ هذه السنوات كلها، وحل المشكل لا يمكن أن يكون في شهور معدودة، بعض الأمور قد تحل قريبا، وأخرى قد يتطلب حلها متسعا من الوقت. لكن، هناك إرادة قوية لحل هذه المشاكل. وجلها مرتبط بحلول اقتصادية للمنطقة، والحلول الاقتصادية لا يمكن أن تطبخ على عجل، وإلا لكانت استهزاء بالناس وكذبا عليهم. لا، نحن سنقوم بالحلول التي وعدنا بها وفق برنامج اقتصادي واضح متدرج وسيكون له تأثير إيجابي حقيقي.
■ بعيدا عن الشان المحلي، يشارك المغرب في حرب اليمن التي تخلف يوميا الضحايا من الأطفال والمدنيين..ماجدوى هذه المشاركة بالنسبة لحكومتكم؟
■ هذه قضية معقدة يختلط فيها السياسي بالأمني بالمحلي والوطني والإقليمي والأممي، وما دام ثمة جهود للأمم المتحدة في أفق إيجاد حلول للخروج من المأزق، فنحن دائما ندعمها ونأمل أن تنتهي إلى نتائج إيجابية، وندعم كل حل تنتهي إليه الأمم المتحدة ومجلس الأمن في إطار التعاون الإقليمي لحل مثل هذه المشاكل.
اتفاق الصخيرات
■ كيف ترى محاولة تطبيق اتفاق الصخيرات في ليبيا؟
■ اتفاق الصخيرات كان إيجابيا لأن مختلف الأطراف شاركت فيه، لكن إذا لم تتفق الأطراف ولم تستطع تنفيذه فليست الدول البعيدة هي المسؤولة عن فشله. سيبقى المغرب جاهزا ـ إذا اختارت الأطراف المعنية ذلك ـ لاستقبال اجتماعات أخرى حول الاتفاق. وخط المغرب دائما وسطي، فإذا وجد سبيلاً للتدخل بالطرق السلمية وبالحوار لحل النزاعات فهو دائما مستعد لذلك.
■ يعيش المغرب «عزلة اختيارية» عن مشكلات المشرق، إذ نلاحظ أن حكومتكم تلتزم الصمت أمام هول مايحدث للسوريين، ألا تعتقدون أن خطورة مايجري في سوريا اليوم سوف ينعكس على المنطقة بأسرها.
■ بالعكس تماما، مواقف المغرب كانت دائما صريحة في انحيازها إلى جانب الشعب السوري، ويوجد في مخيم الزعتري مستشفى ميداني مغربي منذ 2012 أرسل بتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس، لا يزال إلى اليوم يقدم خدماته العلاجية بفرق طبية متخصصة وبغرف للعمليات الجراحية وغرف للولادة. وبطبيعة الحال، فالمغرب متعاطف مع مآسي الشعب السوري ويحاول أن يخفف منها ما استطاع. ولكن، أيضاً، أذكّر أنه يوم 12/12/2012 عقد في مدينة مراكش اجتماع لأصدقاء الشعب السوري، بدعوة من المغرب، وفيه تم الاعتراف بائتلاف المعارضة السورية آنذاك من قبل 105 دول وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية يفوق 30 منظمة. لذلك، أؤكد أن المغرب قام بعدة أدوار على المستوى السياسي والإنساني وما زال مستعداً للقيام بأدوار أخرى في هذا المجال، وقد أرسل عدة معونات إنسانية لمخيمات سورية أخرى للمساهمة في التخفيف من معاناة السوريين.
■ اعتبرت محكمة العدل الخاصة التابعة للاتحاد الأوروبي أن اتفاقية الصيد البحري لا يجب أن تشمل الأقاليم الجنوبية للمغرب. هل تخشون من انعكاس ذلك على العلاقة التي تجمعكم مع أوروبا؟
■ نحن نستبعد ذلك، فالاتحاد الأوربي يدرك أهمية العلاقات الاستراتيجية التي تجمعه بالمغرب، سياسيا واقتصاديا، وبالتالي فكما تم التحاور والانتهاء إلى صياغة الاتفاق الحالي، سنعمل على اتفاق أخر. والموقف الرسمي العام في الاتحاد الأوربي ليس ضد المواقف السياسية الواضحة للمغرب في قضية الصحراء وقضية السيادة الوطنية على الرغم من أن المقاربة مختلفة، ولكن النتيجة واحدة، وخصوصا أن هناك جهوداً للأمين العام للأمم المتحدة ولمجلس الأمن في الموضوع. ولذلك نستبعد أن تكون هناك خلافات بيننا وبينهم.
■ ولكن، ألا تخشون من انعكاسات قرار المحكمة الأوروبية؟
■ قرار المحكمة ينطبق على الاتفاق الحالي، وفيه إيجابيات وسلبيات، وهو على كل حال قرار استشاري، كما أنه جزء من مسار في علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي، وليس كل المسار ولا نهايته. إنه إشكال صغير في هذه العلاقات مثل باقي الإشكالات الأخرى التي تجد علاجها في المستقبل.
■ أنتم تعولون على فرنسا وإسبانيا في هذا الموضوع؟
■ معظم الدول الأوروبية مع الموقف المغربي في موضوع الاتفاقية.
■ موضوع الاتفاقية مرتبط بموضوع الصحراء. خلال الشهر المقبل سيعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعه السنوي، ويصدر قراره حول مهمة قوات «المينورسو» في الصحراء. ألا تخشون من انعكاس موضوع الاتفاقية على القرار الأممي؟
■ أبداً، لن ينعكس عليه. فالمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء بدأ للتو اتصالاته مع الأطراف، وبالتالي فهو يتلمس الطريق إلى المنهجية التي سيسلكها من أجل حل هذا النزاع الذي طال أمده، ومن ثم لن يكون هناك تغيير كبير في القرار المرتقب لمجلس الأمن عمّا كان عليه في السنوات الأخيرة.
■ لكن المغرب متمسك بمبادرة الحكم الذاتي التي وصفها مجلس الأمن الدولي بكونه حلاً مقبولاً وذا مصداقية، لماذا لا تطبقون هذا المشروع؟
■ نحن نسير في اتجاه تطبيقه. بدأنا تنزيل الجهوية المتقدمة منذ سنتين فقط، وهي تتطور تدريجيا، فهذه الأمور لا تتطور بجرة قلم، إنها بناء يتم على مراحل. هناك اليوم مجالس جهوية منتخبة وذات صلاحيات أكبر من مجالس الجهات التي كانت من قبل، أي قبل دستور 2011، وصلاحياتها ستتطور تدريجيا لتكون أقدر على القيام بأدوارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لذلك، فالمغرب يتفاوض من أجل الاتفاق على الحكم الذاتي، وهو درجة أعلى من درجات الجهوية المتقدمة.
■ بعد عام وثلاثة شهور تقريبا من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، كيف انعكس ذلك على العلاقة مع باقي البلدان الإفريقية؟
■ كان ذلك دفعة قوية في اتجاه علاقات أكثر عمقا وتنوعا وامتدادا مع إفريقيا. هناك ترحيب من مختلف الدول الإفريقية. والمغرب أضحى يقوم بأدوار قوية في الساحة الإفريقية، تفاعلا مع مختلف أشقائه الأفارقة، ودوره داخل الاتحاد الإفريقي سيتقوى تدريجيا، لأن وجود المغرب داخل مختلف مؤسسات الاتحاد الإفريقي لن يأتي بسرعة، وإنما بشكل تدريجي، لكي يتبوأ موقعه الطبيعي داخل أسرته الإفريقية. لكن، اقتصاديا وسياسيا، المغرب اليوم أقوى مما كان عليه من قبل داخل إفريقيا، وهو مسرور بهذا، لأنه يقوم بدور إيجابي في تطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا بتفاعل مع إخوانه الأفارقة. ومنذ عودة بلادنا إلى الاتحاد الإفريقي تنوعت الزيارات وتطورت الاتفاقيات وازداد التبادل التجاري والاستثمارات مع عدد من الدول الإفريقية. وأذكر أن المغرب هو منذ سنوات ثاني مستثمر إفريقي في إفريقيا. واستثماراته تتنوع لتشمل مجالات الصناعة الغذائية والدوائية والتحويلية ومجال المعادن والإسكان والطاقة وغيرها.
■ أين يقف المغرب اليوم من التحولات الكبيرة التي تشهدها القضية الفلسطينية، لاسيما بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس والضغوط على الفلسطينيين لفرض صفقة القرن؟
■ القضية الفلسطينية قضية شعب يقاوم الاحتلال. ومع الأسف الشديد، حتى اللحظة لم ينصف المجتمع الدولي الفلسطينيين وقضيتهم العادلة. و قرار ترامب الأخير هو قرار مرفوض، ولذلك كان المغرب على المستوى الرسمي والشعبي من السباقين لاستنكاره والتنديد به، وعدد من الدول العربية والمنظمات العربية والإسلامية والقوى العالمية رفضت هذا القرار، وحتى عدد من الدول الغربية نفسها، لأنه لا ينسجم مع الخط العام للمنتظم الأممي الذي يسير في إطار مفاوضات تنتهي إلى حل سلمي ذي طابع سياسي، وجميع القرارات الدولية تعتبر القدس فلسطينية ومعظم دول العالم تعتبرها كذلك، وبالتالي فهذا تجن على حقوق الشعب الفلسطيني.
■ هناك خطوات تطبيعية في بعض الدول العربية ومنها المغرب من خلال قيام أفراد ومجموعات بزيارات إلى الكيان الصهيوني؟ ماهو موقفكم حيال مسألة التطبيع؟
■ المغرب بمؤسساته الرسمية وقواه السياسية يعارض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فهو يرفض كل المحاولات التي تشجع عليه.
صحيح هناك أشخاص في كل البلدان العربية يتساهلون مع هذه الأمور، ولهم وجهات نظر ومواقف مغايرة، ولكن القوى السياسية الكبرى والاتجاه العام للمملكة المغربية ضد التطبيع.
حقوق المرأة
■ كيف هي علاقاتكم مع الجزائر هذه الأيام؟
■ لما عينت وزيراً للخارجية في 2012 كانت أول زيارة قمت بها بعد تعييني بأسبوعين نحو الجزائر، وكان هناك استقبال ممتاز جداً من قبل إخواننا في الجزائر. شهدت تلك الفترة جهود لتطوير العلاقات، من خلال زيارات لوزراء ومسؤولين حكوميين وتوقيع عدد من الاتفاقيات، لكن سرعان ما توقفت هذه المحاولات، ونحن دائما نتمنى أن ترجع المياه إلى مجاريها، ويد المغرب دائما ممدودة في هذا الاتجاه، طبعا في إطار احترام سيادته وثوابته الوطنية.
■ هناك اليوم مطالب بإقرار المساواة بين المرأة والرجل وتجسيد الحقوق النسائية، ما مدى تفاعلكم مع مثل هذه المطالب؟
■ المغرب انخرط منذ وقت مبكر في عدد من الخطط للنهوض بحقوق المرأة وإعطائها مكانة أكبر على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتعديل مختلف القوانين لتنسجم مع هذا المنظور، وأعتقد أن المغرب كان جريئا في كثير من الخطوات في هذا المجال، وللملك شخصيا دور كبير فيها وأيضا للنخب الوطنية سواء كانت سياسية أم مدنية من النساء والرجال، وطموحنا أن نمضي قدما أكثر في هذا المجال.
لدينا «كوتا» على مستوى الانتخابات التشريعية (البرلمانية) والانتخابات الجماعية (البلدية)، وهناك في قوانين الأحزاب السياسية تأكيد على إقرار «كوتا» نسائية في الهيئات القيادية لتلك الأحزاب، سواء على المستوى المركزي أو المحلي.
إذن، هناك جهود عدة في هذا المجال، ونحن نرغب أن نطور هذه الجهود، وسنعمل على ذلك بتوافق مجتمعي، فكل القضايا الشائكة تطرح للنقاش أولا، ثم يقع عليها التوافق، وأية قضية وقع عليها التوافق من طرف العموم فسيسير فيها المغرب من دون خوف ولا وجل.
■ وما موقفكم من قضية المساواة في الإرث؟
■ هذه القضية مرتبطة بمجال ديني وبنص قرآني، وأي تأويل فيها يُرجع فيه إلى المجلس العلمي الأعلى، وألا نضعها في مجال صراع سياسي، لأن ذلك سيضر بها. ويمكن أن نحقق تقدمنا وازدهارنا في إطار ثوابت ديننا.
■ وماذا عن قوانين زواج القاصرات؟
■ القوانين واضحة بتقييدها إلى أبعد الحدود، وهناك تعديلات أتى بها بعض البرلمانيين للتقليص من هذه الظاهرة التي هي أصلاً مقلصة في المغرب وتتقلص مع مرور الوقت.
■ هناك إحساس بأن التقدم الموجود على مستوى حقوق المرأة استفادت منه فقط النخبة النسائية وليس المرأة المغربية عموما؟
■ ولكن النخبة النسائية جزء من المرأة المغربية.
■ قصدنا أن ينعكس ذلك التقدم على كل المغربيات؟
■ إنه ينعكس عليهن، اليوم في الجامعات المغربية نسبة الطالبات اللواتي يدرسن في التخصصات العليا تزيد قليلا عن نسبة الطلبة الذكور، مثلا في كلية الطب نسبة الطبيبات المتخرجات تصل إلى 55 في المئة. وهكذا دواليك في عدد من التخصصات الأخرى. إذن، فهذا مسار، ووضع المرأة يتطور إيجابيا، صحيح أن هناك أموراً في حاجة إلى تطوير أكثر، فعلى مستوى الفقر ما زالت نسبة النساء الفقيرات أكبر من الرجال، وبالتالي يجب أن نضع الخطط والبرامج لمعالجة هذا الإشكال، ولدينا الإرادة العملية في هذا المجال. ولذلك، ثمة برامج موجهة إلى المرأة خاصة، مثل التعاونيات التي تحاول أن توفر الشغل للنساء أو ما يسمّى الأنشطة المدرة للدخل، وهي موجودة في جميع أنحاء المغرب، وهناك أيضا برامج «الفلاحة التضامنية»، فبعدما كانت رجالية في ظاهرها حيث كانت المرأة تشتغل في الحقول ويكون المستفيد الأكبر هم الرجال باعتبارهم أصحاب الأراضي، اليوم عندنا في إطار «الفلاحة التضامنية» دور أكثر للمرأة ولو أنه ما زال قليلا، فهو يزيد تدريجيا.
إذن، هناك برامج للمرأة الأقل حظا للاستفادة من عائد النمو، وهناك أيضا برامج اجتماعية خاصة بالنساء، مثل صندوق «التماسك الاجتماعي»، ومنه برنامج «دعم الأرامل» الذي تستفيد منه الآن أكثر من 77 ألف امرأة من الفئات الأكثر هشاشة وأكثر من 200 ألف من أطفالهن، وهناك أيضا «صندوق التكافل العائلي» الذي يتوجه إلى المرأة المطلقة ويدعمها عندما تكون ثمة أحكام قضائية لصالح المرأة، فهو الذي يقوم بتنفيذها حتى لا تكون عرضة للتماطل من قبل الزوج المطلق، أو المرأة المُهمَلة عندما يهملها زوجها أو يهرب ولا ينفق عليها، فهذا الصندوق يتدخل لتنفيذ الحكم القضائي وإعطاء المرأة حقوقها، في انتظار أن يأخذ الصندوق الحقوق من الزوج… لدينا العديد من البرامج التي تقوم بأدوارها، لكنها تحتاج إلى تطوير، ففي 2017 طورنا الإطار القانوني لصندوق التماسك الاجتماعي ليتخفف أكثر من التعقيدات الإدارية لتستفيد منه النساء أكثر… وهكذا نحتاج إلى برامج متعددة، لأن الفقر والهشاشة ظاهرة معقدة، وعواملها ليست متشابهة في كل جهة أو منطقة من مناطق البلد، هناك فقر في هوامش المدن لكنه يختلف عن الفقر الموجود في البادية، والحلول هنا ليست هي الحلول هناك.
■ هناك اسئلة كثيرة حول سياسة الحكومة الاقتصادية لمواجهة ظاهرة البطالة؟
■ نسبة البطالة تصل إلى 10,4 في المئة، وهذه النسبة زادت خلال الثلاث سنوات الأخيرة ، ونعمل على استراتيجية وطنية لحل مشكل البطالة، وسنعلن عنها في القريب، لامتصاص هذه الظاهرة وتوفير إمكانيات العمل لأوسع فئات المجتمع وخاصة الشباب والنساء. وقد اعتمدنا عدة برامج للنهوض بالاقتصاد الوطني، وهناك توجهات واضحة، تتمثل أولاً في استراتيجية التسريع الصناعي الذي يهدف إلى رفع نسبة التصنيع في الناتج الداخلي الخام. مع الأخذ بالاعتبار أن المغرب سيبقى باستمرار بلداً زراعيا، لكن يجب أيضا أن تأخذ الصناعة موقعها في الاقتصاد الوطني. ولذلك، استطاع المغرب أن يرفع تنافسية اقتصاده الوطني وتنافسية مقاولاته ليجلب المزيد من الاستثمارات الكبرى ـ وطنيا وعالميا ـ التي يمكن أن تساهم في تطوير البلد، اليوم أصبح لقطاع السيارات والطائرات والتكنولوجيات الحديثة أدوار قوية، حيث أصبح المغرب مصدراً للسيارات، وأصبحت نسبة الاندماج لهذه المصانع في النسيج الاقتصادي الوطني ترتفع تدريجيا، وقد تصل إلى 60 أو 65 في المئة في قطاع السيارات في المستقبل القريب.
■ ولكن هناك مآخذ على الحكومة في خططها المستقبلية، لاسيما في مجال الطاقة؟
■ على مستوى الطاقات المتجددة، لدى المغرب برامج طموحة يمكن أن يلبي بها احتياجاته المتسارعة والمتصاعدة من الكهرباء ومن الطاقة مع مرور الوقت بالاعتماد على الطاقات المتجددة الريحية والشمسية والمائية. اليوم لدينا تقريبا 34 في المئة من الطاقة الكهربائية في المغرب، وفي أواخر 2018 سنصل إلى 37 في المئة، وفي 2020 سنصل إلى 42 في المئة، وفي 2030 سنصل إلى 52 في المئة. وتنفيذ البرامج الموجودة عمليا يؤشر أننا سنحقق هذه الأهداف وربما سنتجاوزها، والملك شخصيا يشرف على هذه البرامج الطموحة.
■ وماذا عن القطاع الصحي؟
■ وعلى مستوى الصحة، لدينا إشكالات يجب أن نعترف بها، والمرأة هي المتضرر الأكبر عندما توجد اختلالات في الخدمات الصحية المقدمة للمواطنات والمواطنين، ولذلك نعمل على إعداد برنامج وطني متوسط وبعيد المدى لإصلاح المنظومة الصحية وللنهوض بالقطاع الصحي.