كشفت جريدة الواشنطن بوست في تقرير لها عن خريطة ترصد مناطق تعرف انتشار العبودية وممارسة الرق في العالم المعاصر. وابرزت معطيات الخريطة أن حوالي 30 مليون شخص مازال مستعبدا عبر العالم، و أن 60 ألف آخرين يقيمون بالولايات المتحدة لايزالون يعيشون بعقلية العبيد، كما تحدث عن توفر المغرب على نصيب من العبودية مازلت تتنتشر في في مجتمعه
وجاء تقرير الواشنطن بوست الصادر الاسبوع الماضي حاملا لمعطيات مثيرة عن استمرار ممارسة العبودية في عصرنا بوجهه التقليدي بعدد من مناطق العالم. وذكرت في هذا السياق ان بلدانا مثل موريتانيا و باقي دول جنوب الصحراء تعتبر مناطق تنتشر فيها بشكل أكبر ظاهرة العبودية و بنسبة تصل إلى %4.
وياتي ثانيا حسب التقرير دائما منطقة الهند وهايتي بحوالي %1،2 ثم تليها أغلب الدول الأفريقية جنوبي الصحراء ب %0،75 في المائة.
ويبقى اللافت في معطيات التقرير أن بلدانا اوروبية أخرى مثل روسيا وكذلك في دول أوروبا الغربية مازلت العبودية قائمة بنسبة %0،5 . وتنتشر حالات الاستعباد أيضا في دول اخرى من العالم مثل الصين ودول جنوب شرق آسيا ودول الخليج العربي ودول غرب أمريكا الاتينية بنسبة %0،3 بالمائة.
اما بخصوص المغرب ودول اخرى مثل والجزائر والبرازيل فيبقى حظهم من العبودية أقل حيث تقدر نسبة هذه الظاهرة ب %0،1. ثم تليهم تونس و مصر و العراق وأفغانستان وجنوب إفريقيا و بعض دويلات جنوب أمريكا اللاتينية بنسبة %0،05.
وتبقى أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا مناطق العالم التي تنحصر فيها ظاهرة العبودية بشكل أكبر.
ولم يذكر التقرير أي معطيات عن خمس بؤر غامضة منها الأقاليم الجنوبية للمغرب بالإضافة إلى غيانا الشرقية جنوب فينزويلا، وجزر جنوب بورتوريكو، و جنوب السودان وكوريا الشمالية ثم الغرين لاند ليرمز لها فقط بلون محايد.
وقد أوضح التقرير أن دول الشمال الغنية أقل استعبادا بفضل إجراءات حكوماتها المستقرة واستنادها إلى القوانين التي تجرم افعال العبودية، مشيرا في المقابل إلى المناطقة المعرضة للاستعباد بنسب كبيرة تبقى تلك الدول الضعيفة التي يتم فيها استغلال الناس و التغرير بهم و جعلهم يقومون بالأعمال كرها. فالمجاعات والحروب و الكوارث الطبيعية هي التي تزيد إمكانية استعباد الناس على نطاق واسع. رغم تقدّم و تحضّر العالم بصفة متطور إلا أنّ هناك دول تنهج سياسية الإستعباد اتجاه شعوبها وكذلك في المجتمعات التي تضطهد النساء والأقليات العرقية و الدينية.
وقد جاءت دول جنوب الصحراء غربيّ أفريقيا المنطقة الأكثر عرضة للإستعباد بحوالي شخص واحد من كل 140، وهذا راجع حسب التقرير إلى سيرورة الإرث الإستعبادي الأوروبي وكذلك الفقر والفساد الحكومي والإجتماعي.
أما بالنسبة إلى الهند التي تعد من أكثر الدول التي يوجد بها العبيد بحوالي 14 مليون شخص، فسبب هذا الإستعباد البشري هو انتشار موروث الفعل القسري التعسفي بحيث يسيطر بعض الأسياد الروحيين على أشخاص معينين، ويرصدون تحركاتهم مدى الحياة، و كذلك جرّاء البنية التركيبية العلاقاتية للمجتمع الهندي وكذا الهفوة الطبقية الهائلة بين الفقراء والأثرياء. كما أن الهند تشهد كذلك ظاهرة الإستعباد الجنسي بحيث يتم السيطرة على الفتيات وتزويجهن غصبا.
كما وجد التقرير أن هايتي هي من أوهن وأضعف الدول المعرضة لإستعباد الأطفال بنسبة واحد من أصل 48 والذي غالبا ما تكون أسبابه إرسال أطفار صغار للعمل عند الأسر الثرية بسبب الفقر المذقع و هشاشة المجتمع .
وحسب التقرير أيضا فإن الإستعباد ينتشر في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 0.02 % ن وهي نسبة تعادل نسبة انتشارها بالمغرب المغرب والجزائر ومصر و السعودية و الولايات المتحدة بحوالي واحد ضمن خمس آلاف .
وقد تم رصد استرقاق الناس في الولايات المتحدة جرّاء سيطرة البعض على آخرين غالبا مايكونون يافعين فيتم استغلالهم والتحكم بهم ضمن أعمال ليلية غير مشروعة كالجنس و ترويج الممنوعات بالإضافة إلى المهاجرين غير الشرعيين الذين يتم استغلالهم في الأعمال و الخدمات بعيدا عن أعين السلطات مما يحولهم إلى عبيد.
واغفل التقرير هذه الفئة أثناء تناوله لظاهرة العبودية في المغرب والجزائر ومصر والسعودية وإيران وافغانستان وهي تكون بحجم انتشارها في سائر الولايات المتحدة الشاسعة.
وتثير نتائج التقرير التي عرضته الوشنطن بوست حول خريطة العبودية ف يالعالم المعاصر الكثير من الدهشة، ويكشف كيفية تغلغلها بتباين في المنظومات المجتمعاتية الحديثة، و ربما قد تتغير العوامل المؤدية إلى هذه الظاهرة القديمة من مجتمع لآخر، إلاّ أن إدراك و تحرير هؤلاء العبيد ليس بالأمر الهيّن ويبقى تحديا جديدا امام المجتمعات المتقدمة وغير ها.