أطلقت الصين في الساعات الأولى من السبت من الأسبوع الجاري المسبار القمري “تشانغ آه-4″، حيث من المتوقع أن يقوم بأول هبوط ناعم على الجزء البعيد من القمر الذي لم يسبق لي مسبار روسي أو أمريكي النزول في هذه المنطقة. وبهذا تكون الصين قد خطت خطوات عملاقة نحو غزو الفضاء.
وحمل الصاروخ الحامل “لونغ مارش-3 بي” المسبار القمري الذي يتضمن مركبتي الهبوط والجوّال، انطلاقا من مركز شيتشانغ لإطلاق الأقمار الصناعية في مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين في الساعة 2:23 من بعد منتصف ليل السبت، مفتتحاً فصلاً جديداً في تاريخ استكشاف القمر. وبما أن دورة القمر حول الشمس هي نفسها فترة دورانه، فإن الجانب نفسه يواجه الأرض دائماً، بينما يسمى الوجه الآخر الذي لا يمكن رؤيته من الأرض بالجانب البعيد أو الجانب المظلم، وذلك ليس لأنه مظلم، بل لأن معظمه لا يزال مجهولاً. وستكون مهمة ” تشانغ آه-4″ خطوة رئيسة في الكشف عن الجانب البعيد الغامض من القمر.
وقال تشانغ خه المدير التنفيذي لمشروع المسبار “تشانغ آه-4” : “إن الهبوط الناعم واستكشاف الجانب البعيد، الذي لم يسبق اكتشافه من قبل، سيوفر معلومات مباشرة عن التضاريس ومكونات التربة القمرية وغيرها من البيانات العلمية، ما سيساعد على إثراء فهمنا للقمر والكون”.
وفي هذا السياق؛ أعلنت مصلحة الدولة للفضاء أن المهام العلمية لبعثة المسبار “تشانغ آه-4” تشمل الرصد الفلكي الراديوي منخفض التردد، ومسح التضاريس والأراضي، والكشف عن التركيبة المعدنية وهيكل سطح القمر الضحل، وقياس الإشعاع النيوتروني والذرات المحايدة لدراسة البيئة على الجانب البعيد من القمر.
وقد عززت الصين التعاون الدولي في برنامجها لاستكشاف القمر، حيث تم تطوير أربع حمولات علمية لبعثة “تشانغ آه- 4” طورها علماء من هولندا وألمانيا والسويد والسعودية. وسيتم إجراء ثلاث تجارب علمية وتكنولوجية صممتها الجامعات الصينية خلال مهمة المسبار “تشانغ آه-4”.
ويعتقد علماء ان البيئة الكهرومغناطيسية الخاصة والخصائص الجيولوجية على الجانب البعيد من القمر ستكون مناسبة للمراقبة الفلكية اللاسلكيه ذات الترددات المنخفضة والبحوث الخاصة بتركيبات المواد القمرية.
ومع ذلك، فإن الهبوط والتجول هناك يتطلب تتابعاً للأقمار الصناعية لنقل الإشارات. وأطلقت الصين قمر التناوب الصناعي “تشويتشاو” ، الذي يعني جسر ماجبي، في 21 مايو لتأسيس الاتصالات بين الأرض والجانب البعيد للقمر.
ودخل القمر الصناعي بنجاح في مدار حول نقطة لاغرانجيان (L2) الثانية لنظام الأرض-القمر، الذي يبعد حوالي 455 ألف كيلومتر عن الأرض. وهو أول قمر صناعي للاتصالات في العالم يعمل في ذلك المدار، وفقاً لما ذكرته المصلحة.
وفي المدار، يمكن للقمر الصناعي التتابعي أن “يرى” كلا من الأرض والجانب البعيد من القمر. فيما تعمل جاذبية الأرض والقمر على موازنة الحركة المدارية للقمر الصناعي وجعلها شديدة الفعالية. وتشكل مهمة الإطلاق اليوم المهمة رقم 249 لسلسلة صواريخ “لونغ مارش”.
ويضاف هذا العمل العلمي الجبار الى مساعي الصين لتكون قوة فضائية على شاكلة روسيا والولايات المتحدة، وقد تتجاوزهما خلال العقدين المقبلين بسبب برامجها الطموحة جدا. ويعد إطلاق هذا المسبار دليلا قويا على التقدم العلمي في الصين.