“الزائر”، فيلم وثائقي يطرح التساؤل الذي يشغل البشرية: هل توجد كائنات فضائية وماذا سيحدث لو فجأة زارتنا لتحدث أكبر زلزال عقائدي وفلسفي ووجودي للكائن البشري.
الفيلم من إخراج الدنماركي مايكل مادسن سنة الذي يطرح في حالة وصول سفينة فضائية من كوكب آخر لزيارة الأرض: هل البشرية مستعدة للقاء؟ كيف يمكن التواصل مع الزائر الفضائي؟ من الذي سيتحدث مع رائد الفضاء؟ ما هي المخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار؟ وكيف يمكن للمسؤولين إخبار البشرية؟
يحاول المخرج الإجابة عن هذه الأسئلة عبر مختصين وخبراء من الأمم المتحدة الى علماء، فالفضاء هو مكان الألهة والملائكة لمختلف الديانات السماوية، وبالتالي فوصول كائن من الفضاء الى البشرية، حدث سيحدث صدمة قد تعيد النظر في مجمل تاريخ البشرية.
وينطلق الفيلم الوثائقي، البالغ مدته الساعة والنصف تقريبا، من حوار مع عالمة الفضاء مزلان عثمان مسؤولة مكتب شؤون الفضاء في الأمم المتحدة والتي يفترض أنها الناطقة باسم البشرية في الاتصال بكائنات فضائية، وتقول “لم نعد شيئا حول كيفية التواصل مع كائنات فضائية في حالة زيارتها لنا”.
وقد يشكل للقارئ المغربي اهتمام الأمم المتحدة باحتمال وجود كائنات فضائية شيئا مدهشا وغريبا، لكن وثائق الأمم المتحدة تؤكد هذا الاهتمام ومنذ مدة. وحدث اهتمام الأمم المتحدة بوجود كائنات محتملة في الفضاء أمام تصريح مدهش كان قد ألقاه الرئيس الأمريكي رونالد ريغان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1985 عندما طالب من العالم الوحدة، وتساءل: ماذا سيكون وضعنا ل تعرضنا لهجوم من كائنات فضائية؟ وتابع أمام دهشة الجميع: ومن يقول أن هذه الكائنات ليست موجودة بيننا الآن؟
منذ ذلك التاريخ، بدأ اهتمام الأمم المتحدة بالكائنات الفضائية، وهو اهتمام يشرف عليه باحثون ومختصون الى مستوى تعيين ناطقة باسم البشرية في حالة وصول هذه الكائنات. ويشكل هذا الموضوع من المواضيع التي تحظى باهتمام كبير في الولايات المتحدة، حيث تصدر كتب وأبحاث ويشارك مسؤولون عسكريون في مؤتمرات يؤكدون على زيارات سرية تمت ، ومنها مشاركة وزير الدفاع الكندي السابق بول هليير الذي طالب الولايات المتحدة بالكشف عن حقائق الكائنات الفضائية، مؤكدة أنها تزور الأرض باستمرار، ومؤكدا حقيقة الأطباق الطائرة.
غياب خطاب معد للتواصل مع الكائنات، ساعد المخرج الدنمركي في البناء الدرامي لفيلمه الوثائقي بحثا عن الأسئلة التي يطرحها على خبراء وعلماء وقادة عسكريين، تتراوح بين الترحيب بالوافد الفضائي في إطار شراكة فضائية والحذر منه كما يقول العالم ستيفن هاوكنس الذي ينصح البشرية بتفادي لقاء كائنات فضائية إن وجدت لأنه قد يعني نهاية البشرية. من سيتطوع للقاء الزائر الفضائي، من سيعلن للعالم خبر وصول زائر فضائي.
والمثير في هذا الفيلم الذي شاهدته ألف بوست هو ميل الخبراء الى تهميش السياسيين وتولي العلماء اللقاء للتحاور مع الوافد الجديد وتولي المدافعين عن البيئة أمثال دفيد أثنبروغ إخبار البشرية بهذا الحدث.
ويقول دوغلاس فاكوش المشرف ضمن هيئة “سيتي” “معهد البحث عن كائنات ذكية في الفضاء” على بلورة الخطابات التي تبعث للفضاء على أمل أن تصل الى كائنات فضائية “في أسئلتنا على الوافد الجديد، سنكون نحدد هويتنا كبشرية”.
ويستحضر الرسالة الفضائية الأولى التي تم إرسالها عبر مركبة فوايجير سنة 1977 “أرسلنا قرصا فيه بعض مميزات الحياة، مثل الذكر والأنثى والولادة والأوكسجين، ولكننا لم نتحدث عن حضارتنا والحروب والنزاعات، وبهذا سنكون قد خدعنا من سيتلقى وايجير”.
ويأتي الفيلم الوثائقي المنجز سنة 2014 وبدأ عرضه خلال الشهور الأخيرة في خضم إنتاج افلام ذات قيمة فنية وفلسفية عميقة مثل فيلم “المريخي” (2015) حول طموحات البشرية لاستيطان المريخ، وفيلم “بروموثيوس” الذي يعود الى أعماق ذاكرة أرشيف البشرية في ميزوبوطميا حول قصة “أونوناكيس” التي تتحدث عن خلق كائنات فضائية للإنسان وكيف ترغب في تدميره مجددا، وكيف يمنع مجموعة من العلماء وقوع هذا السيناريو.
في غضون ذلك، البشرية التي تعيش حروبا ونزاعات ثقافية وحضارية منذ آلاف السنين، هل هي مستعدة لاستقبال كائنات فضائية لا أحد يعلم نواياها؟