تجاوز الدين الخارجي للمغرب عتبة 300 مليار درهم (حوالى 35 مليار دولار) في النصف الأول من العام الحالي، مرتفعاً نحو خمسة ملايير (بلايين) دولار عن قيمته قبل سنة، نتيجة حاجة الخزينة إلى تمويل خارجي لمعالجة عجز الموازنة وخلل ميزان المدفوعات، والإبقاء على حجم الاستثمارات العامة المقدرة بـ20 بليون دولار (180 بليون درهم).
وأفادت إحصاءات لوزارة المال والاقتصاد بأن الدين الخارجي المغربي زاد في السنوات الأخيرة بمعدلات سريعة نتيجة تفاقم عجز الحسابات الماكرو اقتصادية (الكلية)، حيث انتقل الدين العمومي (يشمل الخزينة وشركات القطاع العام)، من 212 بليون درهم عام 2010 إلى 253 بليوناً نهاية عام 2011 ليبلغ 286 بليوناً نهاية 2012، ولم يكن يتجاوز 165 بليون درهم مطلع عام 2008.
وأشارت بيانات رسمية إلى أن الرباط اقترضت نحو 100 بليون درهم (11,7 بليون دولار) بين عامي 2009 و2013، وعليها تسديد قيمة خدمات الدين بنحو 2,5 بليون دولار سنوياً خلال السنوات الثلاث المقبلة، على أن تنـخفض الكلفة إلى بليوني دولار عام 2018.
وتمثل الديون الثنـائية وقروض المؤسـسات المالية الدولية غالبية المديونية الخارجية للمغرب، الذي اضطر في السنتين الأخيرتين إلى العودة للسوق المالية الدولية لاقتراض نحو 2,250 بليون دولار على مرحلتين لتعزيز الاحتياط النقدي، ومعالجة جزء من شح السيولة النقدية لدى المصارف التجارية.
وأظهرت المؤشرات أن قيمة الدين الخارجي باتت تمثل نحو 26 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وكانت تقدر بـ19 في المئة قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.
وبلغت خدمة الدين الخارجي 1,1 بليون دولار في النصـف الأول من الـسـنة على أن تبلغ 593 مليوناً في الربع الثـالث و741 مـليـوناً في الربع الأخير. وستبلغ النسبة 6 في المئة من مجموع الموارد العـادية للـخزينة هذه السنة.
واعتبر المصرف المركزي أن حاجة التمويل للاقتصاد المغربي ارتفعت إلى 83 بليون درهم (نحو عشرة بلايين دولار) العام الماضي، وكانت تقدر بـ64 بليوناً في 2011. وقدر «المركزي» عجز الخزينة في النصف الأول من السنة بنحو 34 بليون درهم بسبب تراجع الإيرادات 1,1 في المئة وارتفاع النفقات الحكومية 7 في المئة وخدمات الدين 11,6 في المئة، على رغم تراجع نفقات صندوق المقاصة لدعم الأسعار بنحو 7 في المئة ارتباطاً بانخفاض أسعار واردات الطاقة والمواد الغذائية.
وينتظر أن ُيصدر صندوق النقد الدولي تقريراً حول الوضع المالي والاقتصادي للمغرب قبل نهاية الصيف الجاري، ينتقد بطء الإصلاحات التي فاقمت العجز المالي، والتي قد تعيد شبح المديونية الخارجية التي كانت سبباً في أزمات اجتماعية واقتصادية كبيرة في نهاية ثمانينات ومطلع تسعينات القرن الماضي.
ووضع صندوق النقد 6,2 بليون دولار في تصرف الرباط لتجنبيها هزات مالية خارجية، لكن تلك المبالغ مشروطة بالمضي قدماً في إصلاح صناديق المقاصة والتقاعد، وهي خيارات غير شعبية وقد تكون لها مضاعفات اجتماعية.
والأكيد أن الأزمة الحكومية الحالية لا تسمح باقتراح أي إصلاح مالي أو اقتـصـادي، بانـتـظار حـسـم مـشـكل انسحاب حزب الاسـتقلال- الذي تعود إليه حقيبة المال- من حـكومة بن كيران الإسلامية. وانتظار نتائج المفاوضات مع «حزب التجمع الـوطــني للأحـرار» ذي الـمرجـعـية الليبرالية.