في الوقت الذي كان يعتقد الرأي العام المغربي بتجند مصالح الدولة القضائية والأمنية والسياسية لمواجهة التحدي الكبير الذي يشكله مجموعة من الصحراويين بزعامة أميناتو حيدر بتأسيس هيئة تعتبر المغرب دولة الاحتلال، أقدمت الدولة المغربية على تبني أجندة مختلفة وهي ممارسة تحرش غير منطقي بالجامعي والناشط الحقوقي المعطي منجب وتحاول أن تقدمه بالعنصر الخطير في دولة نخرها الفساد بشهادة الأمم المتحدة. وكان بيان غريب قد وصف تأسيس أميناتو حيدر بالأخبار المتداولة والتزم لاحقا الصمت. المعطي منجب ونظرا للضغط الممارس عليه في ملف قضائي مفتوح منذ سنة 2015 دون أدنى جلسة حتى الآن، يعلن عن إضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام لفضح هذه التصرفات التي يتعرض لها. نص البيان الذي نشره المعطي منجب في موقعه في الفايسبوك:
إضراب عن الطعام احتجاجًا على التحرش الشديد بعائلتي
معطي منجب:جامعي وصحفي، يساهم في حركة الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة
أوجه هذا البلاغ لكل أصدقائي ولكل الحقوقيين والمواطنين المغاربة العارفين بأساليب النظام في اتهام المناضلين والمعارضين والصحافيين المنتقدين بتهم حق عام خطيرة لنزع المصداقية عنهم حتى يستفرد بهم وينتقم من فضحهم للفساد والاستبداد. أبدأ بالتأكيد أني بريء تماما من كل التهم الموجهة إلي وأؤكد أنها نفس التهم التي وجهت لي سنة 2015، التغيير الوحيد هو أن تهمة النصب الذميمة تحولت بقدرة قادر إلى تهمة غسيل الأموال، ورغم أني استجبت احتراما للقضاء لكل الاستدعاءات للمثول أمام المحكمة الموقرة عشرين مرة طيلة خمس سنوات، فإن محاكمتي لم تبدأ بعد، لأن الملف فارغ تماما ولأنهم لم يجدوا من يتهمني بالنصب رغم بحثهم العنيد عن ذلك. حوَّلوا النصب إلى غسيل لأنهم متحكمون تماما في المؤسسات المالية الوطنية التي يمكنها بكل سهولة وتحت الضغط ،اتهام أي مواطن. ولأعطي دليلا واحدا على أن فتح بحث معي ومع عائلتي هو استهداف سياسي محض اخبر الرأي العام أني الوحيد من بين أكثر من مئة وسبعة حالة مشابهة الذي نشر حوله بلاغ لوكيل الملك أذيع على نطاق واسع وقرئ على شاشة التلفزة دون حتى طلب رأيي وتعليقي على الأمر. هذا تحرش دولة بكل مؤسساتها الإعلامية والأمنية والقضائية بمواطن معزول كل ذنبه أنه دافع بقوة عن معتقلي الريف السياسيين وعن الصحفيين المعتقلين ظلما وعدوانا وأنه يقول رأيه ولا يبالي بالنتائج. وعاشت الحرية.
سبب هذا الانتقام الحالي هو ذكري لمديرية مراقبة التراب الوطني الديستي كفاعل سياسي في حوارين أخيرين، بعض أصدقائي نبهوني أن هذا خطأ وأنه كان علي أن أوجه النقد إلى رجالات الدولة الأقوياء الذين يقدمون التعليمات، وليس لمن يطبقها. نعم ربما أخطأت التقدير ولكن أن يُنتقم مني ومن عائلتي بهذه الوسائل الجهنمية الظالمة من مثل التشهير الخطير والكاذب الذي نشر بكل الصحف التابعة للنظام والمتابعات اللصيقة خلال بعض الأيام بما في ذلك بالخارج وتصويري حتى بالليل ونشر صوري بالمواقع التشهيرية المعروفة ومناداتي لإزعاجي على الهاتف وإرسال سِباب وتهديدات بالواتساب وفيسبوك والتصنت على هاتفي باستمرار، وحملة شعواء للذباب الإليكتروني بالشبكات الاجتماعية بآلاف التعليقات والسباب كل أسبوع. إني لا أبالغ ومن أراد التأكد فليبحث بنفسه بالشبكة الافتراضية والصحف الورقية ويوتوب…أُعامَل وكأني حزب قائم بذاته وأنا لست إلا جامعي أعزل.
السبب الأساسي لهذا الإضراب عن الطعام الاحتجاجي هو الضغط المستمر على عائلتي. وأؤكد هنا أن عائلتي لا دخل لها في أنشطتي الحقوقية وكتاباتي المنتقدة بشكل دائم وإن معتدل للاستبداد والفساد. عار عليكم أن تتحرشوا أمنيا بامرأة عزلاء وغير مُسيّسة هي أختي. أين المروءة؟ أختي التي استدعيت أربع مرات من لدن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وهي أخطر بوليس سياسي بالمغرب. أختي التي قضت ساعات طويلة بمقر الفرقة لاستنطاقها. أختي التي أصبحت سيارة الأمن الرسمية تقضي الساعات الطويلة أمام منزلها بحي شعبي لإثارة الشبهات حولها. أختي مريضة جدا بالسكري ولم يقبل الأمنيون الذين أتوا للبحث عنها أخذ شهادة طبية لثلاثة أيام راحة، رغم أنها استجابت لاستدعاء الفرقة الوطنية ولاستنطاقاتها اللامتناهية. أختي التي بسبب الضغط والإرهاب الذي تعانيه ويعانيه أطفالها أصيبت بنزيف حاد يوم السبت ورغم ذلك استدعيت من جديد للمثول أمام الفرقة يوم الاثنين.
أريد أن ألفت انتباه الرأي العام إلى أن فرقة الأمنيين المتابِعين لملفي قد اكتشفوا أن نقطة ضعفي هي أسرتي، وذلك بعض أن اضطرت ابنتي القاصر مغادرة المغرب منذ سنة ونصف بسسبب الضغوط الممارسة ضدي وهي في عمر ستة عشرة سنة لتعيش بعيدا عني وعن أمها. ولهذا مروا منذ بداية هذه السنة للتحرش بأفراد أسرتي الآخرين. هكذا أعلنت أوائل يناير 2020 جريدة الأحداث المغربية ذات التوجه الأمني إلى أن زوجتي قد ترامت عن 800 مليون مع إرفاق المقال الكاذب بصورتي وعلى الصفحة الأولى. وقد أعادت نشر محتوى هذا المقال التشهيري الكثير من صحف المخابرات. فلماذا لم تعتقل زوجتي ولم تحاكم إذا كان هذا صحيح؟ وفي الحقيقة كان ذلك انتقاما من مقال نشرتُه أياما قليلة قبل هجوم الأحداث عني، وكان عنوانه الأمن السياسي يخبط خبط عشواء، أو شيء من هذا القبيل، حيث أشرت فيه إلى قضية اعتقال هاجر الريسوني والاعتقال الأول لعمر الراضي، وكيف أن النظام فشل فشلا ذريعا في تدبيرهما الإعلامي حتى اضطر إلى إطلاق سراحهما. يحاول بعض أعضاء النظام عبر الإعلام تأليب موظفي الأمن ضدي، وهنا أعيد ما قلته في السابق أن الأغلبية الساحقة لرجال الأمن أبناء الشعب حقيقيين ويعملون ليل نهار للسهر على أمن المواطنين، وأنهم يعانون لأجورهم الهزيلة، ومع ذلك يتصدون للإرهاب بكل وطنية. أنا أنتقد ولكن بكل احترام القطاع الأمني الصغير الذي يعمل بالإعلام والسياسة، لأن هذا ليس عمله، وهذا نشاط لا دستوري. السياسة يمارسها السياسيون وزعماء الدولة والإعلام يسهر عليه الصحفيون، إذ أن العمل اللاقانوني بالإعلام والسياسة يضر بسمعة الأمن وبثقة الشعب فيه.
رغم إصابتي أنا نفسي بمرض القلب ومرض السكري ومرض هزال العضلات فإني قرّرت، ولقلة حيلتي، خوض هذا الإضراب الإنذاري لثلاثة أيام، حتى يتوقف التحرش الأمني-القضائي بأختي، وحتى تتوقف الحملة التشهيرية الكاذبة ضدي وضدها بالمواقع الأمنية مثل شوف تيفي وبرلمان كوم والأحداث المغربية ولو 360…
وإذا لم يُستجب لهاته المطالب الإنسانية البسيطة فإني سأكون مضطرا لخوض إضراب مفتوح عن الطعام، فالحرية وقيمة الكرامة والحياة عندي سواء.